قوله: "العيافة:" هي : زجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل ، وزجر الطير له أقسام : وتارة يزجر الطير للتشاؤم أو التفاؤل، فإذا زجر الطائر وذهب شمالا تشاءم، فلا أدري أيتوقفون أم يعيدون الزجر؟ فهذا من الجبت.قوله: "الطرق": فسره عوف: بأنه الخط يخط في الأرض، وتخطيطها مثل المشي عليها يكون له أثر في الأرض كأثر السير عليها. ومعنى الخط بالأرض معروف عندهم، يضربون به على الرمل على سبيل السحر والكهانة، ولا أدري كيف يتوصلون إلى مقصودهم وما يزعمونه من علم الغيب ، أما خط الأرض ليكون سترة في الصلاة،فإن قيل: قد صح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن نبيا من الأنبياء يخط; وقال: " من وافق خطه; فذاك " 1 قلنا: يجاب عنه بجوابين:الأول: أن الرسول صلى الله عليه وسلم علقه بأمر لا يتحقق الوصول إليه; لأنه قال: فمن وافق خطه فذاك، وما يدرينا هل وافق خطه أم لا؟الثاني: أنه إذا كان الخط بالوحي من الله تعالى كما في حال هذا النبي; لأن الله يجعل له علامة ينزل الوحي بها بخطوط يعلمه إياها،قوله: "الطيرة": أي: من الجبت ، وقيل: التشاؤم بمعلوم مرئيا كان أو مسموعا، لأن غالب التشاؤم عند العرب بالطير، فإن تعريفها العام: التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم .وكان العرب يتشاءمون بالطير وبالزمان وبالمكان وبالأشخاص وهذا من الشرك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.ومثال ذلك : أن يتشاءم بيوم الأربعاء، ومنهم من يتشاءم بشهر شوال ولا سيما في النكاح، وقد نقضت عائشة رضي الله عنها هذا التشاؤم، بأنه صلى الله عليه وسلم عقد عليها في شوال، وبنى بها في شوال; فكانت تقول: " أيكن كان أحظى عنده مني "؟ والواجب على الإنسان أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يعجبه الفأل ، فينبغي للإنسان أن يتفاءل بالخير ولا يتشاءم .قوله: "من الجبت": " من " للتبعيض على الصحيح وليست للبيان; فالمعنى أن هذه الثلاثة (العيافة والطرق والطيرة ) من الجبت . فهذه من وحي الشيطان وإملائه، ولا شك أن الذي يتلقى أمره من وحي الشيطان أنه أتى نوعا من الكفر، وقول الحسن جاء في "تفسير ابن كثير" باللفظ الذي ذكره المؤلف، وجاء في "المسند" (5/ 60) بلفظ: إنه الشيطان .ووجه كون العيافة والطيرة من السحر، لأن الإنسان يستند فيها إلى أمر لا حقيقة له; وليس بسبب شرعي ولا حسي، فإذا اعتمد الإنسان على ذلك;