نظرة عامة على العالم الإسلامي في العصر العباسي الثاني: وأول ما يطالعنا في هذه الظاهرة الجديدة ، الأمر الذي أضعف من شخصيات الخلفاء ، ونحاول أن نلقي نظرة عامة على العالم الإسلامي في هذا العصر الثاني من خلال هاتين الظاهرتين. العالم الإسلامي بين المركزية واللامركزية لم تستمر الوحدة التي تميز بها العصر الأول طويلا ، وذلك لأن قيام الدولة العباسية كان يحمل في ثناياه بذور الإنفصال ، وقد قويت هذه الروح القومية بعد ذلك ، وأقامت أسرا ودويلات والدولة الطاهرية التي أقامها طاهر بن الحسين في خراسان . وحين بدأت الدولة في العصر الأول تحس خطر هذه الحركة الإنفصالية ، والقسم الثاني هو المشرق ، وكانت إدارة المغرب توكل إلى ولي العهد الأول ، وظاهرة تسعى إلى تركيز السلطة والابقاء على الوحدة . لهذا لم تكن ولاية وآل في هذه الأقاليم المنفصلة تصبح شرعية إلا إذا أقرها الخليفة العباسي . وللحديث عن الحركة اللامركزية يجب أن نعود إلى الوراء ، فهي في الحقيقة تمثل نقطة الإرتكاز لكل التطورات التي حدثت في العالم الإسلامي في أيام الدولة العباسية والمبدأ الذي يهمنا هنا من بين المبادئ التي نادت بها الثورة هو مبدأ التسوية. معها فقد نادت الثورة العباسية بمبدأ التسوية بين الشعوب جرياً على حكم الإسلام وهو المبدأ الذي أوقف في عهد الراشدين لضرورات اقتضت ذلك وكانت الثورة تنادي برفع هذا الإيقاف ، وإجراء حكم الإسلام على الشعوب المغلوبة ما دام الدين الجديد قد غلب على الدين القديم فيها . وإنما يرجع إلى متطوعين من الفرس الخراسانيين ، لكي لا يغتصب منهم غيرهم حقوقهم إن عادوا إلى بلادهم وتركوا الأمـور على ما كانت عليه من قبل وهذا شأن كل ثورة لا تستطيع أن تترك الأمور لحكام العهود الماضية ، فكان من نتيجة الثورة العباسية إذن انتصار مبدأ التسوية بين الشعوب ، ووجودهم في هذا المكان كان بذاته دليلا ماديا على أن الثورة قد حققت مبدأ المساواة ، وقد طبق النبی ﷺ هذا المبدأ منذ البداية ثم حدث بعد ذلك ضرورات هي التي جعلت الراشدين يحيدون عن هذا المبدأ ، وذلك آخر يتعصب عليهم ويمجد الفرس. ومن هذه الشعوب التي جعلت لنفسها حق المساواة بالشعوب الإسلامية القديمة « بنوبویه » و « السلاجقة » والواقع أن السياسة العامة في العصر العباسي الأول التي شجع تلك الشعوب هي البربرية على الدخول في الإسلام ومهدت السبيل لها بما اتخذت من سياسات قبل ظهور هذين الشعبين. أكرمهم الخليفة وأجازهم " وبهذه الطريقة استطاع المأمون أن يجند عددا من الترك ثم وحتى اضطر أن بينى لهم مدينة خاصة هي مدينة سامرا . والثاني : هو توفر الصفة الحربية في هذا الشعب الجديد . نمبدأ التسوية خول للشعوب الغريبة عن الشعب العربي ، وأن يظل عبا عليهم إلى أن يوجد شعب حربي آخر يشترك في الدفاع عن الدولة وعن هذا الشعب الأعزل . وهذا مجرد فرض عن لنا ، لأن كل الشعوب التي كانت تتاخم الدولة الإسلامية كانت شعوبا بدائية مطبوعة على الحرب . استقلت بتدبير نفسها تحت ظل الإسلام دون أن يكون للدولة المركزية شأن ولنحاول الرجوع إلى أصول هذا الموضوع ، في عهد بني أمية ، على أن تشرك أهل الذي فتح هذه البلاد ( 1 ) البلاد المفتوحة في الدفاع عن حدود الدولة ، وإن عرفه بعضهم قبل ذلك بقليل . وكان نسياسة إشراك المغلوبين ، نكان إعطاء هذه الميزة سياسة موضوعة رسمها العرب ، والشمال الأفريقي . فإن أهل أرمينيا شاركوا العرب من فتح بلادهم في كل ما تستلزم الحدود من دفاع وفي غزو من وراءهم " ، العرب لفتح الأندلس . من ذلك مثلا أن ترك ما وراء النهر اشترطوا على قواد المسلمين وعلى ولاقي خراسان في أيام الخليفة هشام بن عبد الملك ألا يعاقب المرتد منهم ،