اعتبارا بأن عقد البيع من عقود المعاوضة، ذلك أنه يرتب التزامات متقابلة على طرفي هذا العقد، نتعرض في هذه الاطار الى التزامات المشتري التي تقابل التزامات البائع، و عليه بعدما أشرنا في موضع سابق إلى الثمن، تأتي الآن إلى تبيان الثمن كالتزام في ذمة المشتري، ونراعي في ذلك تجنب تكرار ما سبق الكلام عليه في عنصر محل عقد البيع، و لعل أهميته تظهر من الناحية الشكلية حينما أقره المشرع ضمن أحكام عقد البيع في العنصر الثالث الذي كان تحت عنوان : التزامات المشتري، و من الناحية الموضوعية فإنّه أولى التزامات و نصت عليه المادة 387 ق. م ( يدفع ثمن البيع في مكان تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. فاذا لم يكن ثمن المبيع مستحقا وقت تسلم المبيع وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن للمشتري وقت استحقاقه الثمن، وعليه فإن الصورة العادية التنفيذ التزامات عقد البيع، هي أن يتم تنفيذ التزام البائع بتسليم المبيع، و في مقابل ذلك يلتزم المشتري بدفع الثمن وقت التسليم و في مكان التسليم اذا لم يخالف اتفاقهما ذلك، الفرع الأول: استحقاق الثمن من حيث المكان: مبدئيا فالكلام عن استحقاق ثمن والتزام المشتري بدفعه معناه أن كل شروط الثمن محققة، من خلال تعيين قيمة الثمن ) بأوصافه المتعدّدة سواء محدد من قبل المتعاقدين أو من القانون أو تركه للسوق أو ترك تعيينه في وقت لاحق بحكم الاتفاق، وبقي فقط تنفيذ هذا الالتزام من قبل المشتري، كما أن الوفاء بالثمن يرتبط بفكرة التسليم مكانا و زمانا، أولا: تزامن تسليم المبيع مع دفع الثمن نصت على هذه الحالة المادة 387 الفقرة 1 ق. م، وذلك في المكان الذي حدده المشرع في حالة عدم وجود اتفاق فقد وضعت المادة 387 ق. م. قاعدة مكملة تخص مكان الوفاء بالثمن من جانب المشتري، يدفع ثمن البيع في مكان تسليم المبيع ما لم يوجد اتفاق أو عرف يقضي بغير ذلك. فقد جعل المشرع الوفاء بالثمن في مكان تسليم البائع المبيع، ومعنى ذلك اذا تم تسليم المبيع في موطن البائع ( محله التجاري) أو في مكان تواجد السلعة ( مكان التخزين أو في مكان تواجد المبيع ( السوق) فانه يجب الوفاء بالثمن في المكان الذي تم تسليم فيه من خلال هذه الأمكنة ، سواء تم الوفاء أجلا أم عاجلا ، سواء كان محل البيع شيئا معينا بالنوع أو شيئا معينا بالذات، خاصة في الأشياء المعينة بالنوع ( شراء الخضر والفواكه من السوق. كما نصت على ذلك المادة 282 الفقرة 1ق. م ( اذا كان محل الالتزام شيئا معينا بالذات، وجب تسليمه في المكان الذي كان موجودا فيه وقت نشوء الالتزام ما لم يوجد اتفاق أو نص يقضي بغير ذلك. بينما إذا كان المبيع من الأشياء المعينة بالنوع، فحسب المادة 282 ق. أو في المكان الذي يوجد فيه مركز مؤسسته اذا كان الالتزام متعلقا بهذه المؤسسة أي لا يتم التسليم في مكان نشوء الالتزام، م، فيجب اعمال قاعدة الخاص يقيد العام. ثانيا: في حالة وجود اتفاق أو عرف تقتضي هذه الحالة أن يكون هناك اتفاق ما بين البائع والمشتري، فإما أن يكون تسليم المبيع أولا، وجب الوفاء به في المكان الذي يوجد فيه موطن للمشتري وقت استحقاقه الثمن وعليه فان الوفاء في هذه الحالة يكون في موطن المشتري في الوقت الذي يستحق فيه البائع الثمن، و هذا ما يوافق المادة 282 الفقرة 2 ق. فان الفقرة الأخيرة من المادة 387 أشارت إلى إمكانية وجود اتفاق أو عرف جاري به العمل يستطيع أن يستهدي به الطرفان لتحديد مكان الدفع، كالوفاء بالثمن في السوق اذا تعلق الأمر بشراء المواشي أو أضحية العيد. فهنا تجب الرسمية أمام الموثق، وتبعا لذلك فقد ألزم القانون أن يتم قبض الثمن بين يدي الموثق، كما أشارت المادة 324 مكرر 1 ق. م و يجب دفع الثمن لدى الضابط العمومي الذي حرر العقد. الفرع الثاني: استحقاق الثمن من حيث الزمان ما قيل بشأن تنفيذ الالتزام بدفع الثمن من قبل المشتري من مكانه ، فقد جاء في المادة 388ق. و لعل هذا نص يؤدي بنا الى التفرقة بين أمريين: أولا في حالة عدم وجود اتفاق إذا لم يتفق البائع والمشتري على وقت دفع الثمن ( سواء كان الثمن معجلا أو آجلا أو مقسطا) فهنا وضعت المادة 388ق. م، قاعدة مكملة تساعد المتعاقدين في تنظيم كيفية دفع الثمن، و هو أن يكون الوفاء بالثمن وقت تسليم المبيع، فمثلا اذا تعلق الأمر ببيع أشياء معينة بالنوع، مع أن القواعد العامة في الوفاء تقضي