وامتد به العمر فشهد ما وصل إليه المعتزلة من مجد سياسي وثقافي في عصر المأمون . (أ) - ١ ولد الجاحظ بالبصرة حيث كان الصراع على أشده بين أخلاط من الناس ينتمون إلى أجناس متعددة . وقد شق الحاحظ طريقه في هذه البيئة الثقافية التي كانت جديدة كل الجدة على المجتمع الإسلامي . ولم يكن الجاحظ رجلا عاديا من عامة الناس الذين يطمحون إلى تثقيف أنفسهم عن طريق الاستماع والمناقشة وحسب ، بل كان يتميز بمقدرة عقلية تستوعب كل شيء كما كان يتميز بنهم شديد لكل أنواع العلم والمعرفة في عصره . ثم اكتسب الثقافة اليونانية عن طريق علماء الكلام وعن طريق مصاحبته لحنين ابن إسحق وسلمويه . ويقول ابن النديم في الفهرست « إنه كان يكتري دكاكين الوراقين ويثبت فيها للنظر . ونعني يذلك معايشة الناس ومراقبتهم مراقبة الفنان الذي يحاول أن يكشف عن عالمهم الداخلي بقدر ما يرصد مظهرهم الخارجي . ولهدا فإن أهم ما يميز كتابات الجاحظ مقدرته على عرض صور ونماذج من واقع الحياة الاجتماعية ، ويمكننا أن نقول بإيجاز إن الجاحظ نظر إلى وظيفة التأليف الأدبي من ذاوية أخرى خلاف تلك التي نظر منها كتاب عصره . أما لماذا تاخر تأليف هذا الكتاب فيرى الدكتور الحاجري أن مرض الجاحظ الذي أقعده أثار فيه الحنين إلى العهد المنصرم ، أما الدافع الثاني إلى تأليف الكتاب فهو الرد على الشعوبية الذين كانوا يعيبون على العرب خطبهم وتقاليدهم في إلقاء تلك الخطب ، فقد قال في كتاب العصا في الجزء الثالث من الكتاب : ( ونبدأ على اسم اللّه بذكر مذهب الشعومية ومن يتجلى باسم التسوية ، فمن هذه الأخطاء مثلا أنه يعيد في مطلع ابلزء الثاني من الكتاب بأن يرد على الشعوبية بعد الفراغ من الإشارة الى كلام رسول الّه والسلف الصالح ، ومثال ذلك ما ذكره في باب (( أن يقول كل إنسان على قدر خلقه وطبعه ) - عن الزَّهْرى عندما سئل : ( ما الزهد في الدنيا ؟ قال : ألا يغلب إلحرام صبرك ، ( ٥) وقد نشر الكتاب لأول مرة بين سني ٥ ١٣١١ - ١٣١٣ وقام بنشره في مجلدين حسن الفاكهاني والشيخ محمد الزهري الغسراوي .