تقنية (النّانو) (النّانو تكنولوجي)( ) لا يقف أبدًا؛ ومحور اهتمامه، وغدت في طليعة المجالات الأكثر أهميّة في الفيزياء والكيمياء والأحياء والهندسة والطبّ وغيرها. وتعني القزم، وأمّا تقنية (النّانو)، و(النّانومتر) هو وحدة قياس تساوي 10-6 ميلليمتر أو10-9 مترًا. لتكوين شبكة بلوريّة؛ تاريخ تقنية (النّانو): أحد أقدم التّطبيقات لهذه التّقنية، وقد استخدم في صناعته جسيمات (نانو) من الذّهب تمّ خلطها بالزّجاج. كما كان العرب والمسلمون من أوائل الشّعوب الّتي استخدمت هذه التّقنية -دون أن يدركوا ماهيتها؛ ويصنع من الفولاذ بطريقة خاصّة، ويحتوي تراكيب لأنابيب بأحجام (نانويّة) داخل الفولاذ، تشبه الأنابيب الكربونيّة (النّانوية) الّتي يوظفها المصمّمون في التّقنيات الحديثة؛ وكان صانعو الزّجاج في العصور الوسطى يستخدمون حُبيبات الذّهب (النّانوية) الغرويّة للتّلوين، كما اعتمدت تقنية التّصوير الفوتوغرافيّ -منذ القرن الثّامن عشر الميلاديّ-إنتاج فيلم أو غشاء مصنوع من جُسيمات فضّيّة (نانويّة) حسّاسة للضّوء. وعلى الرّغم من أنّ تقنية (النّانو) حديثة نسبيًّا، فإنّ وجود أجهزة تعمل وفق هذه التّقنية ليس بالأمر الجديد؛ فمن المعروف أنّ الأنظمة (البيولوجيّة) في الجسم الحيّ تقوم بتصنيع بعض الأجهزة الصغيرة جدًّا، فالخلايا الحيّة تعدُّ مثالًا مهمًّا لتقنية (النّانو) الطّبيعيّة، إذ تُعدّ الخليّة مستودعًا لعددٍ كبيرٍ من الآلات البيولوجيّة بحجم (النّانو). ومن الأنظمة (الميكرويّة) المعروفة الأنظمة (الكهروميكانيكيّة الميكرويّة)؛ مثل: طابعات الحبر النّفّاثة. وهذه المادّة تعطي عمرًا طويلًا للأجهزة، فتعود إلى عام 1867، عندما أجرى الفيزيائيّ الإسكتلنديّ (جيمس ماكسويل) تجرِبة ذهنيّة تعرف باسم: عفريت (ماكسويل)، - وفي عام 1974 أطلق الباحث اليابانيّ (نوريو تاينغوشي) تسميّة المصطلح تقنية (النّانو). لكشف الذّرات المنفردة، وقياسها بأعلى مستويات الدّقة والتّحكم، - وفي عام 1981 اخترع الباحثان السّويسريان: (جيرد بينغ) و(هنريك روهر) جهاز المجهر النّفقيّ الماسح، وقد مكّن هذا المجهرُ العلماءَ لأوّل مرّة من التّعامل المباشر مع الذّرات والجزيئات، وتصويرها وتحريكها؛ - عام 1986 ألّف (إريك دريكسلر) "محرّكات التّكوين"، مثل: صنع محرّكات ومركّبات (نانويّة) تستطيع نسخ نفسها، ولا يمكن الحدّ من انتشارها، كما بسط فيه الفِكَر الأساسيّة لتقنية (النّانو)، - عام 1991 اكتشف الباحث اليابانيّ (سوميو ليجيما) أنابيب الكربون (النّانوية). لأنّ الذّرّة هي وحدة البناء لكلّ الموادّ. - إنّ الخصائص الفيزيائيّة والكيميائيّة للمادّة عند مقياس (النّانو) تختلف عن الخصائص للمادّة نفسها في الحجم الطبيعي؛ يستفاد منها في الكثير من الاختراعات والمجالات التّطبيقيّة. - إمكانيّة التّحكم بالذّرّات في صنع الموادّ والآلات، فتصبح خصائص المواد والآلات أفضل، فكتلتها ضئيلة جدًّا، إلى الحدّ الّذي يمكن إهمالها، بل إنّ النّواة ذاتها غير متراصّة، واستغلّت تقنية (النّانو) هذا الفراغ الّذي سمح بإعادة هيكلة الذّرات والجزيئات وتشكيلها؛ ووفق طبيعة تركيبها وتفاعلاتها الدّاخلية؛ لأمكن الحصول على موادّ جديدة، أو بتعبير أدقّ: تراكيب من المادّة نفسها، لكنّها ذات خواصّ تختلف عن تلك الموجودة في المادّة الأصليّة من حيثُ: الصّلابة وخفّة الوزن ومقاومة التّآكل والظّروف الجويّة والبيئيّة المختلفة، وزيادة عدد الذّرّات السّطحية بشكلٍ كبيرٍ؛ مما يؤدّي إلى تغيير خواّص التّركيب (النّانوي) مقارنة بما هو أكبر منه. خواصّ المواد (النّانوية): يمكن القول إنّ المواد (النّانوية) هي: تلك الفئة المتميّزة من المواد المتقدّمة الّتي يمكن إنتاجها؛ إذ تتراوح مقاييس أبعادها أو أبعاد حبيباتها الدّاخليّة بين 1 نانومتر و100 نانومتر، وتختلف باختلاف نسبها، كأن تكون موادّ عضويّة أو غير عضويّة طبيعيّة أو مُخلّقة. 1- الخواصّ (الميكانيكيّة): ترتفع قيم الصّلابة للمواد الفلزيّة وسبائكها، وكذلك تزيد مقاومتها لمواجهة إجهادات الأحمال المختلفة الواقعة عليها؛ والتّحكّم في ترتيب ذراتها. 2- درجة الانصهار: تتأثّر قيم درجات حرارة انصهار المادّة بتصغير أبعاد مقاييس حبيباتها. 3- الخواصّ المغناطيسيّة: تعتمد قوّة المغناطيس اعتمادًا كليًّا على مقياس أبعاد حبيبات المادّة المصنوع منها المغناطيس، وكلّما صَغُر حجم الجسيمات (النّانوية) وتزايدت مساحة أسطحها الخارجية- وبوجود الذّرّات على تلك الأسطح- زادت قوّة المغناطيس وشدّته. 4 - الخواصّ الكهربائيّة: إنّ صغر أحجام حبيبات الموادّ (النّانوية) يؤثر إيجابًا على خواصّها الكهربائيّة؛ لأنّها ذات مواصفات تقنية عالية. تطبيقات (النّانو تكنولوجي): وهي خلاصة ما يهمّ من هذه التّقنية، تطبيقات (النّانو تكنولوجيّ) في الطّبّ: وأصبحنا نعيش عصر التّقنية الطّبيّة (النّانوية)؛ فمثلًا: تقدّم تقنية (النّانو) طرائق جديدة لحاملات الدّواء داخل الجسم، ويمكن بواسطة هذه التّقنية تصوير خلايا الجسم بسهولة، إذ يتم طلاء هذه الأسلاك بأجسام مضادّة مصنّعة تلتصق بالجسيمات الحيويّة (DNA). لأنّها أصغر من حجم خلية السّرطان بنحو مائة وسبعين مرّة، نظرًا لصغر الأغلفة (النّانوية) بالنسبة للخلايا، وتركّزها على الخلايا المريضة فقط. والفضّة قادرة على قتل ستمائة وخمسين جرثومة (ميكروبيّة) دون أن تؤذي جسم الإنسان. وسوف تحلّ هذه التّقنية كثيرًا من مشكلات البكتيريا المقاومة للمضادّات الحيويّة الّتي أحدثت طَفْرَات تحول دون تأثير المضادّ الحيويّ على هذه البكتيريا؛ ممّا يسمح للماء بالدّخول إلى داخل الخلايا فتقتل. تمّت صناعة (روبوت) صغير بحجم (النّانومتر) يستخدم كمساعد للأطباء في العمليات