نصيحة دريد بن الصمة: فلما أجمع مالكٌ المسير حط مع الناس أموالهم وأبناءهم ونساءهم. ما لي أسمع رغاء الإبل ونهيق الحمير وبكاء الصغير وثغاء الشاء؟ ! قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم. قال: ولم؟ قال: أردت أن أجعل مع كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم. قال: فانقض به ووبخه ولامه، ثم قال: ما فعلت كعبٌ وكلاب؟ قال: لم يشهدها أحدٌ منهم. قال: غاب الحد والجد ! لو كان يوم علاءٍ ورفعة لم تغب عنه كعبٌ وكلاب ! ولوددت أنكم فعلتم مثل ما فعلوا. فمن شهدها منهم؟ قالوا: بنو عمرو بن عامر وبنو عوف بن عامر قال: ذانك الجذعان من عامرٍ لا ينفعان ولا يضران. ثم قال: يا مالك إنك لم تصنع بتقديم البيضة بيضة هوزان إلى نحور الخيل شيئاً. ارفعهم إلى أعلى بلادهم وعلياء قومهم ثم الق القوم بالرجال على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك ولم تفضح في حريمك. قال: لا والله ما أفعل ذلك أبداً ! إنك قد خرفت وخرف رأيك وعلمك. والله لتطيعنني يا معشر هوزان أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من وراء ظهري - فنفس على دريد أن يكون له في ذلك اليوم ذكرٌ ورأيٌ - فقالوا له: أطعناك وخالفنا دريداً.