يقوم الجسم في حالة الالتهاب عموماً بإنتاج المزيد من خلايا الدم البيضاء وبروتينات مناعية كدفاع ذاتي يقوم به ضد العدوى والأجسام الغريبة التي تدخل إليه مثل البكتيريا والفيروسات، ولكن في بعض الحالات المرضية يقوم الجسم بتلك الاستجابة المناعية من دون تعرضه لعدوى خارجية وتعرف تلك الحالات بـ«أمراض المناعة الذاتية» التي تؤدي بجهاز المناعة إلى إتلاف أنسجته الذاتية حيث يتعامل الجسم مع تلك الأنسجة على أنها تعرضت للعدوى أو أن بها شيء غير طبيعي.تعتبر بعض أنواع التهاب المفاصل من أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل النقرسي، ومن أكثر أنواع التهاب المفاصل شيوعاً «التهاب المفاصل التنكسي» وهو تنكس أو تراجع في المادة الغضروفية المحيطة بالمفاصل وخصوصاً مفاصل الفخذ والركبة والإبهام بالإضافة إلى تنكس في حالة العظام، ويعتقد بأن هنالك أسباباً أخرى لهذه الحالة غير الالتهاب، كما توجد أنواع أخرى من آلام المفاصل لا علاقة لها بالالتهاب مثل ألم عضلات أسفل الظهر، ومرض فيبروميالغيا (ألم مزمن بكامل العظام والعضلات بالجسم)، أما آلام المفاصل الناتجة عن الالتهاب فإنها تكون مصحوبة ببعض الأعراض مثل احمرار وتورم حول المفصل مع ألم وتيبس بتلك المنطقة وصعوبة تحريك المفصل، كما يشعر المريض بأعراض تشبه الإنفلونزا مثل ارتفاع درجة الحرارة، والإرهاق وقلة النشاط، والآلية التي تحدث بها الأعراض هي أن الجسم يشعر بوجود الالتهاب فيفرز مواد كيميائية في الدم أو الأنسجة المصابة، فيتدفق الدم إلى المنطقة المصابة وينتج عن ذلك احمرار وسخونة، ويحدث في بعض الأحيان أن تتسبب تلك الإفرازات الكيميائية في تسرب بعض السوائل إلى الأنسجة المصابة فتظهر على شكل تورم بها، ويتم نتيجة كل ذلك تحفيز الأعصاب فيشعر الشخص بالألم، كما يتم استجلاب خلايا الدم الحمراء إلى منطقة الالتهاب فيؤدي مضاعفة أعدادها بتلك المنطقة إلى تآكل الغضروف المفصلي وتورم البطانة (الغشاء الزليلي)، ويمتد تأثير الالتهاب في بعض الأحيان إلى الأعضاء بالجسم وتختلف الأعراض باختلاف العضو الذي طاله الالتهاب، فعندما يصل الالتهاب إلى القلب (التهاب العضلة القلبية) فإنه يحدث ألماً بالصدر أو احتباس السوائل بالجسم، ومن الالتهابات الأخرى التي تحدث في الأعضاء التهاب القصيبات الذي ينتج عنه ضيق بالتنفس، أوالتهاب الكلية الذي يتسبب في ارتفاع ضغط الدم أو الفشل الكلوي، أو التهاب العين (التهاب القزحية أو العنبية) الذي يؤدي إلى آلام أو تراجع النظر، أو التهاب العضلات الذي يشعر المريض بالألم والوهن، أو التهاب الأوعية الدموية الذي يسبب الحكة والصداع وأحياناً إتلاف أحد الأعضاء الداخلية، ويعتبر الألم هنا عرضاً غير رئيسي حيث إن معظم الأعضاء الداخلية لا توجد بها أعصاب حساسة للألم، ومن أكثر المفاصل تعرضاً للالتهاب مفصل الرسغ، ومفاصل أصابع اليدين والرجلين،توجد بعض العوامل التي تجعل الشخص أكثر عرضة من غيره للإصابة بالمرض، مثل:التاريخ العائلي: بعض أنواع التهاب المفاصل يكون وراثياً، فإذا وجد لدى أحد الوالدين أو الأشقاء فإن الشخص يكون أكثر عرضة للإصابة به عند توفر العوامل البيئية التي تساعد على ظهور الحالة.