امتاز الشيخ ابن باز -رحمه الله- بسخاءٍ وفائضٍ في الجود لم يعهده أحد في زمانه، تجلّى ذلك في بذله لعلمه، وقته، راحته، وماله. كان يُعطى هديته لضيفه، ويُهب عباءته لمن يسأله، مع أن حال الفقراء عنده كانت حالة عزةٍ وكرم. لم يثنه أحد عن جوده، حتى أنه قبل وفاته بثلاث سنوات سامح شخصًا كان اقترض منه سبعمائة ألف. كان يرى أن الدنيا زائلة، وأنّ الفرق بين من يموت غنيًا ومن يموت فقيرًا هو في حساب الآخرة. ابن عثيمين -رحمه الله- كان شبيهًا له في جوده وعلمه وتقواه وبذل العطايا. حتى في مرضه الأخير، أصرّ على إلقاء دروسه رغم حاجته للراحة والعلاج. والده -رحمه الله- كان كذلك لا يرد سائلاً. قصة أخرى تُظهر جوده عندما خلع عمامته لسائل في المسجد، وعاد إلى بيته حاسر الرأس. حتى الإمام الرازي -رحمه الله- كان يُحذر السلطان من البذخ ويُذكّره بالآخرة. أمثلة كثيرة على الجود ذكرت، من عالم يُجود بجزء من راتبه، إلى قسيس فيليبيني أسلم وأسلم على يديه أربعة آلاف، إلى طفل صغير يُجود بجزء من مصروفه. القرآن والسنة مليئة بأمثلة للجود وثوابه العظيم، كما أن البخل مذموم. يُحكى عن امرأة جودت بكل ما تملك لمسكن فقير، فأتى الله بمكافأة عظيمة. أمثلة أخرى على كرم الصحابة والتابعين ذكرت. وختم الكاتب بدعوةٍ إلى الجود والإنفاق في سبيل الله، والعناية بالفقراء والمساكين، وإنشاء مشاريع خيرية تعود بالنفع على الأمة، والتحذير من البخل والاعتماد على النفس والإنفاق في أمور لا فائدة منها.