وقعة بلاط الشهداء : يبلغ المد الاسلامي نقطة بعيدة في اضخم حملة وراء البرت مده الولاة ايام الوالي المهاجد عبدالرحمن الغافقي (صفر١١٢-رمضان ١١٤هـ=مايس ٧٣٠تشرين الاول ٨٣٢م)حيث جدد نشاط الفتح الاسلامي وتعرف هذه المعركة باسم ((وقعة البلاط))أو ((غزوة البلاط))كما عرف الموضع الذي جرت فيه باسم ((بلاط الشهداء))جرا أحداثها التي استمرت حوالي عشرة ايام في رمضان سنة ١١٤هـ واستشهد الغافقي نفسه في موضع يقع بين مديني تور وبواتييه من فوق ٢٠٠كم جنوبي باريس وانتهت الوقعة بانكسار الجيش الاسلامي وانسحابها من ميدانها ، لم يمكن تحديد موقع الميدان الذي دارت فيه أحداث معركة بلاط الشهداء بدقة فمراجعنا الأندلسية والاسلامية عموماً لم تفصح عن ذلك لكنها ذكرت ان المعركة دارت في بلاد الفرنجة وسمت الموضع ((بلاط الشهداء))تحدث بعض الباحثين الاوربيين في تحديد المكان إلا انهم اختلفوا في ذلك ولم يخرج هذا الاختلاف في التحديد عموماً عن المنطقة الواقعة بين تور على نهر اللوار وبواتييه على كلين رافدافيين احد فروعه والمسافه بين المدينتين حوالي٩٠كم لذلك تسمى المعركة في الرواية الاوربية باسم إحدى المدينتين او كليمها فذكر انها بدات عند تور كما ذكر الميدان قرب بواتييه ويذهب الى الأخير العديد و ذكر ان ميدان المعركة قرب طريق روماني يصل بين بواتييه وشاتلر و على نهر فيين فرع اللوار وبينهما حوالي ٣٠كم في مكان يبعد حوالي ٢٠كم شمال شرق بواتييه يحتمل في المكان المسمى حالياً موسيه لاباتاي وأشير أخيراً الى قرية(خندق الملك)الواقعة بين مدينتي :تور (طور)وبواتييه (بواتيه) وقد استكشف هناك حديثاً في الحفريات بعض السيوف العربية فلعل موضع هذه القرية يقع ضمن ميدان معركة بلاط الشهداء إلا أنه لم يحدد موقعها مصادرها : لاتمدنا المصادر الاندلسية المتوفرة لدينا بمعلومات واضحة او تفصيلات شافيه عن هذه الواقعة ولاتلقي عليها غير ضياء جد خافت وان كان اقل خفوتاً حين تتحدث عن الوالي الغافقي وجهوده في الاندلس امام البرت وجهادع وراءها كان ذلك ومعركة ((بلاط الشهداء )) مهمة في احداثها ونتائجها واحتوائها على التجهيزات الضخمة والاعداد الكبير والتضحيات العالية الغالية قدمها المسلمون وليس بعيداً ان هناك معلومات قيمة دونت عنها وضاعت مع ماضاع من هذه المصادر سيلقي لنتائجها أمثال :مؤلفات آل الرازي لاسيما احمدهم (٢٧٤-٣٤٤هـ)ومقتبس ابن حيان القرطبي(٣٧٧-٤٦٩هـ). وماكتبه ابن بشكوال(٤٩٤-٥٧٨) وأخرون المصادر الاسلامية تفيض الرواية الاوربية كتابة عن وقعة ((بلاط الشهداء))وكثرة من شروحها مستمدة أو متأثرة بهذه الرواية التي تتسم واحياناً الى حد موغل بالتحامل والكراهية والبعد عن الحقائق أو إهمالها ملفوفة برداء اسطوري لذا فهي غير مأمونة سواء فيما يتعلق بالوقائع التاريخية او بتعليلاتها ولا بد من التدقيق والتحفظ وكيف جرت بسببها حركة التفاف حولها