المولود في قولة كافالا الآن شمالي اليونان، صغيرا في الحملة العثمانية التي أرسلتها تركيا لإخراج الفرنسيين من البلاد، فلو كان على ذكاء عادي لانتهى أمره بما انتهى إليه معظم ولكنه لمح من خلال الأفق ما تتمخض عنه الأمة المصرية من وما تشعر به من سخط على فماشاها في ميولها وسايرها في آمالها، ورسم لنفسه خطة الوصول الى عرش مصر عن طريق إرادة الشعب، وهي فكرة مبتكرة بالقياس إلى ذلك العصر تدل على ذكاء محمد علي ودهائه وبعد نظره نزلت الحملة الفرنسية على مصر بقيادة الجنرال بونابرت في أول يوليو سنة 1798 قاصدة حسب الظاهر الاقتصاص من المماليك لاعتدائهم المتكرر على التجار الفرنسيين. أما الغرض الحقيقي من إرسال هذه الحملة، فهو إتخاذ القطر المصري قاعدة للتوسع ومقاومة نفوذهم الاستعماري، المتوسط بحيرة فرنسية. فاتفقت الحكومتان الإنجليزية والعثمانية على وجوب إخراج إذ جاء مع فرقة جندها حاكم قولة وتولى قيادتها ابنه علي أغا، اشتركت هذه الفرقة في محاربة الفرنسيين، اضطر قائدها علي أغا إلى مغادرة مصر فخلفه محمد علي في قيادة الفرقة ورقى إلى رتبة بكباشي استمر النزاع مع الفرنسيين إلى يونيو سنة 1801 حيث أبرم معهم اتفاق يقضي مصر الى الدولة العثمانية، فعينت خسرو باشا واليا عليها، وعدد رجالها ما بين ثلاثة وأربعة آلاف، وعندما تطلع محمد علي لتولي سلطان مصر كان أمامه عدوان يهدف إلى التخلص منهما وهما المماليك حكام البلد الأقدمين، وكانت هذه الحكومة تعمل على أن تكون لها الكلمة العليا في البلاد ثم كانت أمامه عقبة أخرى وهي سلطة الجند الارناؤوط وغيرهم من أخلاط السلطنة العثمانية، فاستطاع محمد علي بدهائة وصبره وذكائه أن وأن يشق لنفسه طريق النجاح والوصول إلى الغاية التي كان في مصر حينئذ أحد وزراء الدولة العثمانية المدعو أحمد باشا قاصدا الى المدينة المنورة التي عين واليا عليها فأراد الإنكشارية إجلاسه على كرسي ولاية مصر، أن محمد علي لم يوافقهم على ذلك. وبالاتفاق مع المماليك طردوا أحمد باشا من ثم بطش الألبانيون بالإنكشارية بإيعاز من محمد علي، الرجال المنتمين الى حكومة الأستانة الذين يخشى محمد علي شرهم سوى خسرو باشا فهاجمه محمد علي وعثمان بك البرديسي وهكذا لم يبق لمحمد علي خصم ظاهر من رجال الأستانة، لأن مناظره محمد بك الألفي كان قد ذهب إلى انجلترا طامعا في الاستقلال بالحكم في مصر بمساعدة انجلترا. وصلت الدولة العثمانية أخبار الحوادث المصرية، فراعها اتحاد المماليك والألبانيين، فوجهت علي باشا الجزائري واليا على مصر، الألبان علي باشا وهو في طريقه من الاسكندرية إلى القاهرة وفتكوا بجنوده، أسيرا إلى القاهرة ثم أرسلوه إلى سوريا لكنهم قتلوه في الطريق. وفي أوائل سنة 1804 عاد محمد بك الألفي من انجلترا، ولما كان وجوده في مصر يهدد محمد علي وعثمان بك البرديسي على السواء، اتفقا على مقاومته فاعترضه رجالهما في النيل ونهبوا الأموال والتحف التي جاء بها، أما هو فبادر إلى النزول إلى البر ونجا بنفسه واختبأ عند العرب. وقد كان محمد علي له نصيب كبير في تدبير جميع الحوادث التي سلف ذكرها، أنه مع هذا كان بعيدا عن كل مسئولية تجاه الشعب والجند. فكان اذا تأخر دفع مرتبات الجند وقعت المسئولية على من يتولى ادارة البلاد وثارت الجنود