ما نستخلصه من خلال هذا الفصل انه كل الاليات التي كانت سبيل لتطبيق مبدا عدم الإفلات من العقاب بداية بالولاية القضائية العالمية والمحاكم الجنائية العسكرية نورمبرغ وطوكيو، ومرورا على المحاكم الجنائية المؤقتة الخاصة بيوغسلافيا ورواندا والمحاكم المدولة والمختلطة سيراليون ولبنان، كانت فاعلة في معاقبة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية، لكن ما يعيبها هو ارتباطها بإقليم معين ومدة معينة واختصاص موضوعي محصور، لكن و باستحداث المحكمة الجنائية الدولية الدائمة أصبحت هذه المحكمة مظطلعة بمحاسبة منتهكي حقوق الانسان دون أي قيود، وذلك رغم كون إسرائيل ليست طرف في نظام روما المنشئ للمحكمة وهذا ما ادعته إسرائيل في دفوعها امام المحكمة. كما ان اثناء تطبيق هذا المبدأ من خلال الاليات سابقة الذكر قد واجهت مجموعة من التحديات ولعل ابرزها التحديات التي تواجه الولاية القضائية العالمية كالاعتبارات السياسية وازدواجية في المعايير بحيث لا وجود لتفعيل هذه الالية امام الدول العظمى التي تمارس ضغوطات على الدول، كما ان الثغرات التي اعترت نظام روما وساهمت في تقويض عمل المحكمة وتطبيق هذا المبدأ، ومنها الاختصاصات التي كفلت للمحكمة كانت معيبة في جوانب شتى وكذلك المادة 124 والتي يظن انها مفتعلة ليحول مرتكبي الجرائم الدولية الذين ينتمون لدول عظمى دون عقاب، كما انه لمجلس الامن دور فاعل في تقويض عمل المحكمة من خلال استخدامه لصلاحية الإحالة التي أتت بها المادة 13 وسلطة الارجاء التي أتت بها المادة 16 من نظام روما، والدول العظمى ولعل ابرزها الولايات المتحدة الامريكية التي كانت السباقة لتحد من عمل المحكمة من خلال استصدارها لقرارين هامين من خلال مجلس الامن لارجاء التحقيق في عمليات الأمم المتحدة التي كانت بقيادتها، كما انها سنت قوانين تحمي من خلالها مواطنيها وافراد قواتها من المسائلة خارج الولايات المتحدة الامريكية.