ويؤيده ما وقع في بعض طرقه كما سيأتي في المحاربين من قول ابن عباس: ولكن أخرج الطبري من طريق نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس قال: "لا يزني حين يزني وهو مؤمن فإذا زال رجع إليه الإيمان ليس إذا تاب منه ولكن إذا تأخر عن العمل به ويؤيده أن المصر وإن كان إثمه مستمرا لكن ليس إثمه كمن باشر الفعل كالسرقة قوله: "ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن" ، في الرواية الماضية: "في الأشربة ولا يشربها " ولم يذكر اسم الفاعل من الشرب كما ذكره في الزنا والسرقة وقد تقدم الكلام على قال ابن مالك : فيه جواز حذف الفاعل لدلالة الكلام عليه، والتقدير : ولا يشرب ولا يرجع الضمير إلى الزاني لئلا يختص به، وكذا القول في لا يسرق ، ونظير حذف الفاعل بعد النفي قراءة هشام، ويحتمل أن يكون كناية عن عدم التستر بذلك، قوله: وعن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي ﷺ بمثله إلا النهبة هو موصول سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، بمثل حديث سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن المسيب يقولان قال أبو هريرة فذكره مرفوعا وقال بعده قال بن شهاب وأخبرني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن أبا بكر يعني أباه كان يحدثه عن أبي هريرة ثم يقول كان أبو بكر يلحق معهن "ولا ينتهب نهبة ذات شرف" والباقي نحو الذي هنا وتقدم في كتاب الأشربة أن مسلما أخرجه من رواية الأوزاعي عن شهاب عن بن المسيب وأبي سلمة وأبي بكر بن عبد الرحمن ثلاثتهم عن أبي هريرة وساقه مساقا واحدا من غير تفصيل قال بن الصلاح في كلامه على مسلم قوله وكان أبو هريرة يلحق معهن أنه ولا ينتهب يوهم موقوف على أبي هريرة وقد رواه أبو نعيم في مستخرجه على مسلم من الحديث فصرح برفعه انتهى وقد أخرجه مسلم من هذا الوجه، لأن المكلفين فيما يتعلق بالإيمان والكفر سواء، دل على أن مرتكب ذلك ليس بكافر حقيقة، وحديث عبادة الصحيح المشهور : أنهم بايعوا رسول الله ﷺ على أن لا يسرقوا ولا يزنوا " وفي آخره: "ومن فعل شيئا من ذلك فعوقب به في الدنيا فهو كفارة، قال وتأوله بعض العلماء على من فعله مستحلا مع علمه بتحريمه وقال الحسن البصري ومحمد بن جرير الطبري معناه ينزع عنه اسم المدح الذي سمي | الله به أولياءه، ورد بعضهم هذا القول : بأنه لا يبقى للتقييد بالظرف فائدة، وليس مختصا بالمؤمنين، حكاه ابن بطال عن الأوزاعي، فانتفت فائدة الإيمان في حقه بالنسبة إلى زوال عصمته في تلك الحالة، عن الغفلة أن يتصف بها ، سابعها : أنه يسلب الأيمان حال تلبسه بالكبيرة، عن فإذا تاب عاد إليه هكذا، أنه سمع أبا هريرة رفعه: "إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان" فكان عليه كالظلة ، وأخرج الحاكم من طريق ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة يقول : "من زنى أو شرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه" وأخرج الطبراني بسند جيد من رواية رجل أنت قد لبسته إذ نزعته" قال ابن بطال وبيان ذلك أن الإيمان هو التصديق، وذلك قلت : وهذا القول قد يلاقي ما أشار إليه النووي فيما نقله عن ابن عباس: لأنه يحمل منه على أن المراد في هذه الأحاديث نور الإيمان، عنه اسم الإيمان الذي هو بمعنى المدح إلى الاسم الذي بمعنى الذم فيقال له: فاسق مثلا ولا والثابت له اسم الإيمان بالتقييد، ومن ونطق باللسان وعمل بالجوارح، فليس بمؤمن بمعنى أنه ليس بمطيع، والعجب من النووي كيف جزم بأن في التأويل المنقول عن ابن عباس حديثاً مرفوعا، وقد قدمت أنه يمكن رده إلى القول الذي صححه، وإلى ذلك تصح إشارة بن عباس تشبيك أصابعه، وحاصل ما اجتمع لنا من الأقوال في معنى هذا الحديث ثلاثة عشر قولا وقد أشرت إلى أن بعض الأقوال المنسوبة لأهل ومن وافقهم وكذا قول المعتزلة: فإن الطوائف المذكورين تعلقوا بهذا الحديث وشبهه، قلناه: اندفعت حجتهم قال القاضي عياض: أشار بعض العلماء إلى أن في هذا الحديث تنبيها على جميع أنواع المعاصي، وبالانتهاب الموصوف على الاستخفاف بعباد الله، فلا يقع وسواء كان المزني بها أجنبية أو محرما ، وكذا من بأن انتهب أنه يدخل في الوعيد، قال ابن المنذر : ولم يكرهوه من الجهة المذكورة، بل لكون الأخذ في واحتج الحنفية ومن وافقهم بأنه قال في الحديث الذي أخرجه أبو داود من حديث عبد الله بن قرظ أن النبي ﷺ قال في البدن التي نحرها "من شاء اقتطع" واحتجوا أيضا بحديث معاذ رفعه إنما نهيتكم عن نهى العساكر،