تصنيف الوقائع القانونية وأثره على نظام الإثباتوالوقائع القانونية التي تعتبر مصدرًا للحقوق تنقسم إلى وقائع طبيعية من عمل الطبيعة لا دخل للإنسان في حدوثها (۱) وأخرى بشرية يكون للإنسان دخل في إحداثها. وهذه قد تكون أعمالاً مادية (٢) يرتب القانون على مجرد حدوثها أثرًا قانونيامعينا بصرف النظر عن إرادة صاحبها، قصدت ترتيب هذا الأثر أم لم تقصده.وقد تكون تصرفات قانونية تتجه فيها إرادة الإنسان إلى ترتيب أثر قانوني معين. وقد تكون صادرة من شخصواحد، فتسمى تصرفًا انفراديًا، والجوهري في التصرفات القانونية أن آثارها تترتببإرادة الإنسان لا بقوة القانون.ومن هنا يتضح الفارق بين التصرفات القانونية وما عداها من الوقائع القانونية الأخرى. فالأولى تتحكم في وجودها وفي آثارها إرادة الإنسان. أما الثانية فالقانون هو الذي يرتب عليها آثارًا قانونية. ومن ثم يمكن أن نجمع بين الوقائعالطبيعية والأعمال المادية تحت تسمية واحدة هي الوقائع أو الأعمال المادية"ويترك هذا الاختلاف في الطبيعة بين الواقعة المادية والتصرف القانونيأثره الهام على نظام الإثبات في كل منهما. فالوقائع المادية - وهي لا تسمح بطبيعتها في أغلب صورها بإعداد دليل لإثباتها - يكون من المفهوم أن يجيز المشرع إثباتها - أساسا - بكل الطرق. أما التصرفات القانونية - ولكونها تعتمد في وجودها وفي مدى آثارها على الإرادة - فتسمح بتهيئة الدليل عليها عند إبرامها الأمر الذي يُفهم معه أن يتطلب القانون الكتابة - أساسًا - لإثباتها اللهم إلا في التصرفات قليلة القيمة التي لا تتجاوز قيمتها مبلغا معينا على ما سنرى فيما بعد أو في حالة ما إذا كان طالب الإثبات أحد الأغيار في هذا التصرف، حيث ينزلعنصرا الواقعة القانونية الواقع والقانونمن التعريف السابق للواقعة القانونية يتضح أنها تتضمن عنصرين: عنصرالواقع وعنصر القانون. أما عنصر الواقع، فهو ما يعبر عنه بأمر يحدث أو يقع سواء بفعل الطبيعة - كسقوط جرم سماوي أو مجيء فيضان أو حدوث زلزال أو انفجار بركان أو شروق الشمس وغروبها - أو بفعل الإنسان، كراكب سيارة يدهم أحد المارة أو جار يهدم حائط موشكا على الانهيار بمنزل جاره الغائب أو شخص يبيع عقارًا لآخر أو يهبه إياه. هذا وقد يجتمع في الحدث الواحد - في آن واحد – فعل الطبيعية وفعل الإنسان، كمن يحوز عقارًا غير مسجل بنية تملكه فترة معينة من الزمن. فالحيازةمن فعل الإنسان ومرور الزمن من فعل الطبيعة.وأما عنصر القانون، فهو نص القانون الذي يرتب على حدوث الواقعة أثرًا قانونيا. فمثلاً إذا ترتب على فعل الطبيعة أن أصبح تنفيذ الالتزام مستحيلاً انقضى الالتزام المقابل له وانفسخ العقد من تلقاء نفسه (م ۱۵۹ مدني)، وإذا أضر أحد بغيره التزم - ولو كان غير مميز - بضمان الضرر (م ١٦٣ مدني)، ومن أحدث ضررا بالغير وهو في حالة دفاع شرعي يكون غير مسئول عن ذلك الضرر م ١٦٦) مدني). ويترتب على إبرام عقد البيع انتقال ملكية المبيع إلى المشتري وملكية الثمن إلى البائع (م) ٤١٨) مدني). وكذلك من وجه للجمهور وعدًا بجائزة يعطيها عن عمل معين التزم بإعطاء الجائزة لمن قام بهذا العمل (م ١٦٢) مدني). وهكذا رتب على كل واقعة من الوقائع المذكورة أثرًا قانونيًا معينا أراده الإنسان،