ثانيا: أوجه الاختلاف بين العمل المدني والعمل التجاري 1: من حيث الإختصاص القضائي: أي من حيث معرفة الجهة القضائية المختصة بالنِّزاع وهنا وجب أن نفرِّق بين الدول التي تأخذ بنظام الفصل بين المحاكم، إلا أن الجزائر وفيما يتعلق بالمسائل غير الإدارية تبنَّت مبدأ وحدة القضاء أي في الجزائر لا توجد محاكم تجارية تختص بالنظر في النِّزاعات التجارية بل توجد محاكم عادية تنظر في جميع أنواع النِّزاعات سواء المدنية أو التِّجارية أو غيرها، 2: من حيث الإثبات: الجواب: قلنا أن المبدأ المعمول به في المعاملات التِّجارية هو "حرِّية الإثبات" بحيث تجوز البيِّنة (الشهود) أو القرائن ولا يشترط العقد المكتوب مهما كانت قيمة الإلتزام التِّجاري المراد إثباته بدليل ما جاء في المادة 30 من القانون التجاري الجزائري التي نصت على ما يلي: "يثبت كل عقد تجاري: 1ـ بسندات رسمية 2ـ بسندات عرفية 3ـ بفاتورة مقبولة 4ـ بالرسائل 5ـ بدفاتر الطرفين 6ـ بالإثبات بالبينة أو بأية وسيلة أخرى إذا رأت المحكمة وجوب قبولها. أما في المسائل المدنية: فإن الإثبات لا يكون إلا بالكتابة وفقا لنص المادة 333 من القانون المدني الجزائري التي جاء فيها: "في غير المواد التِّجارية إذا كان التَّصرُّف القانوني تزيد قيمته على 100. 000 دج ، أو كان غير محدد القيمة فلا تجوز البيِّنة في إثبات وجوده وإنقضائه ما لم يوجد نص يقضي بغير ذلك" إذا نستخلص من القواعد القانونية المذكورة أنه هناك إختلاف في الإثبات في المجال المدني عنه في المجال التِّجاري، فالإثبات في المسائل التِّجارية يسير لا يشوبه أي تعقيد بل هناك حرِّية في الإثبات لأنَّ الأعمال التِّجارية تتميَّز بالسرعة والمرونة. والإختلاف بين الأعمال المدنية والتجارية في هذه المسألة هو أنه فيما يتعلق بالأعمال التجارية يجوز إعذار المدين عند حلول أجل الوفاء بخطاب عادي أي بمجَّرد برقية أو رسالة دون اللجوء إلى الأوراق الرَّسمية، 4: من حيث المهلة القضائية: لأنه كما نعلم تتميَّز المعاملات التجارية بالسرعة والثقة والإئتمان، 5: من حيث تضامن المدينين (في حالة تعددهم): أما فيما يتعلق بالأعمال التجارية فإنه وإستنادا على نص المادة من 551 من القانون التجاري الجزائري تستنتج أنه يمكن للتاجر أن يرجع على أيِّ مدين في الإلتزام التجاري وأن يطالبه بكلِّ الدَّين محلَّ الإلتزام ولا يستطيع ذلك التَّاجر المدين أن يدفع بالرجوع أولا على المدينيين الآخرين حيث نصت المادة على ما يلي: "للشركاء بالتضامن صفة التاجر، ولا يمكن إذا نفي هذا الإفتراض إلا بعقد أو نص قانوني. فيما يتعلق بالأعمال المدنية تكون عدم المطالبة بالحقوق في المسائل المدنية (دين مدني مثلا) قابلة للتقادم بعد مرور 15 سنة كاملة بناء على نص المادة 197 من القانون المدني الجزائري. أما فيما يتعلق بالمسائل التِّجارية فإنَّ مدَّة التَّقادم تكون قصيرة في العادة فمثلا عدم المطالبة بالحقوق المترتِّبة على السَّفتجة تتقادم بعد مرور 3 سنوات من تاريخ الإستحقاق وفقا لنص المادة 461 من القانون التجاري الجزائري. تكون الأحكام الصَّادرة عن القضاة عند حكمهم في المسائل التِّجارية دائما مشمولة بالنَّفاذ المعجَّل،