عليه لا على قائد واذا فرضت الأموال على الأهلين واستثقلوا وطأتها نقموا على الحكام الذين أما محمد علي فكان في تلك الأحوال يشارك الجند والشعب في التوجع لما ويظهر الاهتمام بتحصيل حقوقهم وتخفيف كروبهم، وهذه أهم النتائج التي يبغي الحصول عليها قبلما يرشح لمنصب الولاية، على الجند والشعب يتوقف تثبيت قدمه في البلاد. واتفق أن مرتبات الجنود كانت متأخرة فثار الألبانيون على عثمان بك البرديسي ففرض على أهل القاهرة ضرائب فادحة ليتمكن من دفع مرتبات عطفا شديدا على الأهلين ووعدهم بالمساعدة لرفع هذه الظلم عنهم، وكان المماليك قد أخذوا يشعرون أن محمد علي يكن لهم العداء، حينئذ في غنى عنهم بل صار إضعافهم خيرا له، فبدأت المشادة بين الفريقين. الثورة في القاهرة على المماليك باتفاق الأهالي والألبانيين، محمد علي نفسه إلى ميدان القتال، وألجأ جميع أمرائهم إلى الفرار فعندئذ أصبح محمد علي صاحب العقد والحل في القاهرة لأن زمام الجند إثبات إخلاصه للدولة العثمانية حتى لا تناوئه متى أن أوان ترشيحه للولاية. وكان لا يزال موجودا في القطر المصري اثنان من الباشوات العثمانيين، خسرو باشا والثاني أحمد خورشيد باشا حاكم الاسكندرية. فدعا محمد علي علماء البلد وأعيانها الى اجتماع أظهر لهم في أثنائه وجوب المبادرة إلى تعيين وال على البلد، واقترح إخراج خسرو باشا من معتقله وتقليده منصب الولاية، بيد أن القادة الألبانيين اعترضوا على هذا التعيين وطلبوا من محمد علي إخراج فأذعن الى طلبهم وأعاد خسرو باشا الى الآستانة. الألبانيين كانوا رجال محمد علي الذين عليهم جل اعتماده ولديهم تودع أسراره، يعقل والحالة هذه أنه كان يجهل شعور زعمائهم نحو خشرو باشا عندما اقترح رده الى بل يستشف من عمله التواطؤ مع الزعماء الألبانيين على اتخاذ ترشيح خسروا باشا لمنصب الولاية واخراجه من معتقله، فيقرب محمد علي خطوة جديدة من الولاية بدون أن يكون في مظهره ما والمشهور أن خسرو باشا كان يعتقد سوء النية في محمد علي، العداء بعد عودته الى الآستانة وتوليه المناصب العالية فيها. عظيم في النزاع الذي وقع بعد ذلك بين السلطان محمود ومحمد علي. لم يبق فيه من كبار العثمانيين من يصلح تعيينه واليا سوى فاتفق العلماء والأعيان وزعماء الجند على تعيينه واليا وتعيين محمد علي ووافق الباب العالي على ذلك في سنة 1804 ، لقى أسلافه من الصعوبات في الحصول على الأموال، بعدم اخلاص محمد علي، وشدة عطفه على الأهلين زاده رفعة في عيون الجميع، ووطد مكانته في البلد خصوصا لدى العلماء فرأى الوالي أنه لابد له من قوة من رجال الدولة العثمانية تقف بجانبه وتعزز مقامه، والا أضحى بين يدي محمد علي كريشة في مهب الريح، ففاوض رجال الدولة في ذلك، بينما كان محمد علي بعيدا عن القاهرة مشتغلا بمحاربة المماليك، آلاف مقاتل من طائفة الدالاتية، غير أن وجودهم في القاهرة لم يزد موقفه إلا ضعفا لأنهم عمدوا الى السلب والنهب وارتكاب شتى المنكرات والمحرمات، أن محمد علي لما بلغه قدوم الدالاتية الى القاهرة عاد إليها، وأخذ يدس الدسائس على وبما أنه تأخر في دفع مرتبات الجنود كان من القواعد طرده في ذلك الزمن، فثار الألبانيون عليه مطالبين بدفع مرتباتهم، فوجد خورشيد باشا نفسه في موقف حرج عما كان عليه