-2- المقاصد يروم جان كوهن من خلال تمحيص الفرضيتين المذكورتين واختبار صحتهما، تحقيق مقصدين متفاعلين ومتكاملين : أولاً : بناء علم للشعر أو شعرية علمية حديثة تجمع بين الوصف والتفسير أكد جون كوهن، بعد تحديده الموضوع الدراسة المتمثل في دراسة شعرية النص صوتيا ودلاليا، أن بحثه يطمح إلى الانضواء ضمن الشعرية العلمية في مقابل الشعرية الفلسفية. قابلة للملاحظة علميا، والتحديد كميا رغم إحساسه بأن هذا التصور الجديد سيؤدي إلى صدم الإحساس العام، علم الشعر إنها عبارة تحمل من القدح بقدر ما تحمل من المفارقة. إلا أنه - مع ذلك - حرص على التفريق فالفرق بين التنجيم وعلم الفلك لا يوجد في النجوم وإنما يوجد في ذهن الإنسان الذي يدرسها، وليس في الواقعة الشعرية في ذاتها ما يعارض معارضة مسبقة محاولة الملاحظة والوصف العلميين . فهل توجد سمات حاضرة في كل ما صنف ضمن «الشعر»، وفينيي). ثم الاتجاه الرمزي : (رامبو، ومالارمي). وهنا يتأكد اللقاء بين الشعرية باعتبارها أسلوبية لغوية وشكلية وبين الإحصاء المقارن بصفته وسيلة لتمحيص الفرضيات، ولكون الأسلوبية هي علم الانزياحات اللغوية، والإحصاء علم الإحصاءات عامة، فمن الجائز تطبيق نتائج الإحصاء على الأسلوبية، لتصبح الواقعة الشعرية وقتها قابلة للقياس، إذ تبرز كمتوسط تردد الانزياحات التي تقدمها اللغة الشعرية بالنظر إلى النثر وهذا التصور الكمي يصلح تطبيقه على النص المفرد، فيكون الأسلوب الشعري هو متوسط انزياح مجموع القصائد، الذي سيكون من الممكن نظريا الاعتماد عليه لقياس معدل شاعرية أي قصيدة كيفما كانت وإذا كانت دراسة الأسلوب من الناحية الإحصائية تفترض طريقين : إحداهما تشخيص الواقعة، ولن نطلب من الإحصاء خدمة أكثر من اختبار فرضية تردد سمة وهيمنتها، ظهرت لنا من تأمل بعض الأمثلة المتميزة وتلافيا لاعتباطية التأويل والاستنتاج حرص كوهن على احترام مبدأين هما : إبعاد كل نظرة معيارية، ومعرفته غير تصوره، فذلل بذلك الصعوبة التي قد تلاحظ على الشعرية كونها تعبر عن نفسها نثرا، كما أنه يروم تجاوز القراءة الشعرية للشعر، لأنها تعبر عن نفسها بعبارات غير واضحة وغير قابلة للفحص ويبدو هذا النزوع إلى التأسيس الشعرية علمية أكثر طموحا وأشد إحكاما،