يمثل الأدب مرآةً تعكس صورة الحياة السياسية والاجتماعية، ويعتبر أدب المتنبي مثالاً حياً على ذلك، حيث عاش المتنبي في بدايات القرن الرابع الهجري في ظلّ الدولة العباسية، فعاصر تفكّك الدولة وتقسيمها إلى عدة دويلات، وكانت بغداد مركزاً للخلافة العباسية، غير أنّ السلطة الحقيقية كانت في أيدي عدد من الوزراء وقادة الجيوش من أصول غير عربيةٍ، فسيطروا على البلاد والعباد، بالإضافة إلى تعرّض البلاد إلى غزو الروم في الشمال، بقيادة سيف الدولة الحمداني أمير حلب، ويجدر الذكر أنّ إمارته هي الإمارة الوحيدة التي ظلت تحت سيطرة العرب، بعد أن سيطر الأعاجم على باقي الدويلات، وخلّد المتنبي انتصاراته في حروبه مع الروم، ١] نتيجةً للأحوال السياسية المتردّية التي مرّ بها العصر العباسي، وطبقة الإقطاعيين متمثلةً بقادة الجند، بينما الطبقة الثالثة كانت تكابد الفقر، ورغم هذا الاضطراب في الأحوال السياسية والاجتماعية في ذلك العصر إلا أنّ الحركة الفكرية كانت تشهد نشاطاً منقطع النظير، فقد تعددت الثقافات، نتيجةً لامتزاج العنصر العربي بغيره من العناصر الأجنبية الأخرى، والهندية بالحكمة عند العرب، وقد تأثر المتنبي بهذا الازدهار الفكريّ،