قبل قدوم الدالاتية بناء على فيما لو بقى في مصر، للسفر، غير أن الجند والشعب الساخط على الوالي رجوا منه أن يبقى في مصر لاقتناعهم بأنهم لن يجدوا حاكما أرأف من محمد علي بحالتهم أو أقدر منه على انالتهم حقوقهم أو أكثر كفاءة لتولى الحكم، خورشيد باشا من منصب الولاية، فأجيب ملتمسهم، وتلقى محمد علي مرسوما سلطانيا بذلك في يوليه سنة 1805. لمقاومته، طالبين من الباب العالي إسقاطه، بزعامة صديقهم محمد بك الألفي الذي ذكرنا قبلا علاقته بإنجلترا، فأرسل الباب العالي القبطان والجند يؤيدانه، ورأى الشقاق سائدا على المماليك، عزل محمد علي وإعادة حكم المماليك، وبناء على ذلك وعلى ما عرضه المصريون إلى صدر مرسوم جديد بتثبيت محمد علي في منصبه، نوفمبر سنة 1806. وقد كان لمساعي قنصل فرنسا في الاسكندرية لدى القبطان باشا عظيم على هذا التثبيت. وبعد ارتقاء محمد علي إلى منصب الولاية، حيث كان هو الدافع وغيره العامل، وهو صاحب التدبير وعلى غيره تحمل المسئولية. الخارج والداخل. لكن نفوسهم ما برح تحدثهم باسترجاع سلطتهم وسابق مجدهم متى سنحت الفرصة. حملة فريزر الإنجليزية على مصر 1807 والمقاومة المصرية: كانت مصالح الانجليز في الهند آخذة في النمو، نظرهم، الأحمر، وهذا الذي كان قد دفعهم قبلا الى مقاومة حملة بونابرت على مصر وسوريا واجتذاب محمد بك الالفي أحد زعماء المماليك إلى جانبهم، مساعيهم كما أسلفنا. ونظرا لاشتباك انجلترا في حرب مع الدولة العثمانية وشدة شكيمة محمد علي لاسيما أنه كان إلى عزله. لكن جرت المقادير ضد التدابير، فإن عثمان بك البرديسي توفى في أواخر سنة فسادت الفوضى شئون ولم يدرك الانجليز مبلغ الضعف الذي أصاب حلفاءهم وظنوا أنهم ما برحوا يستطيعون الاعتماد على معاونيهم، فوجهوا الى مصر حملة مؤلفة من نحو خمسة آلاف جندي يقودها الجنرال فريزر، شهر مارس سنة 1807 ، ثم حاول احتلال رشيد أولا ، وبين المماليك، وفي كلتا المرتين أخفق إخفاقا تاما، الحملتين قتلا وتشريدا، أما المماليك فلزموا السكينة ولم يمدوا لمساعدة الانجليز يدا وأخيرا دارت المفاوضة بين محمد علي وان تتجلى الجنود الانجليزية عن الاسكندرية فغادروها في شهر سبتمبر سنة 1807. ونال في القطر المصري، وعظمت هيبته في النفوس، واتخذ محمد علي على الخطر الذي وشحن الاسكندرية بالمقاتلة، وتولى الدفاع عن الثغور المصرية بنفسه، وقد كان قبل ذلك يقوم بالدفاع عنها قائد البحرية العثمانية (القبطان باشا) وهكذا استقل بادارة مصر وبالدفاع عنها في الداخل والخارج. البلاد سنة 1807 ثاروا في القاهرة وعاثوا في أسواقها فسادا، واستعمل محمد علي الحكمة في إخماد ثورتهم. واعتزم من ذلك الحين أن يتخلص من الجيش القديم ويحل ولكنه لم يمض في تحقيق برنامجه إلا حوالي وما ذلك إلا لما آنسه من الخطر إذا هو نفذ مشروعه قبل ذلك فمثل هذه الأناة والحكمة وسعة الحيلة لا تصدر إلا عن الساسة ذوي الرءوس وبهذه الصفات نجح في تأسيس الجيش المصري النظامي، وكيف أنه عندما بدأ في دور فأسس المدرسة الحربية الأولى لتخريج الضباط أي في أقاصي الوجه القبلي، لكي يبدأ مشروعه بعيدا عن الدسائس تمكن محمد علي أن يبني في مصر دولة عصرية على النسق الأوروبي، ومنهم بصفة خاصة السان الذين أمضوا في مصر بضع سنوات في