كان أبو سعيد ينهي خادمه أن تخرج الكساحة من الدار، دور السكان وثلقيها على كساحتهم. فإذا كان في الحين بعد الحين جلس وجاءت الخادم ومعها زبيل، فإذا أصاب قطع دراهم وصرة فيها نفقة والذينار أو قطع حلي، وأنا ما وجد فيه من الصنوف فكان وجهه أن يباع، وكذلك قطع الأكسية وما كان من خرق الذياب فمن أصحاب الصينيات وما كان من قشور الرمان فمن الصباغين والدباغين، القوارير فمن أصحاب الزجاج، وما كان من نوى التمر فمن أصحاب الحشوف‏ كان من نوى الخوخ فمن أصحاب الغرس، وما كان من قطع الخشب فللأكافين. واذا بقي التراب خالصا وأراد أن يضرب منه اللبن للبيع وللحاجة إليه، يتكف الماء ولكن يأمر جميع من في الدار ألأ يتوضؤوا ولا يختسلوا إلا عليه. ابتل ضرب منه اللبن وكان يقول: من لم يتعرف الاقتصاد تعرفي فلا يتعرض له. وذهب من ساكن له شيء كبعض ما يسرق من البيوت. فقال لهم: اطرحوا الليلة ترابا فعسى أن يندم من أخذه فيلقيه في التراب ولا ينكر مجيئه إلى هذا المكان فاتفق أن طرح ذلك الشيء المسروق في التراب، فرآه قبل أن يراه المسروق منه.