شهد علم اجتماع التنظيمات والمؤسسات توسعا كبيرا في دراساته وأبحاثه و مفاهيمه التطبيقية نتيجة ما أفرزته التغيرات و المستجدات الاقتصادية، على المستوى العالمي والوطني والمحلي، خصوصا في مجال العمل والطبقات العاملة، إذ لم تعد الفئات العمالية بمعزل عن هذه التغيرات التي مست نسق المؤسسات والمنظمات التي تنتمي إليها، فقد نالت هذه المتغيرات نصيبها من اهتمام كثير من الدارسين في علم اجتماع العمل، الموارد البشرية وعلم الإدارة على المستوى النظري و الأمبريقي، ولم تعد ترتكز الدراسات الأكاديمية عن طرق الإنتاج وتحسين الإنتاجية فقط، إنما انتقل الاهتمام إلى الاستقرار والحفاظ عن المكانة في ظل المنافسة الشرسة في سوق الشغل، ومدى حدوث توافق قيمي بين النسق المؤسساتي والنسق الاجتماعي، فالمؤسسات انعكاس لما يحمله العامل من ثقافات اجتماعية فرعية تندمج مع ما تحدده المؤسسة أو المنظمة من ثقافة تسمى ثقافة المؤسسة أو المنظمة، هذه الأخيرة أصبحت مطالبة بتوجيه اهتماماتها نحو إعادة الهيكلة و تطوير وتحسين نوعية المنتجات والخدمات المقدمة، ولا يمكن ذلك دون إحداث تغيير تكنولوجي، والاستعانة بالتكنولوجيا الحديثة، وإدخال الآلة إلى عالم الشغل باعتبارها وسيلة مساعدة وتقنية مساهمة في الإقلاع بالمنظمة إلى تقديم أداء أفضل وجودة أحسن، فالسبيل الوحيد لتتمكن هذه المؤسسات والمنظمات من التعايش في ظل هذه الظروف المحيطة بها هو القيام بالتغييرات المناسبة في عناصرها وهياكلها وحتى عملياتها حتى تحقق التوازن مابين أوضاعها الداخلية والأوضاع الخارجية أو البيئية، فالتغير في المنظمات المعاصرة حتمية فرضتها الظروف والمتغيرات الداخلية والخارجية، وان من بين التغيرات التي عرفتها هذه الأنساق المؤسساتية، التغير التكنولوجي احد أهم أوجه التغير التنظيمي، الذي يعتبر بمفهومه الواسع عملية إدخال التكنولوجيا تقنية أو فنية إلى المؤسسات والمنظمات باختلاف أهدافها وسياساتها ويضاف إلى عملية التغير الاهتمام بالمورد البشري باعتباره احد الفاعلين في نجاح العملية التنظيمية والمؤسساتية، هذا الأخير الذي يأتي مشبعا بقيم اجتماعية مختلفة، قد تتعارض والقيم التنظيمية السائدة في المؤسسة أو المنظمة، والتي من بينها القيم الواردة مع التكنولوجيا، والتي تسعى القيادة الإدارية إلى تحقيق اندماج وتكيف عمالي معها، فكما أعطت أهمية إلى هذه القيم التنظيمية والتي جلي أنها تؤدي إلى النجاح المؤسساتي، كقيم الصرامة والانضباط والفعالية وإدارة الوقت، ودعم الابتكار التكنولوجي، فإنها تسعى إلى التمهيد لتقبل وتكيف الموارد البشرية لهذه القيم والى إدارة مقاومة التغير التكنولوجي ومعالجتها، باعتبارها شكلا من أشكال التوتر في المنظمات والتي تؤدي إلى عرقلة التسيير وانحراف المنظمة عن تحقيق أهدافها. فالموارد البشرية تختلف تمثلاتهم تجاه التكنولوجيا الواردة إلى المؤسسة، فمنهم من يرى فيها متغيرا مستقلا ايجابيا، بينما ترى فئة منهم انه متغير مستقل سلبي يعرقل مسارهم المهني.