تُظهر الدراسات الحديثة أن اللغة ظاهرة اجتماعية قديمة قدم الإنسان، إلا أن تدوينها متأخر (خمسة آلاف سنة). البحث اللغوي حديث نسبياً، ويرتبط بالتقدم العلمي. يُعد المنهج أساس بناء الفكر النظري، وتختلف مناهج البحث باختلاف العلوم. يُشير عبد الرحمن الحاج صالح إلى اختلاف طرق تحصيل العلم عبر الزمان والأماكن، مع تميز بعض الحضارات القديمة (المصرية، البابلية، اليونانية، الهندية، العربية) بمعرفتها لطرائق علمية. في الهند، برزت دراسات سنسكريتية متقدمة، قريبة من المنهج العلمي الحديث، خصوصاً في الجانب الصوتي، بفضل علماء كبانيني. أما اليونانيون، رغم إسهاماتهم، فقد خلطوا بين التفكير اللغوي والفلسفي. تأثرت الدراسات اللغوية المصرية والرومانية باليونانية. أما العرب، فقد ازدهرت الحياة الفكرية لديهم نتيجة استخدامهم لوسائل تحليلية منطقية، باستخدام الاستقراء والاستنباط، كما يقول يوسف خليف. وظف علماء العربية مناهج متعددة كالتاريخي والوصفي والمقارن، قبل عصر النهضة الأوروبية، بما في ذلك دراسات الخليل بن أحمد الفراهيدي وابن جني وابن سينا. يُشبه تطور البحث اللغوي عند العرب بمراحل حياة الإنسان، من ولادة مع الإسلام إلى ازدهار ثم ضعف قبل انبعاثه من جديد. بدأ البحث اللغوي العربي مبكراً، كما في قصة أبي الأسود الدؤلي وابنته، ولمواجهة مشكلات فهم اللغة العربية بعد دخول الأعاجم. استخدم علماء اللغة العربية القدماء الدرس الصوتي في علوم متنوعة، وذلك منذ القرن الأول الهجري. وتشمل المناهج المستخدمة التاريخي، المقارن، الوصفي، والتقابلي.