ثالثا/ الاقتباس والتهميش والتوثيق تمثل هذه العناوين الثلاثة مجتمعة مرحلة أساسية من مراحل البحث العلمي وهي تعكس في جوهرها بأن القيام بأي عمل في هذا الإطار لا ينطلق من العدم كما وتعكس كذلك بأنه ليس بالأمر السهل بل هي ممارسة مختصة وإعداد نظري وقراءات حقيقية معمقة وثقافة فكرية وعرف (وتقليد) علمي متوارث وأبجديات منهجية. حيث تساهم في اتساع الفكر والتفكير العلمي والقدرة على المقاربة والنقد البناء (ليس النقد من أجل الانتقاد فقط) والجدال العلمي الراقي والمماراة البناءة ما يعكس الاطلاع الواسع والفهم الواعي لموضوع البحث وحصر الأفكار والمعارف النظرية والحقائق والمعلومات وهي لا تختزل فقط في جمع المعلومات بل هي قراءة نفسية عميقة تتعلق بتكوين إحساس بمتعة القراءة الناضجة واكتشاف مضامين النصوص والفقرات باستعمال العقل وآلياته في معالجة المعلومات والوقوف على تحليلها الموضوعي والعلمي من جهة وما يعكس أيضا المخزون المعرفي في كيفية القراءة والفهم الصحيح لتضمن المعلومات المستقاة والتوظيف المحكم لدلالاتها ومعانيها ضمن سياقاتها الحقيقية من جهة ثانية.  الاقتباس: وهو بمثابة العملية التي يتم من خلالها النقل من المصادر والمراجع واستخدامها واستغلالها من قبل الباحث وفق شروط معينة وقواعد محكمة وأصول مضبوطة والتي يكون الهدف من خلالها تناقل المعلومات المهمة والتعرف على آراء الآخرين لمناقشته حتى تتحقق المساعي العلمية الحقيقية من باب الإثراء والتعزيز أو الاختلاف والمماراة. كما ويعرف في مراجع أخرى بالاستعانة بأفكار الآخرين ومعلوماتهم ومعارفهم وخبراتهم المكتوبة والمسموعة وانتقائها واقتباسها من مراجع ومصادر مكتوبة بأنواعها المختلفة أو من محاضرات ولقاءات وحوارات ومقابلات وملتقيات. ويتم نقلها لإدماجها داخل سياق النص الجديد عن طريف اعتماد التهميش والتوثيق. وبناء على ما تقدم فعلى الباحث توخي الالتزام بشروط وقواعد الاقتباس وأهمها: - الفهم الصحيح والمعمق للكلمات والمصطلحات والمفاهيم والفقرات والنصوص والأحكام في سياقها النصي والموضوعي ومنبتها الثقافي؛ - التركيز على اقتباس الآراء والمواقف والأفكار من مصادرها الأصلية (من الدرجة الأولى) بدل اقتباسها من مراجع من الدرجة الثانية أو الثالثة إلا للضرورة القصوى؛ - تركيز الانتباه حول ما تم اقتباسه من حيث المعنى وخدمة النص الذي ستدمج فيه حتى لا يحدث عدم انسجام وربما تنافر وتناقض في بناء الفكرة ما يمكنه أن يؤدي إلى خلل في مفاصل الموضوع. لذلك من الواجب على الباحث أن يتدخل بين كل اقتباس وآخر حتى يترك بصمته الخاصة في ذلك. والاقتباس نوعان: الأول كامل (مباشر أو حرفي أو غير متصرف فيه) (على اختلاف التسميات في الحقل المعرفي) في هذه الحالة يجب تحديده بمزدوجتين اثنتين ". " . وتجدر الإشارة في هذا المقام بأنه يفضل هذا النوع أكثر من الأول في حالة ما كان نص الاقتباس طويلا فيتم تلخيصه وإعادة صياغته بأسلوب الباحث، ويجب التذكير بأنه في كلتا الحالتين يجب تدوين المصدر أو المرجع وفق ماهو معمول به في إطار المدارس المتخصصة في التهميش أو التوثيق وضروري اعتماد نفس الطريقة من أول البحث إلى آخره وليس الجمع بين طريقتين في الإشارة للمراجع والمصادر على اختلافها.  التهميش: بعد الاقتباس يأتي التوثيق (والذي يشمل معنى واحدا وهو الإشارة إلى المصادر والمراجع المعتمدة في الاقتباس في متن النص بذكر معلومات محددة باختصار أو في آخر البحث بذكر كل المعلومات) أو التهميش (الذي يشمل معنيين اثنين: المعنى الأول مشترك مع التوثيق وهو تحديد المصادر والمراجع المعتمدة عن طريق ذكر معلومات محددة فقط الموضع يختلف حيث يكون التهميش في الحواشي السفلية ويطلق عليه في بعض المراجع التذييل معناه في آخر الصفحة أي في أسفلها أو في ذيل الصفحة. بمعنى أن أي توسع أو تعريف إضافي للرواد أو غيره يكون في الهوامش السفلية أو الحواشي السفلية) وهو الأمر الذي يحدد لنا الفرق بينهما سواء من حيث الاختلاف بينهما طبقا للموضع أو المكان الذي يأتي عليه كل من التوثيق (في متن النص أو في آخر البحث) والتهميش (الذي يكون في الهامش السفلي،  التوثيق: يعد التوثيق إثباتا مباشرا لمصادر المعلومات وإنسابها إلى أصحابها من باب الأمانة العلمية واعترافا بجهودهم وحقوقهم وملكياتهم العلمية ويتم إما: الصفحة) وفق هذا الترتيب وبهذا الشكل تماما، بفصل القواميس عن الكتب ثم المقالات العلمية والمجلات العلمية ثم الأطروحات والرسائل الجامعية ثم مادون ذلك.