بن عبد الله أبي جعفر المنصور، وُلِد هارون الرشيد في مدينة الريّ سنة 148هـ/765م، وقد نشأ هارون في كنفِ والده الخليفة؛ كما زَرَعَ فيه حبّ الجهاد، كما أنّ والده أرسله إلى الفتوحات وحوله قادةٌ أكفياء لتعليمه، ومن الجدير بالذكر أنّ هارون الرشيد تزوَّجَ من ابنة عمّه جعفر بن أبي جعفر المنصور، وهو الأخ الأكبر لهارون الرشيد، انتقلَت الخلافة إليه، ليُصبح خليفةً على إمبراطوريّة تمتدّ من وسط آسيا، حيث عَيّنَ هارون الرشيد يحيى البرمكيّ وزيراً له، علماً بأنّ خلافة هارون الرشيد كانت مكسباً للأمّة الإسلاميّة؛ فقد قِيل إنّ فترة خلافته هي الأفضل خلال فترة الخلافة العباسيّة التي دامت خمسة قرون، ٣] ومن أهمّ ما قدّمه الخليفة الرشيد في فترة حُكْمه:[٣] الارتقاء بالعلوم، بحسب تقدير بعض المُؤرِّخين، لتُشكِّل أعلى مبلغ في تاريخ الخلافة الإسلاميّة، تشجيع رجال الدولة في زمنه على بناء الأحواض، استقبال البضائع في بغداد، ازدهار العِلم حتى أصبحت بغداد مركزاً للعِلم، حيث كانت المساجد تُشكِّلُ ما يشبه جامعاتٍ لطلّاب العِلم الذينَ يتلقَّونَ العِلم من أكابر الفُقَهاء، إنشاء هارون الرشيد لمكتبة تَضمُّ أعداداً ضخمة من الكُتُب، السياسة في خلافة هارون الرشيد لم تكن الأوضاع السياسيّة خلال فترة هارون الرشيد مُستقِرّة؛ والتي حاوَل هارون الرشيد أن يُخمِدها، أو يَحلّها خلال فترة خلافته، ومن أهمّ الأمور السياسيّة التي واجهَت الخليفة:[٤] ثورة الخوارج: قادَ الوليدُ بن طريف الشاري الخوارجَ القادمينَ من شمال الجزيرة عَبْرَ دجلة، للتمرُّد على الخلافة، إلّا أنّ هارون الرشيد تصدّى لهم، ثورة الديلم: قادَ يحيى بن عبدالله العلويّ ثورة الديلم، فواجهَها الخليفة هارون باللِّين، فردَّ عليهم بالعنف حتى قضى عليهم. النزاع بين القيسيّة واليمانيّة: وهما قبيلتان تُقيمان في بلاد الشام، كانَ قد اشتعلَ بينهما خلاف، إلّا أنّ الخليفة أدركَ أهمّية الحفاظ على الاستقرار والقوّة في بلاد الشام؛ فأنهى الخلاف بينهما. الفرنجة: سعى الخليفة إلى إيجاد علاقة مودّة واحترام مع ملك الفرنجة شارلمان. حروب الرّوم: خاضَ الخليفة العديد من الحروب ضدّ الروم، سعى الخليفة إلى تقوية الأسطول الإسلاميّ، وتأمين الثغور التي قد يهاجم الروم الدولة من خلالها، واضطرَّ الروم إلى طَلَب الهُدنة والمُصالَحة، فوقَّعَت ملكة الروم آنذاك (إيريني) مُصالَحة، وقد استمرّت هذه الهدنة حتى تولّى الإمبراطوريّة ملك يُدعَى (نقفور)، فخرجَ هارون إلى هرقلة قُرب القسطنطينيّة، إلّا أنّ نقفور وَعَدَه بالرجوع إلى المُصالَحة، وبعد فترة عادَ نقفور إلى نَقْض العَهْد، وقَتَل 40 ألفاً من جيشه، ٣] البرامكة في عَهْد هارون الرشيد كانت أسرة البرامكة مُقرَّبةً من الخليفة هارون الرشيد؛ فقد كَبُرَ هارون وحوله يحيى بن خالد بن البرمكيّ الذي كانَ يتمتَّع بالنُّبل، والأخلاقِ الرفيعة، فعيَّنَه وزيراً بعدَ تولِّيه الخلافة، وكانت أسرة البرامكة عوناً لهارون في حُكْمه، إذ حَصَل خلاف بين هارون الرشيد، وغَضب هارون الرشيد منهم، ممّا أدى إلى مقتلِ جعفر بن يحيى بن خالد البرمكيّ سنة 187هـ/803م، ولكنّه ندمَ ندماً شديداً بعدَ تلكَ الواقعةِ، فما وجدت بعدهم لذّة ولا رجاءً، فبعضهم يروي بأنّ الوُشاةَ، إذ يروي بعض المُؤرِّخينَ أنّ أحد الوشاةِ أخبرَ الخليفة بأنّ البرامكةَ يُؤثِرونَ مصلحة العلويِّين على مصلحته؛ ٢] وفاة هارون الرشيد تعرَّضَ هارون الرشيد لمرضٍ لا شفاءَ له، إلّا أنّه اضطرَّ إلى السفر إلى خراسان؛ لَفَظَ الخليفة هارون الرشيد آخرَ أنفاسِه،