غير أننا لا يسعنا إلا أن نعتقد من وجهةٍ عامةٍ أن هناك اختلافًا بين الشرقيات والغربيات مَردُّه فيما نرى إلى فرقٍ واحدٍ: هو أن المرأة الشرقية أحسُّ بطبيعة الأنوثة من صاحبتها الغربية، وهي على الجملة أرأم لأبنائها وآلف لزوجها وأسكن إلى المعيشة البيتية من صاحبتها الغربية، وهذه هي الخصلة التي نود أن تستبقيها المرأة الشرقية في أساسها لا في تفاصيلها فتظل كما كانت في كل عصرٍ ملكة البيت الحاكمة المحكومة، وتنظر إليه من ناحيتها أيضًا نظرة الابن إلى أبيه لا نظرة المنافس المزاحم إلى مَن يناجزه في ميدانٍ واحدٍ، ولسنا نعني بما نقول أن تكون المعيشة البيتية واجبًا مفروضًا على المرأة كما يُفرَض السجن على السجين، لأن عملها في البيت — وهو إعداد الجيل القادم — أكبر وأجلُّ من أن تجمع بينه وبين السعي في طلب الرزق والاحتيال على شئون المعاش، فهي تعول المجتمع القادم وتسهر عليه، فمن حقها على المجتمع الحاضر أن يعولها ويسهر عليها، ولا بد للمرأة من أن تبني كل سيرتها في الحياة على الإيمان بهذه الحقيقة التي لا سبيل إلى نكرانها بصفة جديَّة؛ وهي أن الرجل أقوى من المرأة على نضال الحياة مما يدل على أنه قد خُلِقَ له، ولا يغني عن القائلين بغير هذا الرأي قولهم إن المرأة إنما تخلفت عن الرجل في مضمار الحياة العمومية؛ لأنه تغلَّب عليها في عصور الظلم والجهل فإنَّ تَغلُّبه عليها دليل في ذاته على أنه أقوى منها جسدًا وعقلًا، ••• وأن تحذق فنًّا أو أكثر من الفنون الجميلة ولا سيما الموسيقى، (٢)  لأننا نعزو كثيرًا من العيوب التي تَرِين على المجتمع المصري إلى احتجاب الجنس اللطيف عن مجالس الرجال وأنديتهم، وأن يتحدث النساء إليهم لَعَنَوا بتثقيف عقولهم وأخلاقهم والاطلاع على ما يجمل التحدث به على مسمع من الأوانس والسيدات، أما حرية اختيار الزوج فحقٌّ للمرأة إن شاءت تولته بنفسها،