إذا كانت الفلسفة محاولة لإدراك العالم في صورته الكلية بوسيلة الفكر النظر ي، فإن مجالها أعم المجالات وأكثرها تجريدا، لكن مشاكل الفلسفة هي معاني الأفكار السياسية و حقيقتها ، و العلاقات المنطقية بين الأفكار في هذه المشكلات التي يستعص ي على العلوم التجريبية الوصول لحل لها ، أما الفلسفة كما ع رّفها أرسطو فإنها " البحث في الوجود بما هو موجود" ، و لذلك فإن تعريف أرسطو نستطيع أن نقول عليه أنه ما يزال صالحا إلى غاية الآن ، و إذا كان هذا هو حال الفلسفة و لا زال إلى غاية الآن فإنه يمكن حصر المشكلات - القضايا - التي تعالجها فيما يلي : أنواعها. الخ الخ ج - قضايا القيم (الأكسيولوجيا -Axiologie) : و هنا تتناول الفلسفة المشاكل المتعلقة بالقيم ، مثل البحث في صحيح الفكر و فاسده ) علم المنطق (، و السلوك و نتائجه من حيث الخير و الشر ) علم الخلاق ( ، و أخيرا تبحث الفلسفة في ذوق الانسان من حيث الجميل و القبيح ( علم الجمال ) . : Epistémologie - نظرية المعرفة –د و تسمى نظرية المعرفة بالابستمولوجيا و لا يفرق الناطقون بالانجليزية بين المصطلحين، و نظرية المعرفة كما عرّفها 'روزنتالRozanthal ' هي : " قسم هام من النظرية الفلسفية و هي نظرية في مقدرة الانسان على معرفة الواقع و مصادر و أشكال و مناهج المعرفة و الحقيقة و وسائل بلوغها " . و هكذا يمكن القول أن نظرية المعرفة تتناول : أ- البحث في العلاقة بين الفكر ) الذات- Sujet( و الوجود ) الموضوع - Objet( من حيث السبقية أو الأولوية . - البحث في قدرة الإنسان على تحصيل المعرفة و الوصول إلى الحقيقة و مصادرها ، - تتناول نظرية المعرفة مشكلة الحقيقة و الحقيقة العلمية . هذه الإشكاليات يمكن أن نلخصها في الأسئلة التالية : 4- هل المعرفة ممكنة ؟ / 1- ما مصدر المعرفة ؟ / 3 - ما طبيعة المعرفة ؟ -1 - إمكانية المعرفة : يقصد بإمكان المعرفة حدودها، للنزعة الشكية في التفكير الفلسفي جذور عميقة بحيث تمتد إلى غاية مرحلة ما قبل سقراط، كما شك هيرقلطسHéraclite ) 239 – 107 ق. م ( في المعرفة العقلية ، و اعتبر أن كل ش يء متغير يقول : " لا يستطيع الانسان أن يعبر النهر مرتين". كما شك أيضا السفسطائيون ) حوالى القرن 2 ق . متعددة نسبية ، تختلف باختلاف الفراد ف : " الإنسان مقياس الأشياء كلها " فيما يقول بروتاغوراسProtagoras )167 – 117 ق. و يعود ظهور الشك في صيغته الفلسفية تاريخيا إلى المدرسة الشكية أو المدرسة البيرونية ) نسبة إلى مؤسسها بيرون( Pyrrhon )397 - 107 ق. م( التي اعتقدت أن العقل الانساني عاجز عن فهم الحقيقة – أي حقيقة الشياء – لن الشياء تظهر مختلفة لفراد مختلفين ، و قد شك الغزالي شكا منهجيا لم يخش ى فيها النتيجة المترتبة ، فهو لم يشك فقط في المحسوسات بل حتى في المعقولات وهو ما تحدث عليه في كتابه المنقذ من الضلال . كما اعتمد رينيه ديكارت R . بديهية و واضحة يقول في كتابه' مقال الطريقة ' (Discours de la Méthode) : " فكّرت أن من الو اجب عليّ أن أطرح جانبا كل ما قد أتخيله موضع شبهة و ارتياب ، وقد شك ديكارت في كل الموضوعات : في المعارف التي تلقاها عن أساتذته ، في جميع الأفكار. و لا ننس ى في هذا السياق الشك الذي أقامه كانطI. حيث ميز بين نوعين من العوالم، و فيه تكون المعرفة ممكنة جدا و هو عالم الطبيعة أو الخبرة الممكنة و ثانيا عالم الظواهر في ذاتها(Noumènes)و تكون فيه المعرفة غير ممكنة و كل ما يمكننا ازاء هذا الخير هو التسليم بظواهره و معارفه مثلما نسلم بوجود حقائق ميتافيزيقية : وجود الله ، النفس ، الخ و قد كان مستعدا للشك في كل ش يء يقول : " يصل إلينا العالم الخارجي من خلال الحواس ، فيمتزج بصفاتها و خصائصها ، و هذه الصفة كل تلك الأمور و غي رها هي العالم الحقيقي و ادراكها يكشف عن الجوهر . ب- المذهب الوثوقي أو النزعة الدوغمائيةDogmatisme : تطلق صفة النزعة الوثوقية - الدوغمائية على كل مذهب لم يمهد لطروحاته و أفكاره بالتحليل و المناقشة و النقد الكافي ، و ترى هذه النزعة أن المعرفة الإنسانية لا حد لها تقف عنده ، فإن قصر الإنسان في معرفة الكون بكل ما فيه ، إنما هو قصور مرهون بزوال العوائق فيزول . و الدوغمائيون أو الوثوقيون هم بصفة عامة أصحاب المذهب العقلي و التجريبي على السواء ، فكلا المذهبان - قبل كانط - كان يعتقد في مصدر المعرفة التي يأخذ به ، و لا يرى مانعا في أن يستقي من ذلك المصدر علما بكل شيء . 2 - مصدر المعرفة : تطلق العقلانية Le Rationalisme)) على التيار الفلسفي الذي يقر أن العقل هو مصدر المعرفةالحقيقية ، و ترفض العق لانية كل ما هو مخالف للعقل أو ما يعجز العقل عن تفسيره ، التناقض ، ضرورية ، و هي ليست محل اكتساب تجريبي ، و إنما هي قائمة في العقل منذ نشلته ، و من ثمة كانت صادقة في كل زمان و مكان . و يعتبر أب الفلسفة الحديثة رينيه ديكارت مؤسس المذهب العقلاني في الفلسفة الأوروبية الحديثة ، و رفض ديكارت النسق الارسطي كمصدر من مصادر المعرفة ،