خلف المعسكر ، وهذا مع مجانبته لكل ما عرفناه عن الفتح الاسلامي والتمسك بأهدافه العليا القائمة على الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته والخطط المحكمة المتبعة فيه ، و لما ألفناه من الفاتحين في فرنسا . بل وحتى حسب ما تورده الرواية الأوربية ۱ ـ تذكر هذه الرواية ترك الجيش الإسلامي خيامه منصوبة والغنائم في مكانها مطروحة (۳) كان لدى الجيش الإسلامي مجال لحملها . فيها بظروفها القاسية وبعد استشهاد قائدها الغافقي ، ولكن لما زاد استشهاد الغافقي صعوبة الموقف فضلوا الانسحاب ، ولعل تركهم للخيام كان خطة حماية لم يدركها الفرنج الا صبيحة اليوم التالي وهم يستعدون للهجوم والقتال ، وهو أمر يشير إلى أن انسحاب الجيش الإسلامي كان من غير ظهور بوادر انكسار بينة . لكن اهتمام الفرنج بهذه المعركة وفرحهم بنتيجتها انه - بسببها وبغيرها – توقف المد الإسلامي عن الاستمرار في التقدم داخل الأرض الكبيرة الذي كان متوقعاً بادياً . فاعتبروا المعركة حاجزاً أنقذ أوربا (۱) ، ومن هنا زادوا الحديث عنها والتهويل لأحداثها ونتائجها في جو يحدوه التزوير الفاضح والافتراء المشهود . بحاجة الى تناول جديد علمي أمين نزيه ، تقوم به دراسة خاصة وعندها تظهر حقائق وعوامل أخرى غير التي اعتمدها بعض الباحثين وأطنبوا في تفاصيلها على أساس غير سليم أو وجهه ليست صافية ولا متروية ٢ - كذلك تذكر الرواية الأوربية أنه مما كان يهتم الجيش الإسلامي به كثيراً في الفتوحات الحصول على الأسلحة والخيول اللازمة له في عمليات الفتح القادمة تلك مسألة واضحة لاحظناها - مثلاً - في معركة وادي برباط (۳) ، ٣ ـ كيف يحمل الجيش الإسلامي هذه الغنائم الثقيلة المعوقة – وهو أمر لم نألفه منه في حملاته السابقة في الأرض الكبيرة ـ وهو يعلم مقدماً أنه ذاهب للقاء حاسم يبتغي فيه نشر الإسلام وإعلاء كلمة الله في تلك البقاع . فكيف يجتمع ذلك له وقد مر في فتوحه ــ قبل هذه الحملة - في أراض فقيرة الثروة وأهلها مُعْدِمُون (۱) . في حين لم نسمع أو نألف له ذلك الاهتمام والأسلوب في عمليات جهاده - وهي كثيرة - في الأرض الكبيرة حقائق كثر الكلام حول هذه المعركة ، لكن بعض المؤرخين الأوربيين اعتبروها فاصلة ، الذين ادركوا شيئاً من روعة الاسلام وصدق عقيدته ورفعة شريعته وسمو مبادثه وجمال روحه . وقد رأوا ما أثبته وبثه في كل أرض حلها من الخير والنور وما جلبه لها من الحضارة والانسانية الكريمة . بلاط الشهداء )نكبة كبيرة أصابت أوروبا وضربة عنيفة حرمتها من الحضارة المنيرة وكرامة الانسان يمتزج فيه المقاتلة من أمم الشمال كلها ، وجلب جنداً غير نظاميين ، نصف عراة يتشحون بجلود الذئاب ، فوق أكتافهم العارية . ومستقبلها الحضاري وكرامة انسانيتها بمدافعته عنها لما سيبعث حياتها . كانت ستخسر الظلمات والجهالة والاستغلال والاستبداد والاضطهاد التي ترفل في نعيمها ،