الحقيقة العلمية هي نتاج علمي خاص لا يتضمن التعميم وغير قابل للجدال والنقاش الا انها ترضخ للتعديل والتغيير فيما اذا دحضتها ادلة وبراهين جديدة , فالحقائق العلمية من الممكن التحقق من صحتها عن طريق الملاحظة والتجربة مثل: الاوكسجين يساعد على الاشتعال )1 اما الفتوى فهي اخبار عن حكم الله تعالى في الزام واباحة فهي الحكم الذي يبينه فقيه مستجمع لشرائط الافتاء للسائل عنه 2 رغم ان الحقائق العلمية هي اقوى الادلة واكثرها اقناعا واكثر الامور استعصاءا على الجحود والانكار , وذلك لامكان ادراك صحتها بالحواس وبطرق ملموسة ’الا ان الاحكام الدينية التعبدية الوحيدة القادرة على الصمود امام هذه الحقائق في حال وقوع التعارض , فالاحكام التعبدية فالاحكام التعبدية لا يعقل معناها على الخصوص ومجالها العبادات والمقدرات بحدود شرعية لعجز العقل عن ادراكها3, فلا يمكن الافتاء بحرمة الصلاة فيما اذا وجدت حقيقة علمية تؤيد اضرار الصلاة على صحة الانسان رغم ان افتراض التعارض بين الحكم التعبدي والحقيقة العلمية امر غير متصور وان وقع فينبغي التشكيك بصحة الحقيقة العلمية . اما في حقل المعاملات بين العباد من بيع وشراء وايجار واستثمار واقراض والنسب وغيرها فمن الممكن اقتحام الحقائق العلمي لهذا الحقل وتنازعها مع فتاوى الفقهاء المستمدة من ادلة شرعية . قد يضطر الفقهاء الى العدول عن فتاويهم في مسألة ما انصياعا لما يقرره العلم والحقائق العلمية , ورغم ان هذا التراجع يدل على عدم التزمت والتعصب للراي , ويدل على موضوعية الفقيه وتحريه عن الحقيقة حتى وان كانت مضادة لرأيه , فان كثرة التراجع من الممكن ان يهز ثقة الافراد في المفتي ولربما ادى بالبعض الى التشكيك في العقيدة , لذا فمن الاحتياط ان يراجع المفتي الاراء العلمية في المسائل التي تتطلب ذلك ويستفتي اهل الاختصاص قبل الاقدام على الفتوى خصوصا اذا كانت الفتوى في الاباحة والتحريم . بناء الفتوى على الحقائق العلمية والاكتشافات العلمية الحديثة فقد يحدث خلاف كبير بين الفقهاء ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 1 عايش محمود زيتون , عبد القادر محمد القيسي, ص56. ص539. في الراي والفتوى بشانها وهذا ناجم عن عجز الترسانة النقلية عن المعالجة الواضحة لهذه المسائل , فقد تراجع بعض الفقاء عن فتوى كراهة التدخين وحليته الى القول بالتحريم بعد ان اثبتت الدراسات العلمية انه من الممكن ان يؤدي الى الاصابة بامراض مستعصية وخطيرة كالسرطان والتقرح وغيرها1 لقد ظهرت في الاونة الاخيرة تقنية استكشاف الحمض النووي او ما يسمى البصمة الوراثية لاثبات النسب بناءا على ادلة بيولوجية , ولقد ذهب مجمع الفقه الاسلامي الدولي المنبثق عن منظمة التعاون الاسلامي والمنعقد بالجزائر سنة 2012 الى الاعتداد بالبصمة الوراثية باعتبارها من القرائن القوية لانها من الناحية العلمية وسيلة تكاد لا تخطيء وقد اسسوا لذلك الراي على مبدا اثبات النسب المتنازع فيه بالقيافة ويمكن الاستئناس بها في حالات التنازع على مجهول النسب او حالات الاشتباه في المواليد الذي يحدث في المستشفيات وضياع الاطفال في حالات الحروب والكوارث وغيرها 2 وبناءا على هذه الحقائق فقد افتى بعضهم بجواز اثبات النسب بالحمض النووي في حال التنازع على مجهول النسب بمختلف صوره سواء التنازع بسبب انتفاء الادلة او بسبب تساويها او بسبب الوطيء بشبهة 3 وقد استند العلماء في المجمع الفقهي في دورته الثامنة المنعقدة في مكة المكرمة سنة 1985 جواز التبرع بالاعضاء البشرية استنادا لما توصل اليه الطب الحديث من وسائل وتقنيات تسهم في الحفاظ على حياة انسان مهدد بالموت شريطة ان تكون عمليات النزع والزرع ناجحة في الغالب وان لا يؤدي الى الاخلال بحياة المتبرع الاعتيادية 4