عصر النهضة بدأ في إيطاليا، وينتشر إلى بقية أوروبا من القرن السادس عشر، وشُعر بنفوذها في الفلسفة والأدب والفن والموسيقى والسياسة والعلوم والدين، وغير ذلك من جوانب التساؤلات الفكرية. علماء عصر النهضة استخدموا الأسلوب الإنساني في الدراسة، 15] بحث إنسانيو عصر النهضة مثل بوجيو براشيوليني في المكتبات الرهبانية الأوروبية عن الأدب اللاتيني، والنصوص التاريخية والخطابية للعصور القديمة حيث ولّد سقوط القسطنطينية(عام 1453) موجات لجوء للعلماء اليونانيين جالبين معهم مخطوطات باليونانية القديمة، سقط الكثير منها في المجهول في الغرب. كان في تركيز علماء عصر النهضة على الأدب والنصوص التاريخية ، على الرغم من ذلك، حدث هناك تغير دقيق في الطريقة التي اقترب بها المثقفون إلى الدين مما انعكس ذلك على المجالات المختلفة في الحياة الثقافية. العديد من الأعمال اليونانية المسيحية، بما في ذلك العهد اليوناني الجديد، أعيدت من بيزنطة إلى أوروبا الغربية وقد اشترك فيها علماء الغرب وللمرة الاولى منذ أواخر العصور القديمة. وقد تسبب هذا الانشغال الجديد بالأعمال المسيحية المكتوبة باليونانية بعد عودة الفنون إلى الكلاسيكية بفترة طويلة كما في أعمال النحات نيكولا بيسانو، سعى رساموا فلورنسا بقيادة مازاتشو إلى إظهار شكل الإنسان بطريقة واقعية، لفهمها بعقلانية. في 1486، ساهم النص الشهير للفيلسوف بيكو ديلا ميراندولا والمعنون بـ "De hominis dignitate (خطاب في كرامة الإنسان)" بدور مؤثر في النزعة الإنسانية في عصر النهضة الإيطالي. احتوى النص على سلسلة من الأطروحات المعتمدة على المنطق حول الفلسفة والفكر الطبيعي والإيمان والسحر. بالإضافة إلى دراسة اللغات اللاتينية واليونانية التقليدية، خاصة قراءة الإنجيل. بالمجمل، من خلال إحياء بعض الأفكار القديمة بالإضافة إلى إيجاد مناهج فكرية جديدة ومبتكرة. بعض العلماء مثل رودني ستارك، ينتقصون من عصر النهضة لصالح الابتكارات السابقة للدول-المدن الإيطالية في أوج العصور الوسطى، والتي ارتبطت بتجاوب الحكومة والمسيحية وولادة الرأسمالية. وجهة النظر هذه ترى أنه في نفس الوقت الذي كانت فيه دول أوروبية عظمى (فرنسا وإسبانيا) ملكيات مطلقة، ودول أخرى تحت سيطرة مباشرة من الكنيسة، كانت الجمهوريات الإيطالية المستقلة تعمل على تطبيق مبادئ الرأسمالية التي ابتكرتها العقارات الرهبانية وفجرت بذلك ثورة تجارية واسعة وغير مسبوقة سبقت عصر النهضة وقامت بتمويله. فلورنسا مركز النهضة يرى كثيرون أن الأفكار التي امتاز بها عصر النهضة كان لها أصول في فلورنسا في القرن الثالث عشر، خاصة في كتابات دانتي أليغييري (1265-1321) وفرانشيسكو بتراركا (1304-1374)وجوتو دي بوندوني (1267-1337). بينما يرى آخرون منافسة أكثر عمومية بين الفنانين والمثقفين مثل برونليسكي، وجبرتي، ولماذا في إيطاليا تحديداً. طرحت العديد من النظريات لتفسر أصولها. خلال عصر النهضة، ذهب المال والفن جنبًا إلى جنب. الفنانون يعتمدون كليا على الرعاة بينما الرعاة يحتاجون إلى المال لدعم العباقرة. الثروات تدفقت إلى إيطاليا خلال القرن الرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر من خلال التبادل التجاري في قارة آسيا وأوروبا، بالإضافة إلى أن معدات الرفاهية المجلوبة من العالم الشرقي خلال الحروب الصليبية قد ساهمت في زيادة ازدهار جنوة والبندقية. مراحل النهضة الإنسانية للاتينية واليونانية وفي تناقض شديد مع العصور الوسطى، كان الباحثون في عصر النهضة مهتمين في دراسة واستعادة النصوص الأدبية والتاريخية والخطابية لدى اللاتينين واليونانيين. بشكل عام، وذلك عندما قام علماء من عصر النهضة مثل بترارك وكولوتشو سالوتاتي (1331-1406) ونيكولو دي نيكولي (1364-1437) وبوجيو براشيوليني (1380-1459) بتمشيط مكتبات أوروبا بحثا عن أعمال مؤلفين لاتينيين أمثال شيشرون وتيتوس ليفيوس وسينيكا. 