العمر: معظم أنواع التهاب المفاصل تزيد مع تقدم العمرالنوع: تعتبر النساء أكثر عرضة من الرجال للإصابة بمرض التهاب المفاصل الروماتويدي مع تقدم العمر، أما في حالة التهاب المفاصل النقرسي فإن الحالة تسوء لدى الرجال أكثر عن النساء مع تقدم العمرجرح سابق بالمفصل: الشخص الذي تعرض لجرح في المفصل، لاحقاً يكون عرضة للإصابة بالالتهاب في المفصل ذاته.البدانة: يعتبر الوزن الزائد حمولة زائدة على المفاصل خصوصاً مفاصل الركبة والعمود الفقري والفخذ، لذلك الشخص البدين أكثر عرضة من غيره للإصابة بالتهاب المفاصل.يتم فحص الالتهاب بالمفصل أولاً عن طريق معاينة المفصل للكشف عن التورم والاحمرار والسخونة واختبار حركته، وربما يطلب المريض بعض الفحوصات الأخرى مثل فحص عينات البول والدم وسائل المفصل، أو الفحص عن طريق الأشعة السينية لتصوير كتلة الغضروف وحالة العظم ويصلح هذا الفحص لمتابعة الحالات المتقدمة من المرض حيث إنه لا يظهره في بداياته، والتصوير المقطعي المحوسب (CT scan) لفحص العظام والأنسجة الرخوة المحيطة بها، والرنين المغناطيسي الذي يعطي صورة مفصلة للأنسجة الرخوة مثل الغضاريف والأوتار والأربطة، والموجات فوق الصوتية التي تكشف عن حالة الغضاريف والهياكل التي تحتوي على السوائل مثل «الأجربة» كما تعمل تلك التقنية على تحديد المكان الصحيح للحقن، وتقنية التنظير وهي إدخال أنبوب صغير مرن إلى المفصل عبر فتحة صغيرة بجانبه لإعطاء صورة عما بداخل المفصل.يتم العلاج عن طريق الأدوية والرياضة وأحياناً العمليات الجراحية لتصحيح تلف المفصل، وعمر المريض، وشدة الأعراض، وتخفيف الألم، والحفاظ على حركة المفصل وقوة العضلات عن طريق العلاج الطبيعي والتمارين الرياضية، تقليل الضغط على المفصل المصاب باستخدام المعينات الحركية مثل الجبائر والعصا والدعامات، وبعض أنواع العقاقير الكيميائية، والعلاج البيولوجي، وهي عقاقير يستخدم بعضها في علاج الأمراض الأخرى مثل السرطان والتهاب الأمعاء وما بعد زرع الأعضاء. والمعلبات، وما ينصح به هو تناول الأسماك الغنية بأوميغا 3، حيث وجدت دراسة نشرت نتائجها بحوليات أمراض الروماتويد، أن النساء اللاتي تناولن الأسماك بانتظام كن أقل عرضة للإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي، وينصح بتناولها مرتين أسبوعياً، كما يفيد أيضاً الكركم لاحتوائه على مركب يسمى «كركمين» يحارب الالتهابات، وتقول احدى الدراسات التحليلية التي نشرت عام 2012، إن الكركم له فائدة عظيمة في السيطرة على الأمراض المزمنة الناتجة عن التهاب المفاصل، واستخدمه الشعب الهندي منذ زمن بعيد في علاج الالتهابات.تتشابه أعراض التهاب المفاصل مع أعراض الإنفلونزا ولكن إذا كانت الأعراض مثل الألم وتيبس المفصل وارتفاع درجة الحرارة من غير سبب معروف فإنها تدل على إصابة الطفل بالتهاب المفاصل، كما أن كثيراً من الأطفال يشتكي من آلام بأحد المفاصل من حين لآخر وهي ظاهرة غامضة بين فئة الأطفال ويفسرها البعض على أنها «آلام النمو»، وبما أن الأطفال في جميع مراحلهم العمرية معرضون إلى الإصابة بمختلف الالتهابات الروماتيزمية فلا يجب إهمال تلك الأعراض حتى وإن كانت غير مستمرة، ويجب عرض الطفل على الطبيب حتى يتم التدخل مبكراً لنجنب الطفل تلف المفاصل،