ً من أهل بلخ في بلاد الأفغان عاملا للدولة السامانية،كان عبد الله بن الحسني بن عليٍّوكان يتولى من قبلها التصرف بأعمال قرية «خرمتني» من ضياع بخارى،جوار مركزه في عمله قرية أفشنة، فكان يزورها ويتعرف إلى بعض أهلها،فتاة تسمى ستارة كما جاء في ابن خلكان، وفيها ولد لهما ابنهما «الحسني» الذي اشتهربكنيته العليا «ابن سينا» وأصبح اسمه أشهر الأسماء بني فلاسفة الشرق وأطبائه،ً أصبح لقب الشيخ الرئيس علما عليه لا ينصرف إلى سواه. وانتقل مع آله في السنة الخامسة من عمره إلى بخارى،وكان أبوه من طائفة الإسماعيلية وهي يومئذ صاحبة مذهب في الخلق والوجود وتفسريالشرائع بالظاهر من ألفاظها والباطن من معانيها، فنشأ الحسني الصغري وهو يستمعإلى املناقشات الفلسفية والتأويلات الدينية في «النفس» و«العقل» وأسرار الربوبية والنبوة، وتعلم اللغة على أبي بكر أحمد بن محمد وتعلم الفقه على إسماعيل الزاهد. ومر ببخارى أبو عبد الله الناتليالذي كان يعرف باملتفلسف لاشتغاله باملنطق والرياضة، فاستنزله الوالد في منزله عسىأن ينتفع الناشئ النجيب بعلمه، فقرأ عليه الحسني كتاب «ايساغوجي» في املنطق لصاحبهملك الصوري املشهور بفرفريوس، وكتاب املجسطي في علم الهيئة والجغرافية لبطليموس وظهرت باكورة الفيلسوف في أوائل صباه فإذا هو يناقش أستاذه في حد«الجنس» خاصة وهو من الحدود التي دار عليها مذهبه الفلسفي وكان له فيها رأيفاصل بني أفلاطون وأرسطو، وعلم الأستاذ أن تلميذه قد تلقى عنه كل ما هو قادر علىإعطائه فاستأذن منصرفًا إلى مطافه بالبلاد على سنة الدراويش املتفلسفني في ذلك الزمان.واستتم الفيلسوف الصغري كل ما وجده بني يديه من علوم الحكمة واملنطق والرياضة،ولا يلتفت بالنهار إلى عمل غري القراءة والتحصيل، وربما غلبه النوم فإذا هو يحلم بتلكاملسائل بأعيانها وتتضح له وجوهها في منامه،