نحن اليوم بصدد مناقشة مذكرة تخرج تحت عنوان جريمة الإتجار بالبشر في القانون الدولي والتشريع الجزائري، تخصص قانون جنائي وعلم الإجرام، سنة 2023-2024 حيث تعتبر جريمة الإتجار بالبشر من الجرائم القديمة، حيث أن هذه الجريمة عرفتها البشرية منذ فجرها، واستمرت إلى عصرنا الحالي، والتي أصبحت جريمة عالمية تقوم بها المنظمات الإجرامية عبر حدود الدول، حيث تعتبر ثالث أكبر تجارة غير مشروعة في العالم، بعد الإتجار بالسلاح والإتجار بالمخدرات، حيث تحقق أنشطته أرباحاً باهظة تقدر بالمليارات وأحد أنواع الجريمة المنظمة العابرة للحدود التي امتد مجالها بشكل مميز خلال الفترة الأخيرة حيث يتم من خلالها نقل ملايين من البشر عبر الحدود الدولية سنوياً ليتم الإتجار بهم، حيث أخذت المواثيق والقوانين والإتفاقيات والبروتوكولات والمؤتمرات الدولية التي اهتمت بمكافحة جرائم الإتجار بالبشر بعداً قانونياً كبيراً، ساعد الدول في وضع استراتيجيات تشريعية لمواجهة هذه الجريمة، كان أهمها إعطاء تعريف لمفهوم الإتجار بالبشر، من خلاله صنعت الإتجار بالبشر على أنه جريمة خطيرة، وأولت اهتمام لطابع الجريمة العابر للحدود الوطنية واعتبرته جانباً هاما في مكافحة الإتجار بالبشر، خاصة بالنسبة للتجارة بالنساء والأطفال عند استغلاهم الأغراض جنسية. ومن أسباب اختيارنا للموضوع هناك أسباب الموضوعية وأسباب الذاتية، فمن الأسباب الموضوعية إخترنا هذا البحث لأهميته في المجتمع الدولي الذي سلط عليه الضوء بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة من خلال المؤتمرات والإتفاقيات الدولية، كما جاء الإتجار بالبشر في إطار حقوق الإنسان الذي يشغل الحكومات والشعوب والمؤسسات الدولية والأهلية والتي تندد بإنتهاكها، وتزايد جريمة الإتجار بالبشر واعتبارها من أخطر الجرائم لصلتها الوطيدة بالجريمة المنظمة العابرة الحدود فهي إمتداد لنوع آخر من الجرائم تستعمل عائداتها في المتاجرة بالمخدرات والإرهاب وكلها تحدد الدول بالإندثار. أما من الأسباب الذاتية تحد منها التعرف على مفهوم جريمة الإتجار بالبشر وكذا التعرف التي تتبعها الجماعات الإجرامية في إرتكابها لهاته الجريمة والتعرف على أركان هاته على خصائص الجريمة وما يميزها عن غيرها من الجرائم المشابعة لها مع معرفة الأساليب الجريمة والعقوبات المقررة لها، والظروف التي تستوجب تشددها وكذا الأعذار القانونية التي تستدعي الإعفاء أو التخفيف منها في قانون العقوبات الجزائري. ومن خلال ما تقدم ذكره يتم طرح الإشكالية التالية: ما هي فعالية الوثائق الدولية في 2/4 جريمة الإتجار بالبشر ؟ من خلال عرضنا لهذه الإشكالية يتوجب علينا تقسيم الموضوع إلى فصلين على النحو التالي: الفصل الأول: الإطار المفاهيمي لجريمة الإتجار بالبشر المبحث الأول: ماهية الإتجار بالبشر المبحث الثاني: الإطار القانوني لجريمة الإتجار بالبشر الفصل الثاني: مكافحة جرائم الإتجار بالبشر على المستوى الدولي والوطني المبحث الأول: الإطار القانوني للجريمة على المستوى الدولي حيث اعتمدنا على المنهج التاريخي والإستقرائي لتوضيح المراحل والمحطات التاريخية التي مرت بها جريمة الإتجار بالبشر وتسلسل الإتفاقيات الدولية التي أقرت هذه الجريمة، والمنهج التحليلي في تحليل ومناقشة مواقف المشرعين من خلال نصوص قوانين مكافحة الإتجار بالبشر، وكذا المنهج المقارن بين القوانين الداخلية للدول الخاصة بمكافحة الإتجار بالبشر وبالمقارنة مع الإتفاقيات ذات الصلة بالموضوع. حيث جاء في الفصل الأول أن جريمة الإتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية، تكمن بداخل مرتكبي هذه الجرائم، كما تعتبر جريمة الإتجار بالبشر ظاهرة دولية لا تقتصر على دولة معينة فقط وإنما شملت العديد من الدول وجاء ذلك مع تقدم وسائل النقل والمواصلات مما ساعدها على الامتداد لأكثر من دولة مختلفة والتي تختلف أنماطها وصورها من دولة إلى أخرى، ومع ظهور وتطور الصراعات المسلحة سواء الدولية أو الداخلية وبروز العديد من النقاط والمناطق التي تعاني عدم الاستقرار،