24] في أوائل القرن الخامس عشر، تم استعادة الجزء الأكبر من الأدب اللاتيني، وفي المرحلة اليونانية من عصر النهضة كانت الحركة الإنسانية هي القائمة، كما رجع العلماء في أوروبا الغربية إلى استعادة النصوص اليونانية الأدبية والتاريخية والخطابية واللاهوتية القديمة. من أكبر انجازات علماء عصر النهضة هو جلب الإنتاج الثقافي الإغريقي كاملا إلى غرب أوروبا للمرة الأولى منذ العصور القديمة. ويُرجع البعض تاريخ حركة إعادة دمج النصوص اليونانية الأدبية والتاريخية والخطابية واللاهوتية في مناهج أوروبا الغربية إلى دعوة كولوتشو سالوتاتي للدبلوماسي والعالم البيزنطي مانويل كرايسالريس (حوالي 1355-1415) لتدريس اليونانية في فلورنسا. الهياكل الاجتماعية والسياسية في إيطاليا خريطة سياسية لشبه الجزيرة الإيطالية حوالي العام 1494 حدت الأوضاع السياسية في إيطاليا في القرون الوسطى المتأخرة البعض إلى إطلاق نظرية مفادها: أن المناخ الاجتماعي غير العادي سمح بظهور حالات ثقافية نادرة. إيطاليا لم تكن موجودة ككيان سياسي في الفترة الحديثة المبكرة، وجمهورية فلورنسا والدولة البابوية في الوسط، وميلانو وجنوة إلى الشمال والغرب على التوالي، والبندقية إلى الشرق. كانت إيطاليا في القرن الخامس عشر واحدة من أكثر المناطق تحضراً في أوروبا. يشير المؤرخ والفيلسوف السياسي كونتن سكينر إلى أن الأسقف الألماني أوتو فون فرايسينج (حوالي 1114-1158) الذي زار شمال إيطاليا خلال القرن الثاني عشر لاحظ وجود شكل جديد ومنتشر من التنظيم السياسي والاجتماعي، مشيراً إلى أن إيطاليا على ما يبدو تركت الإقطاعية وأصبح مجتمعها مبنياً على التجارة (merchants and commerce). وارتبط بهذا أفكار معادية للملكية، متمثلة في الرسمة الجصيّة الشهيرة في أوائل عصر النهضة حكاية الحكومة الجيدة والحكومة السيئة في سيينا التي رسمها أمبروجيو لورنزيتي (رسمت في 1338-1340)، وكانت تحمل رسائل قوية حول فضائل العدل والعدالة والجمهورية والإدارة الجيدة. حتى المدن والدول خارج وسط إيطاليا، كانت مشهورة أيضاً بكونها جمهوريات تجار، وخاصة جمهورية البندقية، حيث أفضت الحرية السياسية النسبية المتوفرة إلى تقدم أكاديمي وفني. وبالمثل، جلب التجار معهم الأفكار من أصقاع العالم، وبالتحديد من المشرق العربي. كانت البندقية بوابة أوروبا التجارية، ومنتجة للزجاج الجيد، بينما كانت فلورنسا عاصمة لصناعة النسيج. كانت هذه الثروات المتدفقة إلى إيطاليا بسبب هذه الأعمال التجارية تعني أن بالإمكان تعميد المشاريع الفنية العامة أو الخاصة، وأيضا أن بإمكان الأفراد تخصيص أوقات فراغ أكبر للدراسة. الموت الأسود/ الطاعون الطاعون 1497-1499 ترى أحد النظريات المطروحة أن الدمار الذي تسبب به الموت الأسود (الطاعون) في فلورنسا، والذي أصاب أوروبا بين عامي 1348 و 1350 كان سبباً في تحول نظرة الإيطاليين للعالم من حولهم في القرن الرابع عشر. والتي تجلت في رعاية الأعمال الفنية الدينية. ولكن هذا لايفسر بشكل كامل لماذا حدث عصر النهضة في القرن الرابع عشر في إيطاليا على وجه التحديد. فوباء الموت الأسود قد أصاب جميع أنحاء أوروبا، ظهور عصر النهضة في إيطاليا كان نتيجة لتفاعل معقد للحقائق المذكورة أعلاه. وقد نُقل الطاعون عن طريق البراغيث على السفن الشراعية العائدة من موانئ آسيا، وكان ينتشر بسرعة بسبب عدم وجود المرافق الصحية المناسبة: يصل عدد سكان إنجلترا آنذاك حوالي 4. 2 مليون نسمة، 1. 