يعتبر تمويل المؤسسات ذو أهمية كبيرة في مختلف الدراسات المهتمة بالإدارة المالية، و من أهم القضايا التمويلية التي تلقى اهتماما من قبل الباحثين و المختصين هو البحث عن التشكيلة التي تستخدمها المؤسسات في تمويل نشاطها، حيث تعتمد المؤسسات على نوعين من المصادر الداخلية و الخارجية . وعلى الرغم من تعدد المصادر المتاحة أمام المؤسسات مازال الاهتمام منصبا على الطريقة التي يتم بها تشكيل الهيكل المالي بين أموال الملكية و أموال الاستدانة.ويترجم الهيكل المالي للمؤسسة الصورة التي تعكس المصادر التمويلية لمختلف أصولها، حيث أنه مع تنوع مصادر التمويل تتنوع معه تكلفة وشروط كل مصدر مما يضع متخذ القرار أمام مسألة المفاضلة بين المصادر التمويلية المتاحة بطريقة تمكن من تحديد المزيج التمويلي الذي يحقق أهداف المؤسسة و يساهم في تعظيم القيمة السوقية لها و الذي يسمى بالهيكل المالي الأمثل .تختلف تكلفة التمويل من مصدر مالي إلى آخر حسب الطبيعة، فإذا كان مصدر التمويل هو الاستدانة فإن المؤسسة في وضع مخاطرة، نظرا لكونها ملزمة بتحمل تكلفة الأموال التي حازت عليها على سبيل الاستدانة ، بينما إذا كان مصدر التمويل هو الأموال الخاصة فإن الأمر يختلف تماما، حيث أن المؤسسة في هذه الحالة أمام ما يعرف باسم تكلفة الأموال الخاصة.يوجد اختلاف بين العلماء و الباحثين في مجال الإدارة المالية، وما إذا كان الهيكل المالي يؤثر على قيمة المؤسسة أم لا، ويعتبر هذا الجدل المدخل الطبيعي لتفسير السلوك التمويلي للمؤسسات، حيث يقصد بأمثلية الهيكل المالي للمؤسسة مدى إمكانية اختيارها لنسبة تمويل معينة بين كل من الأموال الخاصة والديون بالشكل الذي يؤدي إلى تخفيض تكلفة رأس المال إلى أقصى حد ممكن و تعظيم القيمة السوقية للمؤسسة. علاوة على أن هناك العديد من العوامل التي على الإدارة المالية أن تأخذها بعين الاعتبار عند تحديد هيكل رأس المال، منها ما هو داخلي يرتبط بطبيعة نشاط المؤسسة، ومنها ما هو خارجي يتعلق بمحيطها الخارجي.وقد تعددت النظريات الخاصة بالهيكل المالي، فظهرت مقاربات تقر بوجود هيكل مالي أمثل بناء على عدة فرضيات وتحليلات تصب كلها في خانة تعظيم القيمة السوقية للمؤسسة وتخفيض تكلفة التمويل إلى حدها الأدنى، في المقابل تنفي العديد من الدراسات إمكانية تحقيق هيكل مالي أمثل انطلاقا كذلك من عدة فرضيات وتفسيرات للسلوكيات التمويلية ، و بين هؤلاء و أولئك نجد عدة عوامل ساهمت أو تساهم في التأثير على اختيار الهيكل المالي المناسب و جعلت مجموعة تتجه نحو الاعتماد على الأموال الذاتية أكثر و مجموعة أخرى تعتمد على الأموال المقترضة أكثر و كل لو مبرراته و ظروفه .