بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (1) الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (2) الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (3) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ } لرجوع معاني القرآن كلها إليها على وجه التأصيل والإجمال، وهي فاصلة بين كل سورتين، ومعناها: أبتدئ مستعينًا ومتبركًا بكل اسم لله، ذي الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين، الْحَمْدُ لِلَّهِ }: أي الثناء الكامل بصفات الكمال وكثرة النعم لله وحده. رَبِّ الْعَالَمِينَ }: الذي خلقهم ورزقهم ورباهم بنعمه الظاهرة والباطنة، أعطى كل شيء منها خلقه اللائق به، ثم هدى كل مخلوق إلى ما خُلِقَ له، ومع ربوبيته لهم فهو: { الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }: الذي وسعت رحمته كل شيء، وخص المتقين بالرحمة الكاملة المثمرة للسعادة الأبدية، ومع أنه ربهم فإليه مصيرهم فهو: { مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}: وهو يوم القيامة، وخص يوم الدين مع أنه مالك الأيام كلها والخلائق كلها؛ لأنه في ذلك يظهر ملكه العظيم وعظمته الكاملة وتظهر آثار ملكه في جزاء العباد بأعمالهم، ويتساوى الخلائق كلهم بالخضوع لله والفقر الكامل، ولما كان الله قد خلق الجن والإنس ليعبدوه بكمال معرفته وعبادته قدَّم تعرُّفَه إلى عباده ويترتب على هذا قيام المكلفين بعبادته والاستعانة به؛ فلهذا قال: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }1.