شهقت ضيعتنا مدهوشة لما علمت ان عمر القاسم قد صار وزيراً، اذن عمر القاسم صار وزيراً، قال لنا ان اسمه عمر القاسم وهو معلم المدرسة الجديد. وقال واحد من اهل الضيعة: (( يجب ان نذهب الى دمشق لتهنئته)). قال اخر بحماسة: ((سنذهب كلنا. ران الصمت حينا ثم قال رجل عجوز: ((يكفي ان يذهب واحد منا ويهنئه باسم الضيعة، فليذهب مثلاً ابو فياض)). - ((وانت تتقن الكلام حتى مع الملوك)). ونظر عمر بحب الى الاولاد المتسمرين على المقاعد وقال لهم: ((انا معلمكم الجديد، وقلنا لابي فياض: ((لا فائدة في التهرب، ستذهب الى دمشق وتقابل عمر وتهنئه)). وقال مختار الضيعة لعمر: ((يا استاذ. قال عمر: ((لماذا اذهب مادمت لا اعرفه وهو لا يعرفني؟)). فكل ما تراه عينك من أراضٍ في الضيعة ملكه)). وقال اهل الضيعة لابي فياض: ((قل لعمر اننا مازلنا جياعاً)). - ((حدثه عن القمل الذي يأكلنا)). انت دائم السهر مع فلاحي الضيعة ولا يليق باستاذ مثلك ان يسهر معهم، قال رئيس المخفر: ((وانت تكلمهم كلاماً اذا سمعه الاغا فسيزعل، من المناسب ان يأخذ ابو فياض معه هدية لعمر)). - ((هذه هدية لا تليق بوزير)). قال ابو فياض: ((افضل هدية هي سلة من كرز ضيعتنا، فأثنينا جميعا على رأي ابي فياض. وقال لنا: ((كيف تقبلون بحياة الذل؟)). وكنا نحن الفقراء جسداً واحداً مرتجفاً مبتهجاً ينادي ايام كنا نتصنت لكلام عمر مبهورين فكأنه عاش امداً في قلوبنا وقلوب موتانا. وقال لنا عمر قبل ان يصعد الى الباص: ((الاغا صاحب نفوذ وجاه في دمشق، ظل ابو فياض ساكتاً كأنه اصم، ووضع سلة الكرز على الارض وتكلم بصوت اجش، ثم مشى متجها الى بيته، وقلنا له: ((تكلم، قال ابو فياض: ((عمر مات)).