أنا رجل يمشي إلى الخمسين (۱)، إن باب الإصلاح أمامك أنت يا بنتي، وعملت على دخوله صلحت الحال. وما رأى شاب فتاة إلا جردها بخياله من ثيابها ثم تصورها بلا ثياب . والوصمة على جبينك، ويقول: شاب ضل ثم تاب، ولو أنك إذ لقيته نصبت له صدرك، وإذا بلغت به الوقاحة أن ينال منك بلسان أو يد نزعت حذاءك من رجلك ونزلت به على رأسه، لرأيت من كل من يمر في الطريق عوناً لك عليه، والبنت مهما بلغت من المنزلة والغنى والشهرة والجاه، وربة بيت سواء في ذلك الملكات والأميرات وممثلات هوليود ذوات الشهرة والبريق الذي يخدع حتى الذي يغوي البنت الشريفة بوعد الزواج، إن هي غوت وسقطت تركها وذهب - إذا أراد الزواج - فتزوج غيرها من الشريفات، وأم بنته امرأة ساقطة ! . وأن تكون لعبة بين يديه، طلب من تكون زوجته على سنة الإسلام . فكساد سوق الزواج منكن يا بنات لو لم يكن منكن الفاسقات ما كسدت سوق الزواج ولا راجت سوق الفجور. فالفن جماعات منكن من الأديبات والمتعلمات ومدرسات المدرسة وطالبات الجامعة تعيد أخواتكن الضالات إلى الجادة، فإن كن لا يحذرنه فخاطبنهن بلسان الواقع، ولكن هل يدوم عليكن الصبا والجمال؟ ومتى دام في الدنيا شيء حتى يدوم على الصبية صباها وعلى الجميلة جمالها؟ فكيف بكُن إذا صرتن عجائز محنيات الظهور، مجعدات الوجوه ؟! من يهتم يومئذ بكن؟ ومن يسأل عنكن؟ أتعرفن من يهتم بالعجوز ويكرمها ويوقرها ؟ أولادها وبناتها، ومتوجة على عرشها على حين تكون الأخرى . وأمثال هذا الكلام لا تحتجن إلى من يدلكن عليه، ولا تعد من وسيلة إلى هداية أخواتكن المسكينات الضالات، فإن لم تستطعن ذلك معهن فاعملن على وقاية السالمات من مرضهن، ولكن أن ترجعن إلى الخير خطوة خطوة، إنكن قصرتن الثياب شعرة شعرة، ولم يعملها المجوس الذين نقرأ أخبارهم في التاريخ، إلى حال تأباها الحيوانات . وأمثال هذا كثير لا يدفع في يوم واحد، ولو وجدناه الآن طويلاً ، والاختلاط غير السفور، إن كان لا يتحقق بكشفه الضرر على الفتاة والعدوان على عفافها فأمره أسهل، ولعله أهون من هذا الذي نسميه في بلاد الشام حجاباً، وكان ستره عند خوف الفتنة واجباً. وليس يلزم من السفور أن تختلط الفتاة بغير محارمها، وأن تستقبل الزوجة السافرة صديق زوجها في بيتها، أو لقيته في الشارع وأن تصافح البنت رفيقها في الجامعة، وركب في كل الميل إلى الآخر، أن يغيروا خلقة الله ، وإعطاء نفوسهم حظها من لذة النظر، وما يأملون به من لذائذ أخر ؛ ولكنهم لم يجدوا الجرأة على التصريح به، فلبسوه بهذا الذي يهرفون به من هذه الألفاظ الطنانة التي ليس وراءها شيء : التقدمية، والفن والحياة الجامعية والروح الرياضية، إن في أوروبا وفي أميركا، كما قرأنا وحدثنا من ذهب إليهما أسراً كثيرات لا ترضى بهذا الاختلاط ولا تسيغه، وأيقنوا بسلامتها من الفحش والفجور، ويهذب الخلق، وينزع من النفس هذا الجنون وأنا أحيل في الجواب على من جرب الاختلاط في المدارس روسيا التي لا تعود إلى ألم ترجع عن هذه التجربة لما رأت فسادها ؟ وأميركا، ألم تقرؤوا أن من جملة مشاكل أمريكا، لأني أحرمهم من لذائذ ما صدقوا أنهم قد وصلوا إليها حقاً،