السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مساكم الله بالخير. نسأل الله أن يفتح عليكم، ويبارك فيكم، ويسعدكم، ويصلحكم. نستكمل اليوم المجلس الثاني، متناولين النصف الثاني من سورة القيامة، بعد أن توقفنا عند النصف الأول في المجلس الماضي. تحدثنا حينها عن أحوال الناس يوم القيامة، وركزنا على الكافرين والمعرضين عن دين الله، وما يحدث لهم. اليوم، نبدأ بقوله تعالى: "كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة". هذا يوضح سبب تقديم الدنيا على الآخرة، وتقديم الرغبات الذاتية على ما بعد الموت (الجنة أو النار). مثال ذلك: تأخير الصلاة من أجل اللعب أو التجارة. يجب أن يكون نظرنا دائماً للآخرة، وأن نقدم الأجل على العاجل. يصف الله سبحانه وتعالى حال الناس يوم القيامة بحالين: الأولى: "وجوه يومئذٍ ناضرة إلى ربها ناظرة"، وهؤلاء ينظرون إلى وجه الله، وهذا أعظم نعمة. الثانية: "وجوه يومئذٍ باسرة تظن أن يُفعل بها فاقرة"، وهؤلاء هم الكافرون والظالمون، وهم يدركون عذابهم القادم. ليس الإنسان من يختار الجنة أو النار، بل باختياره يسعى لتحقيق أسبابها بالتوكل والاستعانة بالله. ثم يذكر الله تعالى: "كلا إذا بلغت التراقي"، وهذا يدل على أهمية العمل قبل الموت، واستحضار لحظة الموت ومفارقة الدنيا، وأن نجعل أهدافنا مرتبطة بالآخرة. يصف الله تعالى حال الكافر عند الموت: "والتفت الساق بالساق"، روحه تنتزع بشدة، على عكس المؤمن. ثم يصف الله حال المكذبين: "فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى"، ويقول لهم: "أولى لك فاولى"، وأن الله لا يظلم أحداً، بل الناس يظلمون أنفسهم. يذكر الله تعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، وأن خلقه ليس عبثاً، بل ليعبد الله. يجب على الإنسان أن يعمل من أجل الآخرة، وأن يجعل همه الدّار الآخرة، فالحياة الدنيا قصيرة مقابل الآخرة الأبدية. يجب أن نراجع أنفسنا، هل نسير على الطريق الصحيح؟ هل نعمل من أجل الدنيا أم الآخرة؟ نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة، وأن يجعل هذا المجلس حجة لنا لا علينا. صلّى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.