نظرية لومبروزو - Lombroso theory منذ منتصف القرن الثامن عشر بدء الاهتمام يظهر جلياً بدراسة المجرمين وموضوع الجريمة وأسباب حدوثها، وحينها بدأت تتشكل ملامح ما ندعوه الآن علم الإجرام. وكيفية السيطرة عليه، أو الاجتماعي. و يحتوي علم الاجرام على مجالات متعددة التخصصات في كل من العلوم السلوكية والاجتماعية، وعلماء الأحياء، وفي أخر ثلاثة عقود من القرن التاسع عشر تحديداً في العام 1864 ظهر الاهتمام الكبير من الطبيب الإيطالي سيزار لومبروزو - Cesare Lombroso أو كما يطلق عليه الأب الروحي لعلم الإجرام، حيث تخرج عام 1858، وتتمثل شهرة لومبروزو وأكبر إسهاماته في علم الإجرام في مدرسته التي أنشائها، والقطب الثالث رافائيل جاروفالو - Raffaelle Garofalo صاحب مؤلف (علم الاجرام) الذي ظهر في سنة 1851. وقد قام كذلك بدراسة السجناء في نفس السجون في الفترة بين عام 1864- 1878م. ويرى لومبروزو أنَّ طبيعة المجرم هي التي يجب أن تؤخذ في عين الاعتبار وليست طبيعة الجريمة؛ لأن النزعات الاجرامية وراثية عند الفرد وهنالك بعض الخصائص الجسمية والعقلية الارتدادية - والارتدادية تدعى التأسل أو التطورية الرجعية وهي ظهور صفات جينية مختفية لعدة أجيال تشبه ما لدى الإنسان البدائي - التي ينقاد تحت تأثيرها المجرم لاقتراف جريمته، وكانت من ضمن تلك الجثث التي قام لومبروزو بتشريحها هي جثة قاطع الطريق "Villella" حيث شرح لومبروزو جثته واشار إلى وجود تجويف في مؤخرة الجمجمة مثل التجويف الذي يوجد في جماجم القردة وبعض الحيوانات المتوحشة. وتعددت تصنيفات المجرمين بتعدد الأساس الذي تعتمد عليه من عوامل وراثية أو بيئية أو نفسية، وقد قام لومبروزو بأول تصنيف للمجرمين وهو قائم على أساس الوراثة أو توفر العوامل البيولوجية وهي ما تميز الرجل المجرم عن الرجل السوي أو غير المجرم. وذلك باعتبار لومبروزو أول من استخدم المنهج التجريبي في دراسة شخصية المجرم، وقد اعتمد في تصنيفه، على الفارق في درجة الأجرام بين كل صنف وآخر من الاصناف الخمسة التي تضمنها تصنيفه، وذلك على أساس تفاوت النماذج العضوية والنفسية بمقدار ما هو مستجد من المؤثرات الخارجية. واتسمت مدرسة لومبروزو بالتصنيف الخماسي للمجرمين وهم كالتالي: ١- المجرم بالفطرة: ويتميز هذا الطراز من المجرمين بتوافر صفات ومقاييس انثربولوجيه ترتد إلى الأزمنة الأولى من مراحل تطور الحياة حيث كان يتميز بها الانسان والحيوان البدائي وتختلف عن الملامح الطبيعية للإنسان العادي في العصر الحديث . وقد عدد لومبروزو هذه الخصائص واعتبر أن من يتوافر فيه خمس أو ست خصائص منها فإنَّه يُعتبر مجرماً بالميلاد . وأهم ما يميز هذا المجرم أنَّ ارتكابه الجريمة ينشأ من دافع العوامل البيولوجية من دون ما حاجة إلى أيَّة آثارة خارجية أو بيئية تساعد في إتمام تلك الجريمة. وقد حدد لومبروزو للمجرم بالفطرة أو المجرم الوراثي صفات معينة تميزه وهي: - عدم انتظام شكل جمجمة المجرم وصغر حجمها بشكل ملحوظ. وتختلف شكل جمجمة المجرمين حسب العرق، وكذلك ظهور الشيب في الشعر أو الصلع. - في أغلب الأحيان، - مرتكبي الحرائق واللصوص تكون لديهم قزحية العيون رمادية. وكل تلك الخصائص السابق ذكرها التي حددها لومبروزو أدت إلى نتائجه التي حصل عليها من تشريح الجثث أنَّ المجرمين الأوروبيين لديهم تشابه عرقي قوي مع السكان الأصليين الأستراليين والمغول. ٢- المجرم المجنون: وتضم هذه الفئة كل شخص مصاب بنقص أو ضعف في قواه العقلية يؤدي إلى اختلال وظائفها مما يفقده ملكة التمييز بين الشر والخير ويجعله على درجة من الخطر تقتضي إما ايداعه في احدى المصحات لعلاجه من مرضه أو ابعاده عن المجتمع في حالة استحالة هذا العلاج، والمجرم المجنون، مع الإهتمام بحالة المجرم الاخير لما