تحليل و شرح قصيدة النهر المتجمد يقف الشاعر في بداية قصيدته أمام النهر المتجمد وكأنه جثة هامدة ، وقد أخذ الحزن من قلب الشاعر مأخذه ، فرثاه بعبارات مؤثرة لمسناها جليا في كلماته. يقف مندهشا وهو يرى النهر الذي كان في الأمس القريب يتمتع بالنشاط والحركة ، والآن أضحى كعجوز هرم أخذت منه الأيام والسنين. يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريـر ؟ أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟ تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـثَ الدهـور بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانع في الطريـق يتذكر الشاعر أيام كان يعتريه الحزن والشقاء فلا يجد التسلية والأنس إلا من صديقه النهر الرقراق ، هذا النهر الذي كان يفرح لفرح الشاعر ويبكي لحزنه ، لكن الموت غيّبه ، فترك صاحبه يبكي وحدته ، ويشكو وحشته. بالأمس كنتَ إذا سمعتَ تنهُّـدِي وتوجّعِـي وها أبكي أنا وحدي ، ولا تبكي معي ! تأثير النهر المتجمد – أو بالأحرى النهر الميت – كان واضحا على الطبيعة ككل ، وكأن الحزن خيم على الجميع ، ولا أوراق شجر تزهو بخضرتها ، بل أتى سرب من طيور الغربان السوداء تشيع النهر المتجمد إلى مثواه الأخير. تأتيه أسراب من الغربـان تنعـق في الفضـا فكأنها ترثي شبابا من حياتك قـد مضـى وكأنـها بنعيبها عند الصبـاح وفي المسـاء جوق يشيع جسمك الصافي إلى دار البقـاء فهل هذه هي النهاية حقا ؟ أمات النهر وفارق صاحبه ؟ عودة الحياة إلى النهر المتجمد وتنكسر الهموم والآلام ، فموتة النهر المتجمد لم تكن سوى انبعاثا ليس كأي انبعاث ! كطائر العنقاء الذي يموت ثم ينبعث من رماده ، كذلك النهر انبعث في فصل الربيع بنفس متجدد ، وحياة مليئة بحب البقاء ، وتمتع بالبهجة والهناء كما هو الحال لنهر في فصل الربيع. وتعود أيـام الربيـع فتفك جسمك من عقال مكنته يـد الصقيـع وتكرّ موجتك النقية حرة نحـو البحـار ثملى بأنـوار النهـار وبدورها تبتهج الطبيعة بعودة الحياة للنهر المتجمد ، فتنشر نسيمها العليل فوق أغصان الأشجار اليانعة ، وتهدي الشمس الدافئة حلة من الأزهار تكسو جوانب النهر البسّام ، فتشكل لوحة ربيعية جميلة ،