الثلاثينات من القرن وكانوا يدعون إلى إقامة مجتمع نموذجي على أساس الصناعة المعتمدة وكانت أهم دعائم دولة محمد علي العصرية: سياسته التعليمية ويزودها بكل التقنيات العصرية، وإقتصاد مزدهر يدعمها وهذا التعليم العصري إمامها المفكر والأديب رفاعة رافع الطهطاوي، الحياة الفكرية والتعليمية في مصر. ويلاحظ على تلك البعثات التعليمية أنها لم تكن قاصرة فقط على الأتراك أو أبناء الطبقة العليا ومنهم بل شملت عددا من المصريين أيضا، ممن سيصبح لهم دورا كبيرا في مستقبل الحياة العلمية والفكرية في مصر. عمد محمد علي إلى تجنيد الفلاحين المصريين وانتدب لتنظيم الجيش ضابطا فرنساويا قديرا وهو الكولونيل ساف Seve المعروف باسم سليمان باشا الفرنساوي، ومع اصلاحاته هذه نمت الصناعة في البلاد، واستعان على القيام بكل ذلك برجال الفنون والصنائع الأوروبيين، وكان أكثرهم من العلمية الى أوروبا، على النحو الذي سنراه. قويا رفع علم مصر فوق ظهر البحار، ضاربة أطنابها؛ وأنشأ المدارس والمعاهد حيث كانت الجهالة فاشية؛ وشق الترع وأقام الجسور حيث كانت مياه النيل تذهب وأقام المصانع والمباني العامة، تفعله العزيمة الحديدية. ومن إصلاحات محمد علي المشهورة وانشاء قوة منظمة من الشرطة، فهو من الوجهة السياسية كان يرمي إلى إنشاء دولة مصرية مستقلة، عظيمة السلطان منيعة الجانب، وهي غاية تعد المثل الأعلى للقومية المصرية، ولقد طوروس شمالا إلى أقاصي السودان جنوبا، كريت وقسما من الأناضول، فقد بقيت النيل السياسية والقومية. وغني عن البيان أن تحقيق هذا المشروع العظيم ليس من الهنات الهيئات، ينهض به رجل عادي، أي خطأ يبدر منه كان يكفي لاحباط المشروع في خطواته الأولى، أو هدمه من أساسه بعد تمامه، ولكن محمد علي أحاط مشروعه بالحر وبعد النظر والحكمة، على بعد نظره في السياسة، إذ رأى أنه سيؤدي الى تدخل الدول الغربية في شئون مصر، وجعلها هدفا للدسائس الاستعمارية مما يفضي الى ضياع استقلالها، "اذا أنا فتحت قناة السويس فسأنشئ بوسفورا ثانيا، والبوسفور سيؤدي إلى ضياع السلطنة العثمانية، وبفتح قناة السويس تستهدف مصر للاطماع أكثر مما هي الآن، حروب محمد على ضد الوهابيين بالجزيرة العربية: كان العثمانيون ذلك قد انتشرت الدعوة الوهابية في الجزيرة العربية، يغزوا بلاد الحجاز، العثماني الذي بات سلطانه مهددا في بلاد الحرمين الشريفين، ولم يستطع الجنود فانتدبت الحكومة العثمانية محمد علي لمقابلتهم، بالدفاع عن الكعبة والمدينة، أما حقيقة الحال فهي أنها كانت في حاجة إلى من يرد عن كما أنها كانت أمل ان المصادمة بين محمد علي والوهابيين، تلقيه في ورطة عظيمة ربما قضت عليه وعلى الوهابيين معا. المهمة الشريفة زاد مكانته رفعة في عيون المسلمين في جميع الأقطار. فأخذ في تجهيز الجنود وإعداد وسائل النقل الى الحجاز بحرا. فكانت هذه أول حركة صناعية كبرى قام بها إذ جمع لها المواد والصناع من جميع أنحاء القطر المصري، وأنشأ المصانع في بولاق، ركبت فكان ما أنشأه بضع عشرة سفينة. مذبحة المماليك: رأى من الحكمة أن يطهر البلاد من ثم قرب كبارهم منه، وعول على نكبتهم، وهو اليوم الذي عينه لعقد لواء الحملة الحجازية في قلعة الجبل لولده طوسون باشا فدعا إلى الحفلة كبار رجال حكومته وأمراء