تقع دولة الإمارات العربية المتحدة في قلب المنطقة الجافة في العالم، فقد تحولت إلى دولة زراعية في بضع سنوات بفضل العزيمة الصادقة والإرادة الصلبة لسموه ومتابعته لخطط التنمية الزراعية في الدولة. كما نجحت الخطط الرامية لمكافحة التصحر ووقف زحف الصحراء من خلال زراعة الأحزمة الخضراء والغابات بين الرمال وفي أعماق الصحراء. إن ما حققه القطاع الزراعي في الدولة هو طفرة كبيرة في الإنتاج الزراعي إلى حد وصلت فيه الإمارات إلى الاكتفاء الذاتي من الخضار والفواكه والأعلاف الحيوانية، حدث ذلك بسبب اتباع وسائل التقنية الحديثة والطرق المتقدمة للإنتاج باستخدام البذور المنتقاة وتحسين وسائل الري ومقاومة الأمراض والحشرات والمحافظة على الموارد الطبيعية من مياه وتربة وإقامة محطات البحوث الزراعية والإرشاد الزراعي. لقد استهدفت دولة الإمارات العربية المتحدة منذ عام 1971 وضع خطة تنموية عالية الوتيرة في كل مجالات الحياة، ولم يكن مستطاعاً أن يتحقق كل ما تحقق وسيتحقق بإذن الله لولا العطاء الدافق والخير الوفير والجهد المستمر والقيادة الحكيمة والرشيدة والواعية لسموه، الذي هيأ للبلاد كل السبل التي تضمن التطور والتقدم والازدهار والتحضر في شتى مناحي الحياة. فزادت المزارع بنسب عالية، ووصلت على سبيل المثال نسبة التطور الإجمالية عام 1992 (543%). يقول سموه: لقد كانوا يقولون: إن الزراعة ليس لها مستقبل، من كان يتصور أن الصحراء ستزينها جنان خضراء وأبسطة وأشجار وحدائق لا أجمل منها ولا أحلى! من كان يتصور أن الإمارات ستنتج خضاراً، وفاكهة تغطي السوق المحلية وتزيد. لقد تطورت الزراعة في الإمارات عما كانت عليه في السبعينيات وما قبل بأضعاف المرات: خضراوات وفواكه واثنان وعشرون مليون نخلة من التمور. إن إمارة أبوظبي وحدها غرست حتى عام 1998 أكثر من (120) مليون شجرة، وأم القيوين؟! إن ذلك خفض درجات الحرارة إلى بضع درجات مئوية وشكل أرضية صلبة للثورة الزراعية في الإمارات. الموالح والبطيخ والشمام والمانجو والتين والخيار والجزر والملفوف والزهرة والكرفس والكوسا والباذنجان والطماطم والفول والحبوب تفيض بها أرفف المحلات في الأسواق المحلية في كافة أنحاء الإمارات. ولقد لعبت دوراً مهماً في تحقيق أحد أهداف سموه واستراتيجيته التي دعت إلى الاكتفاء الذاتي من الغذاء. ويكفي أن نشير إلى أن توجيهاته وإصراره على الزراعة دفعت الباحثين إلى إجراء تجارب عديدة لزراعة مختلف الأنواع من الفاكهة والخضراوات باستخدام أحدث التقنيات لزيادة وتحسين الإنتاج. وقد تحققت نتائج باهرة عن طريق إيجاد مراكز بحوث زراعية حكومية في العين والذيد والحمرانية وكلباء. وقد اهتمت هذه المراكز بمكننة تلقيح النخيل واختبار أكثر من ثلاثين نوعاً من الشعير والقمح والتعاون مع المناطق الزراعية في كل إمارة لمكافحة سوسة النخيل وتوجيه المزارعين وإطلاعهم على نتائج بحوثهم والاستفادة منها. ودليلنا على ذلك استثماره أموالاً طائلة لإنجاح مشروعه الزراعي في الدولة ولإنشاء المزارع الحديثة الكبيرة مثل: مزرعة الجرف التي تحولت إلى دوحة بسّامة وغابة خضراء تضم أكثر من نصف مليون شجرة. ومزرعة العجبان الجميلة التي تحتوي (1500) شجرة مانجو وخمسة آلاف شجرة جوافة وثلاثين ألف نخلة وأعداداً كبيرة من أشجار الموالح. في هذه الجزيرة تجد كيف ازدهر التفاح والأناناس والموز والكمثرى والزيتون، وجه سياسة الحكومة للنهوض بقطاع الزراعة لإيمانه بأهمية ذلك في دولة تود أن تلج أبواب الحضارة من أوسع أمكنتها. لقد وجه، حضر الأرض للمواطنين القادرين على الزراعة، ووزع الغراس والشتلات مجاناً، ومنحهم ضمانات ومساعدات وقروض مالية حتى يشتروا المعدات والأسمدة والبذور، وما يمكن ذكره في هذا الميدان أنه في عام 1990 تراجعت كثبان الرمال لتحول (280) ألف هكتار من الصحاري إلى حدائق ومزارع وغابات . بعد ذلك عارض الهجرة من الريف إلى المدينة، بل درس أحوال المزارعين في الريف، فأقام