يتمتـع هـذا النمـط بتاريـخ طويـل في العلاقـات الدوليـة عمو ًمـا، خصو ًصــا. و ُيقصــد بــه “الأفعــال الأحاديــة التــي تقــوم بهــا إحــدى الــدول ضــد دولــة أخـرى مناوئـة لهـا، علـى عمـل إ كراهـي، أو تدابيـر غيـر إ كراهيـة. ومـن الأمثلـة علـى فـرض الأمـر الواقـع الســريع وغيــر الإكراهــي إقــدام مصــر علــى تأميــن قنــاة الســويس في عــام 1956، ويمكــن النظــر إلى إقــدام روســيا علــى ضــم شــبه جزيــرة القــرم في عــام 2014، وأخيــًرا، فــإن قيــام كوريــا الشــمالية بإجــراء عــدة تجــارب صاروخيــة ونوويــة مــن فتــرة لأخــرى، يدخــل ضمــن الإجـراءات الإكراهيـة والتدريجيـة في الوقـت ذاتـه. بغــرض الإخــلال بالتــوازن العســكري القائــم. إذ قامــت وفي بعــض الأحيــان، تســعى الــدول ال ُمعتديــة إلى تبنــي إجــراءات متعمــدة مــن أجــلإضعــافالخطــوطالحمــراءللطــرفالــذييتبنــىموقًفــادفاعًيــا، وذلــكمــن خــلال تعمــد اتخــاذ تدابيــر اســتفزازية، ولكنهــا لا تــرقى إلى درجــة انتهــاك الخطــوط الحمــراء المعلنــة لخصمــه، حتــى تتجنــب التعــرض للتدابيــر الانتقاميــة. الأمـر الـذي يثيـر الشـك لـدى حلفائه اتباع “الحروب الهجينة”: ً للإشـارة إلى “نمـط جديـد في شـن الحـروب تسـتخدمه الفواعـل المسـلحة مــن دون الــدول، بالإضافـة إلى توظيـف الأبعـاد غيـر العسـكرية مـن العمليـات القتاليـة بطريقـة غيـر مألوفـة بالنسـبة للجيـوش الغربيـة، كمـا في شـن اًلحـروب المعلوماتيـة” فضــلا ً عــن اســتخدام أســلحة كانــت تعــد في الســابق حصــرا علــى الجيــوش مثــل الصواريــخ الباليســتية وغيرهــا. في أعقـاب الاحتــلال الأمريكــي لهمــا في عامــي 2001 و2003 علــى التــوالي(1). وتطــور المفهــوم فيمــا بعــد ليشــير إلى نمــط مميــز مــن الحــروب تقــوم الــدول بتوظيفــه، وكان المثــال الــذي تتــم الإشــارة إليــه بصــورة مكثفــة في هــذا الإطــار هــوالتدخــلالعســكريالروســيلدعــمالانفصالييــنفيشــرقأوكرانيــابــدًءامــن عــام 2014، بالإضافـةإلىدعـمهـذهالعمليات بتغطيــة إعلاميــة مكثفــة للدفــاع عــن الانفصالييــن، لتســوية الصــراع، وذلــك بصــورة متزامنــة تقريبــاً فــإن هنــاك تصوريــن متمايزيــن للمفهــوم، وتعــرف الأدبيــات الغربيـة “الحـروب الهجينـة” علـى أنهـا “تلـك الصراعـات التـي تتضمن الجمع بيــن اســتخدام القــوات المســلحة التقليديــة والقــوات غيــر النظاميــة (مثــل حــركات التمــرد والجماعــات الإرهابيـة وجماعـات الجريمـة المنظمة بصــورة متزامنــة)، والمعلوماتيــة، وذلــكعلــىالرغــممــنكونهــاجــزًءامــناســتراتيجيةمتســقةتســتخدم، إمــا لمواجهــة تهديــد أمنــي(3)، أو حتــى دع ًمــا لقــوات نظاميــة في مواجهــة تنظيمــات مسـلحة، واعتمادهمـا علـى الميليشـيات الشـيعية تتبعــه الــدول الغربيــة، والتخريــب السياســي، بالإضافــة إلى توظيــف الهيمنــة المعلوماتيــة مــن أجــل إضعــاف وخفــض الــروح المعنويــة بهــدف خلــق حالــة مــن “الفوضـى المحكومـة” (Controlled Chaos)، وإضعــاف نظــم القيــادة والســيطرة، والقــوة الناعمــة ممثلــة في العمليــات المعلوماتيــة التــي لا تتوقــف”(2). ومــن الواضــح أن المفهوميــن قــد تــم تطويرهمــا مــن أجــل وصــف التكتيــكات التــي يتبعهــا كل طــرف في مواجهــة الطــرف الآخـر، خاصـة في شـرق أوكرانيـا، مـن خـلال تقديـم الدعـم للعناصـر الانفصاليـة هنـاك، وذلــك لتجنــب الإدانــة، والتســبب في أكبــر قــدر ممكــن مــن الغمــوض والإربــاك للخصــوم وفي في المقابــل ترفــض روســيا هــذا الاتهــام، وف ًقـا للـروس، قـد تـم تطبيقـه خـلال مـا عـرف باسـم “ثـورات الربيـع العـربي”، فإن تداعياتهـا الكارثية لا تتغير(1). و ُيلاحــظ أن المفهوميــن علــى اختلافهمــا، يتفقــان في نقطتيــن أساســيتين همــا اســتخدام كافــة الأدوات غيــر العســكرية في التأثيــر علــى ســير المعــارك، وتوظيــف القـوة المسـلحة أحيانًـا، وعلــىالجانــبالآخــر، يتمثــل الهــدف النهــائي في خلــق فوضــى محكومــة، تهــدف في النهايــة إلى تغييــر الحكومــة القائمــة، علــى نحــو مــا وضــح في بعــض الثــورات التــي اندلعــت في شــرق أوروبــا ضــد الحكومــات ال ُمواليــة لموســكو، وكذلــك في المنطقــة العربيـة عقـب ثـورات الربيـع العـربي. تحقيــق هــدف سياســي،