المماليك، وبعد انتهاء الحفلة ركب المماليك خيولهم وهموا بالخروج فوجدوا باب القعلة موصدا في وجوههم، من الرصاص وأجهزوا على من بقى حيا بالسيوف، حفلة القلعة، فكان في ذلك اليوم القضاء الأخير على قوة المماليك في مصر، بدأت الحرب على الوهابيين في سنة 1811 ، وانتهت في سنة 1818. الأولى طوسون باشا من سنة 1811 الى 1815 ، لكن عاد فاستولى على مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة، والطائف بعد متاعب وأخطار جمة، ليشرف على الأعمال الحربية فمكث هناك الى شهر يونيه سنة 1815. فقهر الوهابيين في الدرعية بالرياض، على مدنهم، ومنها أرسل إلى الآستانة حيث قتله السلطان العثماني ومثل به على أثر وصوله. محمد على قوض دعائم الدولة السعودية الأولى، إلا أنه كان بالإعجاب والتكريم . وظهرت في أثناء هذه الحرب كفاءة إبراهيم باشا وصفاته العسكرية الممتازة، وبها ابتدأت شهرته التي طبقت الآفاق في ما تلاها من الحروب ومكافأة له على انتصاراته الباهرة أنعم عليه السلطان بولاية جدة. ازدادت سلطته رسوخا في القطر المصري، لأن محاربة عدو باسل مدة سبع سنين في بلاد مقفرة أهلكت عددا كبيرا من الضباط والجنود المشاغبين، أصابت الجيش قضت على خيلاء بعض كبار ضباطه، الثقة بهم، فاغتنم محمد علي هذه الفرصة لتمكين قبضته لضباطهم، الضابط من جهة الى أخرى انتقلت جنوده معه، كأنما هم مماليكه ولا علاقة لهم مباشرة النهضة المصرية زمن محمد علي باشا: لما استطاع محمد علي القضاء علي المماليك ربط القاهرة بالأقاليم ووضع سياسة تصنيعية زراعية موسعة. وكان جهاز الإدارة أيام محمد علي يهتم أولا بالسخرة وتحصيل الأموال الأميرية لأن الرسائل في سبيل ترقية الصناعة، فكان أهما زراعة القطن الأمريكي والنيلة، واستيلائه على أكثر الزراعية التي وضعها تحت مراقبة رجال الحكومة في المديريات، لكنه أنزل الضنك بعدد عديد من الملاك، والعمال باغتصابه الأملاك وزاد على هذه المظالم استعمال منتهى الشدة في تحصيل الأموال الأميرية وفرض ضريبة جديدة وهي الفردة أو ضريبة الرؤوس، وكانت تجبي من رجال البلاد على اختلاف مذاهبهم. إقامة القناطر الخيرية وسمع بالاعتراضات التي أبديت على المشروع من جهة العقبات والمصاعب التي تحول دون نجاحه كان جوابه: إن هذا صراع بيني وبين النهر العظيم فهذا الجواب يدلك على مبلغ شعوره بقوة إرادته، لكن رغم هذه المظالم، الأوروبيين، والمعجبين به من الأوروبيين، أحاديثه الممزوجة بالظرف والفكاهة. امتیازات وسائل النقل. فكانوا يمتلكون مراكب النقل الجماعي في النيل والترع يما فيها وكان يطلق عليهم الأغوات المعاتيق. وأصبحوا يشكلون مجتمع العبيد والأسلحة. ومنهم من كانوا حكام الأقاليم. يتقاضون معاشات من الدولة أو يحصلون علي أموال من أطيان الإلتزام. وكانوا يعيشون عيشة مرفهة وسط أغلبية محدودة أو معدومة الدخل. فلقد أصدر مرسوما لأحد حكام مشايخها ويرسلون للومان (السجن). وليكن معلوما لكم ولهم أن مالي لا يضيع منه شيء بل أخذه من عيونهم . وكان التجار الأجانب ولاسيما اليونانيين والشوام واليهود يحتكرون المحاصيل ويمارسون التجارة بمصر. وكانوا يشاركون الفلاحين في مواشيهم. هذه الصفقات وضمان الفلاحين. وكانت عقود المشاركة بين التجار والفلاحين توثق في المحاكم