مخدوعون أناس بسطاء دفعوا عدة آلاف من الدولارات لقاء وعد غامض بالهجرة، وظلت المجموعة تعاني من الموت عطشا حتى اكتشفتهم بالمصادفة يعبرونها الآن جوعا وغرقا . والمحيط الهندي الذي أصبح يشهد أحفاد السندباد هم ضائعون يبحثون عن مأوى وسط خريطة الوهم، حرب فيتنام، حين طفا فوق الموج كل من يبحث عن مأوى وكل هارب وجد أن الموت غرقا أهون من الانتظار المهين. يدفع بأبنائه قسرا إلى أنياب الغربة والحياة الهامشية والموت في الصقيع، لا يقتصر الأمر على بلد معين، ولا على نظام سياسي بعينه ولكن العرب أصبحوا هاربين من كل البلدان ومن مختلف أنواع الأنظمة، يسلكون كل السبل سواء أكانت قانونية أم غير قانونية العبور الحدود من ذلك الوطن الذي كان يُعتقد أنه يمتد من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر، فإذا به أضيق من سمّ الخياط ، وسع الخياط هو باب من أبواب القدس القديمة لم يكن يعبره الجمل إلا إذا أنزلوا كل ما عليه من أحمال وهكذا بات على العربي المعاصر أن يترك خلفه كل شيء. وأن يذهب أعزل إلا من ثيابه وقومه إلى عالم آخر لا تحكمه هذه النظم فقد كنا نعتقد أن عالمنا العربي تحكمه أنظمة متباينة ومختلفة بعضها عن بعض، وفي الوقت الذي التغيير على كل مكان في العالم، تغرق فيه بعض الأنظمة العربية في جمودها، وترفض التنازل عن أي جزء من حقها الإلهي في الإمساك بمصائر العباد تهب فيه ريح وسواء أكان الحاكم العربي تحت الحصار أم خارج الحصار فهو يقوم بالتصرفات نفسها ، دون أن يكف عن التبجح بأنه يملك أفضل نظام ديمقراطي في هذه المنطقة.