إن أي محاولة لكتابة تاريخ فلسطين كبديل عن التواريخ التقليدية لإسرائيل التي هيمنت على الدراسات التوراتية في القرنين التاسع عشر والعشرين, 3_ لقد تجاهلت الدراسات التوراتية تاريخ فلسطين القديم وأسكتته نظرا لأن مجال اهتمام هذه الدراسات هو إسرائيل القديمة التي تم فهمها وتصويرها على أنها منبع الحضارة الغربية. كما أنه ليس تاريخا لفلسطين القديمة. ولكن لا يمكن وصفه بأنه تاريخ لأي منهما. 6_ والكتاب أيضا محاولة لإيضاح معالم "فكرة" : هي الفكرة القائلة إن تاريخ فلسطين القديم موضوع قائم بذاته يحتاج إلى التحرر من قبضة الدراسات التوراتية. اعتبر التاريخ الفلسطيني فرعا (صغيرا) من الدراسات التوراتية التي هيمنت عليها الدراسات التاريخية المستوحاة من التوراة, لا وجود له عمليا إلا كخلفية لتواريخ إسرائيل ويهودا أو فترة الهيكل الثاني اليهودية. 10_ إن تاريخ إسرائيل القديم هو حكر على كليات الدين واللاهوت, 11- أين يمكننا إذن أن نجد المواد حول تاريخ فلسطين القديم ؟ يبدو تاريخ فلسطين غير موجود من الأساس: لقد أسكته الخطاب التوراتي المهيمن واستبعده. وما لذلك من مضامين وأبعاد سياسية وثقافية يجب أن تكون في أذهاننا كي نفهم كيف تمكنت الأوساط العلمية الغربية من اختراع إسرائيل القديمة وإسكات التاريخ الفلسطيني. 14_ فقد سيطرت على الدراسات التوراتية منذ نشأتها فكرة مؤداها أن فهم تاريخ إسرائيل القديمة جوهري لفهم التوراة العبرية. وكانت محل الاهتمام الأول أيضا بالنسبة للدراسات اللاهوتية المسيحية بالنظر إلى أن المسيحية هي أيضا دين يعتمد على الوحي في التاريخ. اللذين كانا حكرا على الدراسات التوراتية, قد سيطر على المشهد العام لفلسطين لدرجة أسكت فعليا كل مظاهر التاريخ الأخرى في المنطقة من العصر البرونزي حتى الفترة الرومانية. فإن تاريخ إسرائيل القديم يبدو كلحظة قصيرة في التاريخ الفلسطيني الطويل. ويجب أيضا إضافة ما يعتبر فترة المنفى أو الهيكل الثاني أو من زاوية التاريخ الطويل لفلسطين, الذين يرغبون بتمثيل أنفسهم وتاريخهم في منافسة الروايات الأوروبية والاستعمارية المهيمنة منذ وقت طويل. 27_ أما التاريخ القديم فقد بقي حكرا على إسرائيل حيث إن هذه هي الطريقة التي قدم بها هذا التاريخ منذ نشوء الدراسات التوراتية في العصر الحديث. والمشكلة هنا تكمن في أن مفهوم "التاريخ الفلسطيني" يقتصر على الفترة الحديثة, كما لو كان التاريخ القديم ترك لإسرائيل والغرب. وقد نقول التاريخ القديم بشكل عام, فلن يكون بامكاننا فهم هذا التاريخ. 34_ وكان من الصعب إماطة اللثام عن المؤثرات السياسية والأيديولوجية الخفية التي هيمنت على البحث التاريخي للدراسات التوراتية, 35_ إنني لا أعتبر هذه الدراسة تاريخ لفلسطين ولكنها تبين كيف وضعت الدراسات التوراتية العقبات أمام إنجاز هذا التاريخ.