وهي صفة راسخة في النفس تصدر عفويا بدون روية ولا اختيارا فكما لا يسأل المسرف عن سبب إسرافه، كذلك لا يسأل البخيل عما يستفيد وكثيرا ما تعرض لأرباب هذه الصفات دوافع تستميلهم للتخلي عنها حينا، ولربما لاخ للبخيل ما يدفعه إلى بذل شيء من ماله؛ فإذا وضع يده في كيسه وحاول القبض على شيء مما فيه أحسن كان تيارًا كهربائيًا قد سرى من نفسه إلى يده فتشلجت أعصابها، ما الذي يغرس سمة البخل هذه في نفس الإنسان ويساعد على نموها؟ قد تكون الوراثة - وإن كانت وللتربية أثر كبير في ترسيخ هذه الخصلة؛ إذا نشأ الطفل بين أهل أشخاء، ولم يكن في فطرته ما يقاوم به سلطان التربية، حذا حذوهم في ذلك أن المتدين إذا أخذ بعقيدة القضاء والقدر رسخ في قلبه الإيمان بأن الله - سبحانه وتعالى - عيلا ساهرة على عباده الضعفاء؛ ويكلهم إلى نفسهم، ويسلمهم لتقلبات الليالي والأيام؛ فلا يفكر في ومن تلك النكبات ما يكون مرجعها قلة المال كان يقع الرجل في خصومة ويرى اله لولا ضيق ذات يده لما وقع في مثلها، حتى يصير ذلك طبعا متأصلا فيه.