قيمة هذه النظم التى ترجع الى اصول غريزية راسخة في كل نفس انسانية : ولكنبه في حقيقة الامر تغاضى عنها وتجاهلها حبا في مثاليته ، فبحث عن الامور التي تشغل الحارس فتحول بينه وبين أداء واجبه على أكمل وجه . فتبين له ان أهم هذه الشواغل في حرصه على الملكية وحبه للاسرة . وهذا ما دعاه الى تحريم الملكية على الحراس لانه رأى فى اباحة الملكية ما يدفعهم الى التهالك على جمع الثروات واستغلال مراكز هم اسوا استغلال، هذا إلى ما في نظام الملكية من عيوب كثيرة لانه يقسم المجتمع الى اغنياء وفقراء ، فكأنه لا يرى من الغاء الملكية الى تشريع اقتصادي ولكنه يرمى الى غايات سياسية . وحرم على الحراس كذلك الاستمتاع بحياة الاسرة لان شواغل هذه الحياة وعواطفها تحول دون قياس الحارس بواجبه . فقد يذهب الى ساحة القتال وهو مشغول بمن يرعاهم ويكفل حاجاتهم فيوزع جهوده بین مصانحه الخاصة وبين اداء واجبه العام : هذا إلا أن أفلاطون كان دائما يغالى فى طلب الكمال . فتراه يخفف من اتجاهه الى الشيوعية ونراه يشيد بفضل الاسرى ويدعو الى تعزيز الروابط العائلية وينادي بعدم تقييد الزواج بأى الزام اجتماعي أو دينى ( لان الامزجة يجب أن تختلط في الدولة كما يختلط الشراب فى الكوب ) ولا يرى ضيرا فى تدخل الدولة للاشراف على الشئون الأسرية وتنظيمها وصونها من الانهيار، فهى الدستور غير المدون الذي لا يقل شأنا في حياة المجتمع من الدستور المكتوب .