أصبحت الحاجةُ ملحةً لإيجاد نظام ينظم سلوك العاملين ضمن هذه المؤسسات، والعمل على إشباعها. ألا وهيَ قضيةُ القيادة التي لم تزل مثار جدل واسع في الأوساط الأكاديمية، حيث انتقلت القيادة من النظرة الدكتاتورية، وتهميش الأتباع إلى القيادة الإنسانية الأخلاقية، والتي تهدف إلى الاهتمام بالعاملين والعمل على تلبية حاجاتهم. لم يوقف العالم بحثه المستمر عن القيادة الصالحة التي يمكن معها استعادة الأمل المفقود في عالم تتجذر فيه الصراعات، فقد ظهرت نظريات كثيرة عن القيادة، فذكر منها "نظرية القيادة الخادمة" والتي من شأنها تحويل كل التحديات الجسام إلى فرص لبناء العالم، وعلى الرغم من اهتمام الباحثين في مجال القيادة، ويعود مفهوم القيادة الخادمة إلى كتابات جرينليف (1977, حيث تمَّ صياغة المصطلح لأول مرة في مقال له عام 1970 بعنوان "الخادم كقائد"، مما جعل هناك حاجة إلى مراجعة شاملة ومتكاملة لمنهج القيادة الخادمة لأربعة أسباب رئيسية هي أولاً: وضع أسس لتطوير نظرية القيادة الخادمة، وبعد ذلك توالت ظهور العديد من الدراسات التي تناولت القيادة الخادمة في المؤسسة التربوية مثل: دراسة أبو الغنم (2019) التي تناولت درجة ممارسة القيادة الخدمة لدي مديري المدارس الثانوية في محافظة مأدبا، ودراسة الشمري (2019) التي هدفت التعرف إلى درجة ممارسة رؤساء الأقسام لأبعاد القيادة الخادمة ، كما تناولت دراسة الغامدي (2014) درجة توافر سمات القائد الخادم لدي مديري المدارس الثانوية لمدينة الطائف، ودراسة DIXON (2013) التي بحثت العلاقة بين ممارسة القيادة الخادمة لمدير المدرسة وسلوك المواطنة التنظيمية ومناخ المدرسة. وبعد اطلاع الباحث على تلك الدراسات، فقد أجمعت على إجراء المزيد من الدراسات حول نمط القيادة الخادمة، وربطها ببعض المتغيرات في السلوك التنظيمي؛ لأهميتها في تحسين أداء العاملين ورضاهم عن العمل، والتي أكدت بأن العنصر البشري يُشكل أحد أهم العناصر في منظومة العمل التنظيمي وهو الذي يحدد مدى نجاح أو فشل المنظمة في تحقيق أهدافها. ركز الفكر القيادي والسلوكي الحديث اهتماماً خاصا بالعوامل المؤثرة على الارتقاء بمستوى أداء العاملين؛ لذا وجب على المؤسسات الاهتمام بسلوك العاملين وتنميتها إلى تقدم أكثر مما تتطلبه الوظيفة؛ لذا أصبح سلوك الدور الإضافي (التطوعي) والذي أطلق عليه الباحثون فيما بعد مصطلح (سلوك المواطنة التنظيمية) مطلب الكثير من المؤسسات؛ إن الاهتمام بدراسة سلوك المواطنة التنظيمية والعوامل المؤثرة فيه والمتأثرة به، بل هو ناتج عن أهمية هذا السلوك في العديد من الجوانب، ومنها تحسين الأداء للعاملين والمؤسسة، وتحسين العلاقات التنظيمية، حيث عرف سلوك المواطنة التنظيمية بأنه "السلوك التطوعي الاختياري للعاملين في المؤسسة والذي لا يندرج تحت نظم المكافأة الرسمية والهادف لتدعيم أداء المؤسسة وتحقيق فاعليتها (شرف، عما عرفه أبو تايه (2012: 149) بأنه "سلوك اختياري تطوعي لا يرتبط مباشرة بنظام الحوافز أو المكافآت في المنظمة، ونظراً لتنوع واختلاف الباحثين فقد اختلفت المسميات الخاصة بسلوك المواطنة التنظيمية، وذلك بسبب وجهات نظر الباحثين فكل باحث عرفه وذكر أسماً له، ومن أهم تلك التسميات: سلوك الدور الإضافي، سلوك الموالاة أو التأييد الاجتماعي، وسلوك المواطنة التنظيمية (السعود وسلطان، فقد ظهرت العديد من الدراسات التي تناولت سلوك المواطنة التنظيمية ومنها: دراسة أبو زعيتر2019)) استعرضت أثر سلوك المواطنة التنظيمية بأبعادها المختلفة على مستوى التهكم التنظيمي لدي العاملين الإداريين في جامعة الأقصى، ودراسة دعنا 2017)) التي بحثت درجة ممارسة الموظفين لسلوك المواطنة التنظيمية في مديريات التربية والتعليم شمال الخليل ووسطها، وعلى نفس السياق هدفت دراسة الجابر 2016)) إلى التعرف إلى درجة الاحتياج لسلوك المواطنة التنظيمية بالإدارة العامة للتعليم في منطقة الرياض. وقد أجمعت تلك الدراسات على إجراء المزيد من الدراسات حول سلوك المواطنة التنظيمية في بيئات مختلفة وخاصة البيئة التربوية. أكدت الدراسات بأن الرضا الوظيفي يُمثل حصيلة لمجموعة من العوامل ذات الصلة بالعمل، والتي تقاس أساساً بقبول الفرد ذلك العمل بارتياحٍ ورضا نفسٍ وفاعلية في الإنتاج للشعور الوجداني الذي يُمكِّن الفرد من القيام بعمله دون ملل أو ضيق. إن الرضا الوظيفي للعاملين عامة والمعلمين خاصةً، يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالنمط القيادي الممارس من قبل المدير الذي يوجد في قمة الهرم الإداري للمدرسة، فالنمط القيادي لمدير المدرسة الثانوية له تأثير بالغ الأهمية في سلوك المعلمين ودرجة رضاهم الوظيفي التي تنعكس سلباً أو إيجاباً على أدائهم وإنتاجهم التربوي التعليمي، فالنمط القيادي للمدير ودرجة الرضا الوظيفي للمعلمين يمكن اعتبارهما من أهم الركائز في تحسين فاعلية المدرسة والرقي بمستواها (راضية وصرداوي، وقد ظهرت العديد من الدراسات التي تناولت الرضا الوظيفي ومنها: دراسة حمياني ( 2019) التي تناولت أثر أبعاد الرضا الوظيفي كمتغيرات وسيطة في علاقة تأثير القيادة الإدارية على سلوكيات المواطنة التنظيمية لدى العاملين في المؤسسة، كما تناولت دراسة شما (2019) التعرف إلى الرضا الوظيفي لدى معلمي المدارس الحكومية العربية داخل الخط الأخضر، كما بحثت دراسة شتيات (2018) عوامل الرضا الوظيفي التي تسهم في تطوير أداء المعلمين، كما كشفت دراسة الشنطي (2017) أن الرضا الوظيفي يتوسط العلاقة بين القيادة التحويلية والالتزام التنظيمي، بينما لا يتوسط العلاقة بين القيادة التبادلية والالتزام التنظيمي.