بنص المادة 281 ق. وكذلك دفع الثمن يكون وقت البيع ( نشوء الالتزام) و مع ذلك فان نص المادة 388 ق. يعد حكما خاصا و هو أولى بالتطبيق. من جهة أخرى، تحت طائلة البطلان ، فهناك عشرون بالمائة (20) من سعر البيع المتفق عليه لدى ابرام العقد، و خمسة عشر بالمائة (15) عند انتهاء من الاساسات مجتمعة و خمسة وثلاثون بالمائة (35) عند الانتهاء من الاشغال الكبرى، وخمسة و عشرون بالمائة (25) من السعر المتفق عليه عند الانتهاء من جميع الاشغال مجتمعة، الفرع الثالث: أوصاف دفع ووالوفاء بالثمن و عليه لا يؤخذ بعين الاعتبار ارتفاع أو انخفاض قيمة النقود حول قيمة الوفاء بثمن المبيع اذا ما تم تحديده، م ( اذا كان محل الالتزام نقودا، التزم المدين بقدر عددها المذكور في العقد دون أن يكون لارتفاع قيمة هذه النقود أو لانخفاضها وقت الوفاء أي تاثير و هذا النص واضح في دلالته، تجب الاشارة الى أنّ البائع في غنى عن قبول الوفاء الجزئي بالثمن، من جهة واحدة أي عرضه من المشتري، بل يجب أن يكون هناك اتفاق على ذلك، ومثال ذلك في حالة تعدد المشترين و كانوا غير متضامنين فيما بينهم ( مثلا أحد الاخوة اشتروا سيارة أو منزل) فيجوز لكل مشتري أن يدفع قيمة و جزء من الثمن، لأن الدين منقسم بينهم بينما اذا كانوا متضامنين، أما عن كيفية الوفاء بالثمن، أو في شكل شيكات بنكية أو حوالات بريدية، بالإضافة الى الأوراق التجارية الأخرى. لا يقوم المشتري في كل الأحوال بدفع الثمن للبائع، أولا: حق المشتري في حبس الثمن : بأنه يحق للبائع أن يمارس حقه في حبس المبيع، م. كما جاء في الفقرة القانية من المادة 388 ق. فاذا تعرض احد للمشتري مستندا إلى حق سابق او آل اليه من البائع ، فهذه الحالات ترجع الى القواعد العامة من خلال المادة 200 ق. م وما يليها، من جهة حق المشتري بالحبس و عليه وجب التمييز بين الأصل والاستثناء، وما بين الجواز و عدم الجواز. م، ويتعلق الأمر بفرضية تعرّض الغير للمشتري على حقه في المبيع مستندا في ذلك إلى حق آل اليه من البائع سواء قبل البيع أو بعده، و يفترض أن البائع قد نفّذ التزامه بالتسليم فهنا مكن المشرع الجزائري المشتري من أن يحبس الثمن لوجود خطر نزع اليد كليا أو جزئيا عن المبيع . أو خشي المشتري نزع يده عن المبيع أم لا، مع علمه بخطر من جهة أخرى، م. ومع ذلك يجوز للبائع أن يطالب باستيفاء لم يرد نص خاص يتناول مسألة اخلال المشتري بالتزامه بدفع الثمن، وهذا ما يسمح بالرجوع للقواعد العامة، و إما التمسك بقواعد الاخلال بتنفيذ الالتزامات التعاقدية، م / في بيع العروض وغيرها من المنقولات اذا عين أجل لدفع الثمن وتسلم المبيع يكون البيع مفسوخا وجوبا في صالح البائع دون سابق إنذار إذا لم يدفع الثمن عند حلول الأجل و هذا ما لم يوجد اتفاق على خلاف ذلك) و عليه فهذه حالة خاصة بفسخ العقد اذا كنا بصدد بيع منقولات ، من سلع وبضائع أو بيع الثمار، على هذا النص أنه استبعد العقارات بحكم ثبات أسعارها مقارنة بأسعار المنقولات في فترة الوفاء بالثمن كما أنها عرضة لتلف الذي يشكل تكليفا على البائع للمحافظة عليه، كما يقتضي اعمال هذه الحالة الخاصة، وهذا النص لا يشمل تخلف البائع عن التسليم، بل يشمل فقط تخلف المشتري عن الدفع في الأجل، فاذا تحقق ذلك اعتبر العقد مفسوخا تلقائي من دون اعذار ولا حكم قضائي. المطلب الثاني: التزام المشتري بتسلم المبيع: يلتزم المشتري بتسلم المبيع الذي يقابل تسليم البائع ( الفرع الأول) فضلا عن تحمل نفقاته ( الفرع الثاني) كما يعد مسؤولا عن كل اخلال بذلك الالتزام ( الفرع الثالث). الفرع الأول: تنفيذ الالتزام بالتسلّم ومعنى ذلك لا يمكن أن يتم التسلّم ما و على المشتري استلامه ، أما في حالة عدم وجود اتفاق على زمان و مكان التسلم، فالمادة أشارت بأن المشتري عليه تسلّم المبيع في المكان الذي يوجد فيه المبيع وقت البيع ( سواء السوق او المخزن أو مكان تواجد العقار. وهذا ما جاء في المادة 395ق. الخ، يمكن للبائع أن يلجأ لأحكام التنفيذ العيني للالتزام، اذا تأخر المشتري في التسلم ، أو كان التسلم ( التنفيذ العيني ) غير ممكن، جاز للبائع أن يطالب بالتعويض عن التأخر في تنفيذ الالتزام، و إعادة الأطراف للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد. ولعل هذا المسعى يظهر جليا اذا اتفق البائع والمشتري على التسلّم ودفع الثمن في وقت واحد،