إذ الأدب في حقيقته إنما هو تعبير عن المجتمع وكل ما يجرى فيه من نظم وعقائد ومبادئ وأوضاع وأفكار ، ولو أنه كان يكتب وينظم لنفسه لما استغل كل هذه الأدوات والوسائل ولا كتفى بأن يردد خواطره وخوالجه في نفسه وحنايا صدره . فقد كان نظامهم الاجتماعى يقضى أن يحتفلوا في كل عام بإله من آلهتهم وأخذ شعراؤهم خلال هذه الاحتفالات يعرضون على الجماهير في ملاعب التمثيل طائفة من المسرحيات تصور بعض أساطيرهم وما كان يعيش فيه مجتمعهم من شئون الفكر والدين والثقافة . يدل على ذلك ما حكاه القرآن عن العرب من وصلهم بين الشعر والسحر وتعاويذ الكهنة في مثل الآية الكريمة : ( وقالوا إن هذا إلا سحر مبين ) ومثل : ( إنه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون) ، وفي ذلك ما يدل على أن شعرنا نشأ من خلال حياة الجماعات العربية الأولى وطقوسها الدينية وما اتصل بها من كهانة وسحر وصلات : عموها - بالشياطين ومن تراتيل كانوا يرتلمونها للآلهة ما تمسين منها النصر لأبطالهم والظ.