الشرعية. حقوقهم لدي الفلاحين. لهذا كان التجار يضمنون الصيارفة عند تعيينهم لدي السلطات. ولا سيما في المناطق التي كانوا يتعاملون فيها مع الفلاحين . وكان الفلاحون يسددون ديونهم للحصول علي حق هذا الإمتياز لمدة عام، وبهذا كانت الدولة تحتكر التجارة بشرائها المحاصيل من الفلاجين أو بإعطاء الإمتيازات للتجار . والإسكندرية بها أو توريدها للجيش المصري لهذا كان الفلاحون سجناء قراهم لا السخرة في مشروعات محمد علي أو من الضرائب المجحفة او من الجهادية. وكان من لأنهم كانوا غير قادرين علي تسديد مديونية الحكومة. ورغم وعود محمد علي إلا أن الآلاف فروا للقري المجاورة او لاذوا لدي العربان البدو وهذا ما جعل محمد علي يصدر مرسوما جاء فيه : هـ 1835 - م. وإلا أعدموا بعدها بالصلب كل علي باب داره أو دواره. سنة 1845 أصدر ديوان المالية لائحة الأنفار المتسحبين هددت فيها مشايخ البلاد بالقري لتهاونهم وأمرت جهات الضبطية بضبطهم ومن يتقاعس عن ضبطهم سيعاقب وكانت السياسة العامة لحكومة محمد علي تطبيق سياسة الإحتكار وكان علي التي تحددها الحكومة . ليكيل القمح. وكانت تنقل هذه المحاصيل لمينائي الاسكندرية وبولاق بالقاهرة. تحملها من الشون للموردات بالنيل لتحملها المراكب لبولاق حيث كانت تنقل لمخازن البائعين) بقدر حاجاتهم. من العدس والفريك والوقود والسمن والزيوت الجند ، والأقاليم التي تزرعها. أسعار شراء المحاصيل التي كان ملتزما بها الفلاحون . وكان التجار ملتزمين أيضا بأسعار بيعها. وأرسل لحكام الأقاليم أمرا جاء فيه: "من الآن فصاعدا من تجاسر علي زيادة الله". وكان الغلال خارج الإمبراطورية. وهنا شهد الجبرتي لمحمد علي بقوة العزم والشهامة، فقال عنه بمناسبة اصلاحه سد أبي قير: "فأرسل إليه المباشرين والقومة والرجال والفعلة والنجارين والبنائين والمسامير والات الحديد والاحجار والمؤن والأخشاب العظيمة والسهوم والبراطيم حتى تتمه وكان له مندوحة لم تكن لغيره من ملوك هذه الأزمان، وهي شهادة لها قيمتها من مؤرخ عرف عنه بأحكامه الشديدة على محمد علي. تبني محمد علي السياسة التصنيعية، حيث أقام مصانع النسيج ومعاصر إحتكرها وقضي علي هذه الصناعات الصغيرة ضمن سياسة الإحتكار وقتها. وأصبح لكن الحكومة كانت تشتري غزل الكتان من الأهالي. وكانت هذه المصانع الجديدة يتولي إدارتها يهود وأقباط وأرمن. ثم لجأ محمد علي لكن كانت المنسوجات تباع في وكالاته. وكان المصريون يعملون بالسخرة في هذه المصانع. عليهم الشرطة ويعيدونهم للمصانع ثانية. كما كن يهربن أيضا. التعليم في عهد محمد علي: مدرسة الطب : انشأ محمد على أول مدرسة عالية للطب في مصر سنة ١٨٢٧ في أبي زعبل على مقربة من المستشفى العسكرى هناك ، وتولى ادارة المدرسة والمستشفى الدكتور كلوت بك ، فاختار لها نخبة من الاطباء الاوربيين ومعظمهم من الفرنسيين . وفي سنة ۱۸۳۷ تم نقل مدرسة الطب إلى قصر العيني لتكون في داخل العاصمة ، بالقلعة ، وهى بذلك أول مدرسة عالية انشئت في عصر محمد على . التعليم فيها بالمجان ، كما كانت الحكومة تؤدى رواتب شهرية لتلاميذها . وفي باديء الامر كان الاساتذة من الاجانب ، وفى سنة ١٨٣٤ انشا محمد على مدرسة أخرى للهندسة في بولاق ، وافق محمد على على اقتراح رفاعة رافع الطهطاوى (۲) • بانشاء واختير عليها مدرسة الالسن . وكان عدد التلاميذ فى العام الأول خمسين تلميذا ثم ازدادت الاعداد في السنوات التالية . ويعتبر بعض المؤرخين ان هذه المدرسة هي بمثابة أكاديمية لنسر فقد كانت تدرس فيها اللغات الاجنبية وخاصة الفرنسية هذا بالاضافة للآداب العربية والتاريخ والجغرافيا كما نشأ الباشا العديد من المدارس التجهيزية ( الثانوية ) ، أكثر من انشاء المكاتب الابتدائية فى الاقاليم ، حتى بلغ عدد هذه المكاتب في عام ١٨٣٦ سبعة وستين مكتبا هذا عدا الكتاتيب القديمة (1) وجه محمد علي باشا همته الى ايفاد البعثات المدرسية الى أوروبا ليتم الشبان المصريون دراستهم في معاهدها العلمية، عبقرية محمد علي باشا، بمصر ليتلقي فيها المصريون العلوم التي تنهض بالمجتمع المصري، إلى مصر معارف أوروبا وخبرة علمائها ومهندسيها ورجال الحرب والصنائع والفنون وأراد أن تضارع مصر اوروبا في مضمار التقدم العلمي والاجتماعي، ارسال البعثات تكوين فئة من المصريين المثقفين لا يقلون عن أرقى طبقة مهذبة في وأراد من جهة أخرى أن تجد مصر من خريجي هذه البعثات كفايتها من المعلمين والقواد والضباط لجيشها وبحريتها، الناحية. تعجبنا من ففي ذلك العصر لم يفكر حاكم شرقي ولا حكومة وهذه تركيا وسلطانها كان يملك من الحول والسلطة أكثر مما يملك محمد علي، الاوروبية، فيه بمختلف الحروب والمشاريع والخارجية والداخلية يدل حقيقة على عبقرية نادرة وهمة عالية. لذا ابتدأ محمد علي في إرسال الطلبة المصريين إلى أوروبا حوالي سنة 1813 وما بعدها، وأولى بلاد اتجه إليه فكره إيطاليا، فأوفد إلى ليفورن وميلانو وفلورنسا وروما واستمر في إرسال البعثات حتى وصلت إلى تسع بعثات من عام 1813 وحتى عام 1947 تسع بعثات في كافة التخصصات العلمية والعسكرية. الحقيقة أن الاصل في تلك البعثات وأسبابها ترجع كما ذكر استانتا ونظمها التعليمية والاقتصادية وفنونها الحربية والبحرية ، واستدعى منها والمهندسين المصانعه ، ومن ثم اضطر محمد على الى الاعتماد على الاوربيين الذين أصابوا في ذلك الوقت قصب السبق في التطور الصناعي . الا ن محمد اهل البلاد من المصريين والاتراك بمعزل عن الاشتراك في انهاض بلادهم كانوا له أعوانا ومساعدين يقلدهم ادارة المصانع والمدارس والدواوين ويجلسهم مجالس التعليم ، ويطلب منهم ترجمة الكتب النافعة ، وبعبارة وقد بلغ عدد الطلبة جميعا الذين أوفدهم محمد على الى اوروبا من سنة 1813 1813 إلى سنة 1825 و 291 في البعثات الكبرى ابتداء من سنة 1826، فيكون مجموعهم الكلي 310 تلميذا، في ذلك العصر، وعظيم في نتائجه لان هذه البعثات كان لها اوفر قسط في نهضة مصر الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والحربية والسياسية. من ذلك 30000 جنيها قيمة ما أنفق على الرسالات الاولى و 273360 على البعثات الكبرى التي ارسلت من سنة 1826 إلى سنة 1847 ، والي سنة 4 مرة وتولى في حالة ١٣١١ البرية مطبعة صاحب السعادة ، أو المطيعة الاميرية في بولاق أول مطبعة انشئت في عهد الوالى العظيم ، ولكنها بدأت عملها سنة ۱۸۲۲ وكان الغرض من انشائها هو طبع الكتب المدرسية والعسكرية ومع مضى الوقت ازداد عدد المطابع في مصر وصارت وبالنسبة للصحافة ، فقد أصدر الباشا أمره بانشاء الصحيفة