يرتبه الجنون في المجتمع من آثار أخلاقية واجتماعية تنشأ من ارتكاب جرائم يجزع لها الرأي العام، حيث يكون لدى المجرمين المجانين هوس ببعض الجرائم بالأخص فمثلا يكون لدى بعضهم هوس لارتكاب الحرائق العمدية وهوس بارتكاب القتل العمد تؤدي لارتكاب تلك الجرائم بشكل متكرر. - والأشخاص الذين يتسمون بالبلاهة أو ضعف القدرات العقلية يستسلمون بسهولة لدوافعهم الأولى أو اقتراحات الآخرين، وكذلك من الممكن أن يقوم هذا الشخص بالقتل فقط كنوع من أنواع الانتقام وفي بعض الأحيان يقتل أطفاله حتى لا يلحقهم نفس مصيره. فإنَّه يعتاد على ارتكاب الجرائم، وهذا الصنف من المجرمين يعتبر مصدراً مستمراً للإجرام، بسبب طبيعتهم النفسية المستعدة دوماً لارتكاب المزيد من الجرائم وهناك شبه اجماع في الفقه على أن الفئات الثلاث السابقة تمثل درجة متقدمة من الخطورة الإجرامية تحتاج الى افراد تدابير وقائية خاصة لكل منها لمنع استشراء عدواها للأخرين. ٤- المجرم بالصدفة: الصنف الرابع وهو المجرم بالصدفة وهو لا يسعى إلى ارتكاب الجرائم ولكن تنزلق قدمه وينقاد إليها لأسباب كثيرة غير مقنعة أو كافية، والجوع الذي من الممكن أي جعل الرجل لصاً ولو لمرة واحدة، ولوحظ أحياناً أنَّه يرتكب الجريمة من أجل تقليد الاخرين أو للفت انظار افراد الجماعة لشخصه، وهذا يقتضي تدبير خاص له لأجل علاجه والحيلولة دون تحويله إلى مجرم بالعادة. زيادة ملحوظة في شهر نوفمبر في فترة استيراد النبيذ الجديد بفرنسا. ويقترف جرائمه نتيجة لعاطفته المرهفة والمتأرجحة والتي تتأثر بأسباب متعددة اهمها الغيرة والحسد والحماس والاندفاع والشذوذ عن الشرف والاخلاق والحب، مزايا نظرية لومبروزو: لا شك أن له الفضل في توجيه الاهتمام إلى شخص المجرم كأساس للظاهرة الإجرامية خاصة من زاوية تكوينه العضوي، بعد أن كان الاهتمام منصباً على الجريمة كفعل مادي أصم. ودوره أيضاً في إنشاء وتطوير علم الأنثروبولوجيا (علم طبائع الإنسان) ووضعه لأول تصنيف علمي للمجرمين قائم على الخصائص البيولوجية والعضوية والنفسية، محاولًا بيان الرابطة بين تلك الخصائص وبين السلوك الإجرامي. ولهذه الأسباب لقب لومبروزو بالأب الروحي لعلم الإجرام. الانتقادات التي وجهت إلى لومبروزو: القصور المنهجي الذي وقع فيه لومبروزو يعود إلى محاولة تعميمه للنتائج التي توصل إليها، من دراسة بعض الحالات الفردية وتطبيقها على بقية المجرمين، فاستنتاجه نقص الشعور بالألم لدى المجرمين لانتشار عادة الوشم أمر لا يمكن تعميمه على الكافة حتى بين المجرمين أنفسهم، وذات الأمر يقال بالنسبة لعادة استعمال اليد اليسرى كمظهر إجرامي ودلالة على الاضطراب النفسي. استخدام مجموعة غير مناسبة للدراسة حيث قام بدراسة الجنود على أنهم أصحاء ومن المعروف معايير اختيار الجنود وكذلك كان هناك الكثير من المضطربين عقليا ضمن مجموعة المجرمين الذين قام بدراستهم. ومن أهم الانتقادات التي لم يفطن لومبروزو لها هي أن العلاقة بين الصفات البيولوجية والجريمة لا تعني السببية. وكذلك فالادعاء بوجود المجرم بالميلاد، أي المجرم الذي يحتفظ عن طريقة الوراثة بالخصائص الأنثروبولوجيا الخاصة بالإنسان البدائي، فتدفعه حتما إلى الجريمة أيًا ما كان المكان والزمان الذي فيه ولد، لا يستقيم مع نسبية فكرة الجريمة وتغيرها من مكان إلى أخر وفي المكان الواحد من أن إلى آخر. في النهاية فإن نظرية لومبروزو قائمة على مبدأ "الجريمة والسببية" حيث قام لومبروزو بدراسة العديد من جثث المساجين والمرضى العقليين وعليه فقد صنف المجرمين إلى 5 أنواع وربط أسباب حدوث الجريمة ببعض الصفات الجسدية وعلى الرغم مما طاله من نقد حول القصور المنهجي الذي شاب النظرية إلا أنَّه قام بلفت نظر العلم للقيام بدراسة المجرم بجانب دراسة الجريمة،