تطلعنا الأولى على وضع شروط البحث العلمي : " حدثني عيسى بن هشام قال : كنت في بعض مطارح الغربة مجتازا فإذا أنا برجل يقول لآخر : بم أدركت العلم وهو يجيبه قال : طلبته فوجدته بعيد المرام لا يصطاد بالسهام . ولا يقسم بالأزلام ولا يرى في المنام ، " أما الثانية فتخبرنا عن وجود المارستان لعلاج " المجانين " واجتهاد المعتزلة في شرح اضطراباتهم النفسية " حدثنا عيسى بن هشام قال : دخلت مارستان البصرة ومعي أبو داود المتكلم فنظرت إلى مجنون تأخذني عينه وتدعني فقال ( . وأن الحديث يغيظكم " ( ص 115 ) . هذا الحديث الذي دار بين المجنون وبن داود المتكلم لدليل على أن المعتزلة اجتهدوا في مجال سببية الأمراض النفسية بتطبيق المنهج العلمي وعزله عن الدين ، كان ابن سينا ( 1988 ) يعالج المصابين باضطرابات نفسية بتقنية التداعيات الحرة ، المستعملة في العلاج النفسي التحليلي اعتمد ابن سينا في علاجه بالتداعيات الحرة على التنظير الملخص في كتاب الشفاء : " والفوة المبصرة غير الحس المشترك ، وإن كانت فائضة منه مديرا لها لأن القوة الباصرة تبصر ولا تسمع ولا تشم ولا تلمس ولا تذوق ، والقوة التي هي الحاسة المشتركة تبصر وتسمع وتشم وتلمس وتذوق على ماستعلم . فتقبل تلك الصورة وتحفظها ، فإن الحس المشترك قابل للصورة لا حافظ ، والقوة الخيالية حافظة لما قبلت تلك " ، لا يختلف هذا التنظير عما قدمه فرويد ( 1938 ) في آخر تصميم له للجهاز النفسي فيما يتعلق بالتتمييز بين الإدراك والشعور ، حيث اعتبرهما كخزانين للذاكرة التي يربط الإدراك معها اتصال عن طريق الخيال يقيت وتيرة التنظير حول النفس متواصلة حتى بداية القرن الخامس عشر . 1950 ) إلى ثلاث مبادئ تعرف العقل : انفصاله عن الجسم ، واحد للإنسانية كلها وخالد بعد اختفاء الجسم مازالت هذه المبادئ تطرح نقاشا حادا مثلها مثل نظرية فرويد للاشعور الذي ينسب اكتشافه لابن رشد ويجعل منه آب الفلسفة العالمية في القرون الوسطى أما أبن خلدون ، يعالج في مقدمته المشهورة ، للرؤية ، ولما يتطرق للرؤية ، يدرج فيها الحلم فندرك أوجه التشابه بين نظريته ونظرية الحلم المصممة من طرف فرويد سنة 1900 وذلك تقريبا خمسة قرون قبل فرويد في هذا الصدد ، " ووقوع ما يقع للبشر من ذلك غالبا إنما هو من غير قصد ولا قدرة عليه ، ) وإنما هذه الحالومات تحيث استعدادا في النفس لوقوع الرؤيا ؛ فإذا قوي الاستعداد كان أقرب إلى حصول ما يستعد له وللشخص أن يفعل من الاستعداد ما أحب ولا يكون دليلا على إيقاع المستعد له . تجد هنا أهمية الرغبة في حدوث نص الحلم وصوره ، الشيء الذي عبر عنه فرويد بمقولته المشهورة " الحلم تحقيق رغبة لاشعورية " يعني هذا الاستشهاد كذلك أن ما نراه في الحلم لا يتحقق حتما في الواقع يضيف ابن خلدون في صياغة نظريته استحالة إدراك الطفل التصورات الباطنية لتعلقه بالمدركات الحسية المرتبطة مباشرة بحواسه الخمس أي ببدنه ، في القرون الوسطى ، امتازت القرون الوسطى في أوروبا بمحاولة التخلص من بالمصابين بأمراض عقلية وقصة باخرة المجانين تشهد على ذلك حسب ميشال فوكولت ( 1976 ) ، بصفة عامة ، الطرق التربوية في الأسرة ، المدرسة وحتى الجامعة المتأثرة بالإيديولوجية والأرثوذكسية الدينية ،