لهم مشروعات عمرانية لتوفير بيوت حديثة للسكن، إضافة إلى تسهيل أمور حياتهم وحاجاتهم. وحتى يشجعهم أكثر على تطوير الزراعة فقد أمر بتمليك المسكن لكل مزارع يقوم بتجميل المنطقة المحيطة به. كما انتشرت الخضرة في كل مكان، إنه التوجه نحو زيادة إنتاج الغذاء وكل ما تحتاجه المواشي إذ بدأ البعض ينتج نبات (الألفا) الذي يحصد في العام الواحد أربع عشرة مرة. وقد تحقق الكثير حيث أصبح إنتاج الخضراوات يغطي 55% من إجمالي حاجة الدولة. وبدأت تظهر حقول القمح حول واحة ليوا، كما تم استصلاح أكثر من مائة ألف هكتار من الأراضي الصحراوية إلى أراض زراعية منتجة. وهذا ما عكس نتائج طيبة في ازدياد الأغنام والإبل والأبقار وتطور صناعة الألبان التي وصل الإنتاج الوطني فيها إلى أكثر من ألف طن في السنة، هذا بالإضافة إلى إنتاج القشدة والزبدة والزبادي وتوافر اللحوم المذبوحة محلياً، ولابد هنا من الإشارة إلى النجاح الكبير الذي وصلت إليه مزارع الدواجن والبيض في أم القيوين ورأس الخيمة وأبوظبي ودبي والفجيرة. هذا وللتغلب على مشكلة ملوحة المياه تسعى الدولة إلى مواجهتها بطرق عديدة منها إقامة محطات تحلية، ومنها معالجة مياه المجاري (كما في دبي) ومنها التعاون مع البنك الإسلامي للتنمية بإجراء دراسات وأبحاث على زراعة المحاصيل التي تتحمل الملوحة، ومنها إدخال تقنية شبكات الري الحديث، وذلك بدعم المزارعين بنصف تكاليف هذه الشبكات إذ أصبحت تغطي أكثر من 61% من إجمالي المساحة المزروعة والمروية بالمزارع، كما تم إبرام معاهدة للتعاون الفني مع المركز الدولي للبحوث الزراعية (إيكاردا) لتقديم الخدمات الفنية والاستشارية وإجراء البحوث. وفي هذا الميدان لابد من ذكر مركز زايد الزراعي لتأهيل المعاقين الذي افتتح عام 1994 من أجل تسخير الزراعة والبيئة كوسائل لتأهيل المعاقين. الأشجار والأزهار تمرع في الرمال سأضرب مثالاً واحداً عن عدد وأسماء الأشجار والأزهار التي تنبت في أبوظبي لنتأكد من مدى الجهد المقدم حتى تحولت الصحراء إلى فراديس رائعة وجنان فتانة، قال تعالى في سورة عبس: فلينظر الإنسان إلى طعامه(24) أنا صببنا الماء صبا(25) ثم شققنا الأرض شقا(26) فأنبتنا فيها حباً(27) وعنباً وقضبا(28) وزيتوناً ونخلاً(29) وحدائق غلبا(30) وفاكهة وأبا(31) متاعاً لكم ولأنعامكم(32)} صدق الله العظيم يقول معالي الشيخ محمد بن بطي آل حامد رئيس دائرة بلدية أبوظبي وتخطيط المدن في تقديمه لكتاب " الزهور تنبت في الرمال " . وإنها أيضاً السبيل الذي نسلكه لإرشاد ومساعدة المواطنين والمقيمين لاكتساب الخبرات الزراعية والتعرف على نباتات الزينة المختلفة وطرق زراعتها والاستعانة بالمتخصصين لإعطاء المشورة حول استخدام أفضل السبل لزراعة أشجار الزينة والعناية بها. الأشجار الصحراوية في أبوظبي: الأشخر ـ السنط (القرض) ـالفتنة (عنبر) ـ الطلح ـ السمر غاف ـ الغويف ـ الغاف ـ الزرطا ـ السدر الهندي ـ السدر (النبق) ـ الأثل العبل (الطرفة). أما الأشجار الصحراوية، فتعد اثنتي عشرة شجرة. بعد ذلك أليس وراء كلمة صاحب السمو الشيخ زايد " دعونا نجرب " موقف وأي موقف! إن التطور العلمي والتقني في المجالات الزراعية المختلفة يسير في الإمارات بخطى سريعة جداً مما يتطلب منا جميعاً المتابعة والبحث ومسايرة الدول المتقدمة وتطوير التقنيات. نجاح التحدي لقد نجح في تحديه لمواجهة التصحر، وهاهي الإمارات تتحول إلى جنة خضراء، وهذا لم يتحقق لولا الصبر والتخطيط السليم والقيادة الحكيمة. إن ما وصفه الخبراء كان حقيقة ماثلة. دهش العالم ومازال يبحث في تجربة الإمارات بالقطاع الزراعي، زايد محول الكثبان الرملية إلى تلال خضر. والجميع يدعو لزايد الخير بالتوفيق لتفانيه وتحديه وحنكته واقتداره. وأن إنتاج الخضراوات بلغ في العام نفسه (1023، 5) دونماً، أما العين ففيها (1$$$0) مزرعة. وقصارى القول: إن الزراعة ـ من وجهة نظره تعبر عن نظرة عميقة لجذور الاستقرار في أي مجتمع.