الجراحيّة الحرجة والخطرة، إذ يستطيع الطّبيب التّحكّم في (الروبوت) بواسطة جهاز خاصّ، كما تمّ تصنيع نسيج طبيّ شفّاف من البروتين، يستخدم لتغطية الجروح وتعقيمها وتسريع التئامها ثمّ يذوب ويختفي. تطبيقات (النّانو تكنولوجيّ) في مجال الصّناعة: لتحسين الصّناعة في هذا المجال؛ وذات مرونة عالية، إضافة إلى خفّة الوزن. وتتسم القطع المحسنّة المستخدمة في صناعة الأجزاء الدّاخليّة بأنّها تقلّل من استهلاك الوقود، وذلك باستخدام نوعٍ معينٍ من جسيمات (النّانو) يعرف (بالزّجاج النّشط)، إذ إنّ هذه الجسيمات تتفاعل مع الأشعّة فوق البنفسجيّة فتهتزّ؛ وهو ما برر تسميته لاحقا بـ (الزّجاج ذاتيّ التّنظيف). صناعة المنتجات الرّياضيّة: تستخدم تقنية (النّانو) في هذا المجال بشكل عام لهدفين: أوّلهما: تقوية الأدوات الرّياضيّة، وأخفّ منه بستّ مرّات. صناعة الدّهانات والأصباغ: إذ تتميّز هذه الدّهانات بأنّ لها القدرة على مقاومة الخدش والتّآكل والتّفتّت؛ مما يجعلها مناسبة لطلاء السّفن والمراكب. كما أنّها تتميّز بوضوح ودقّة عاليين، وبالنّسبة لحجمها، فهي تتميّز بقلّة سماكتها وخفّة وزنها. مما يجعل هذه الثّلّاجات تحافظ على جودة الطّعام لفترة أطول. فتعقّم الملابس وتحميها لمدّة ثلاثين يومًا. التّرانزستور): ومن شأن هذه المضاعفة الضّخمة أن تضاعف قدرات الحاسوب، الحسّاسات: تتميّز الحسّاسات (النّانويّة) بنقيض خصائص الحسّاسات التّقليديّة، إضافة إلى انخفاض تكلفة إنتاجها. تطبيقات (النّانو تكنولوجيّ) في المستقبل: ويمكن الاستفادة منها؛ إذ يمكننا الوصول إلى تطبيقات أكثر سرعة وتعمل على زيادة سهولة حياتنا اليوميّة. يتمّ التّفكير -حاليًّا- في تصنيع أجهزة (نانويّة) ذات خصائص (ميكانيكيّة) وكهربائيّة تحلّ بديلًا لخلايا الدّم الأصليّة، وتقوم بجميع وظائفها، إذ تجرى البحوث الآن لاستبدال أعضاء (نانويةّ) ببعض الأعضاء الّتي تؤدّي وظائف حركيّة كالعظام والعضلات والمفاصل. الأخطار المحتملة في التّعامل مع تقنية (النّانو): على الرّغم من التّطبيقات الواسعة لتقنية (النّانو) في الوقت الحاضر، ومن ناحية أخرى، ثمّ وصولها إلى المخّ. ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّه لا يوجد قوانين محدّدة وواضحة تحدّد الأضرار والأخطار النّاتجة عن استخدام الموادّ (النّانويّة)، ولقد أشارت بعض الدّراسات إلى أنّ الجسيمات (النّانويّة) عند استنشاقها يمكن أن تُحدِث التهابًا في الرّئتين أكثر ممّا تُحدِثه الجسيمات ذات الحجم الكبير من النّوع نفسه، وأنّ الجسيمات (النّانوية) قد تسببّت في موت بعض القوارض، وأنّ زيادة تركيز الجسيمات (النّانويّة) في الهواء سوف يؤدّي إلى زيادة انتشار الأمراض والوَفَيَات، وعلى العموم فلا بدّ للعاملين في تقنية (النّانو) من أن يحتاطوا ؛ أو ملامستها لجلد الإنسان. وخدمة البشريّة،