4 مليون شخص فقدوا في الطاعون الدبلي. انخفض عدد السكان في فلورنسا إلى النصف تقريباً في عام 1347. فقد ازدادت قيمة الطبقة العاملة، وأيضاً جاء العامة ليحظوا بحرية أكبر. ولسد الحاجة المتزايدة إلى العمل، فقد سافر العاملون بحثاً عن المكان الأفضل من الناحية الاقتصادية. كان للانخفاض السكاني بسبب الطاعون بعض العواقب الاقتصادية: انخفضت أسعار المواد الغذائية، وانخفضت قيمة الأراضي بنسبة 30٪ إلى 40٪ في معظم أنحاء أوروبا بين 1350 و 1400. 37] كما واجه ملاك الأراضي خسارة كبيرة، ولكن بالنسبة للرجال والنساء العاديين، بل وجدوا أيضا العديد من الأراضي المتاحة، وخاصة الأطفال، كما انتشر الطاعون بسهولة عن طريق القمل، ومياه الشرب غير صحية، والجيوش، وقلة النظافة. كان الأطفال أكبر المتضررين لأن أمراضا مثل التيفوس والزهري كانت تهاجم جهاز المناعة لديهم. تسبب الطاعون باضطرابات في البنية السياسية والاجتماعية لفلورنسا أكثر مما تسببته الأوبئة اللاحقة. على الرغم من العدد الكبير للضحايا الذين لاقوا حتفهم من الطبقة الحاكمة، إلا أن حكومة فلورانسا استمرت في العمل طيلة هذه المدة. عُلقت الاجتماعات الرسمية للممثلين المنتخبين في ذروة الوباء نظراً لظروف الفوضى في المدينة، ولكن تم تعيين مجموعة صغيرة من المسؤولين لتسيير شؤون المدينة والتي تضمن استمرارية الحكومة. الظروف الثقافية في فلورنس لورينزو دي ميديشي، حاكم فلورنسا وداعم للفنون لماذا بدأ عصر النهضة في فلورنسا، وليس في أي مكان آخر في إيطاليا؟ لقد كان هذا السؤال لفترة طويلة محلاً للنقاش. الباحثون لاحظوا عدة مميزات فريدة في الحياة الثقافية في فلورنسا التي ربما كانت إحدى الأسباب التي أدت إلى الحراك الثقافي. العديد أكدوا الدور الذي قامت به الميديشي - عائلة مصرفية وملكية في وقت لاحق - في رعاية وتحفيز الفنون. كان لورينزو دي ميديشي (1449-1492) أحد المتسببين في رعاية واسعة للفنون، كان عصر النهضة بالتأكيد جارياً قبل أن يأتي لورينزو للسلطة، بل قبل أن تحقق أسرة ميديشي نفسها الهيمنة في مجتمع فلورنسا. بعض علماء التاريخ سلّم بأن فلورنسا هي مكان مولد عصر النهضة بالحظ، بمعنىً آخر لأن "رجالاً عظماء" ولدوا هنالك بمحض الصدفة. دافينشي، وبوتيتشيلي، بالرغم من فنانيها وأدبائها وعلمائها، نشأت المدن التجارية على يد التجار، ومن تلك المدن "جنوة"، "بيزا"، "البندقية"و "فلورانسا"، وقد اسس التجار كل ماهو لازم لإنشاء تلك المدن من توفير سلطة قضائية وتشريعية وغيرها لحفظ سير تجارتهم، وعلى هذا الأساس قامت باقي المدن الأوروبية لأن التجارة عنصر فعال في بث شرايين الحياة داخل المجتمعات استعمال اللغة الوطنية كانت اللغة اللاتينية وهي لغة العلم والثقافة والفن محصورة في رجال الدين، لكن تنبه الأوروبيون إلى ضرورة استعمال اللغة الوطنية التي يتكلمها معظم أبناء الشعب، سقوط القسطنطينية أدى سقوط القسطنطينية عاصمة البيزنطيين بعد أن فتحها الأتراك العثمانيين إلى هجرة عدد كبير من العلماء إلى إيطاليا خاصةً، وحملوا معهم ما استطاعوا من كتب اغريقية وتماثيل وأدوات قديمة. وكانت حرب القسطنتينية عام 1453 م. انحلال الإقطاع سار نظام الإقطاع في عصر النهضة على طريق التلاشي والزوال نتيجة موت عدد كبير من أمراء الإقطاعيين في الحروب الصليبية، وانصراف بعض الإقطاعيين إلى ممارسة التجارة، فتحرر الفلاحون والأقنان ولم يتمكن من بقي من الإقطاعيين من مقاومة التغيرات التي حصلت نتيجة النهضة. ظهور الدول الحديثة عبر تطوير أساليب الحكم، وقد ساعدتهم في ذلك الأفكار الجديدة مثل افكار المفكرين مكيافيلي الإيطالي Machiavelli وجون رودان الفرنسي Jean Rodin والإنجليزي هوبس Hobs وتدفق الثروات،