الواقعي (الحقيقي) في اللسانيات والعلوم الطبيعية ينطوي على فائدة فيقول: إن دوال الموجات واقعية (حقيقية) للسبب ذاته الذي تكون وفقاً له الكواركات والتناظرات واقعية (حقيقية) لأن من المفيد ضمها إلى نظریاتنا» (1992:79 , أي دراسة الكينونة الأحيائية اللغة الداخلية، بيد أن علماء اللسانيات يتشبثون في أكثر الأحيان بالمعايير الرفيعة التي يفرضها الفلاسفة والعلماء المعرفيون، بل أيضاً تلك التي يفرضها العديد من علماء اللسانيات الآخرين. فبعد أن يقيم علماء اللسانيات الدليل والحجج التي تبرهن على أن من المفيد ضم مفهوم لساني أو مبدأ لساني «إلى نظرياتنا»، وسوف نناقش مثالاً على هذا في مراجعة كالن مقين Colin McGinn لكتاب تشومسكي القواعد McGinn, 1981) Rules and Representations والتمثيلات ويورد مقن McGinn العديد من الفرضيات التشومسكية) نتطرق هنا لاثنتين منها : أ) يصف النحو البنية الداخلية للمبادئ الحاسوبية والتمثيلات. ب) تنتمي هذه البنية إلى «ذهن» المتكلم. يقبل مقن McGinn الفرضية (أ) ، بيد أنه بعد المناقشة يطرح استنتاجاً بشأن الفرضية (ب) فيقول: «ولذا لا أعتقد أن تشومسكي قد أثبت حتى الآن أنه مصيب في الزعم بأن النحو التوليدي واقعي ذهنياً»» (ص ۲۹۰). يستحق نحو أي لغة . تلك الدرجة الرفيعة من الواقعية» التي ينسبها عالم الفيزياء لنماذجه الرياضية للكون ونأمل على مستوى مناسب من التجريد أن نجد مبادئ ولا شيء غيرها، الأمثلات المتبناة، عنصر مهم من عناصر البنية الحقيقية للكائن الحي ويشير تشومسكي إشارة واضحة إلى أنه يستعمل مصطلح «ذهني» بالطريقة عينها التي يُستعمل بها مصطلح «كيميائي» أو «بصري» أو «كهربائي»: فلنضرب مثالاً بمصطلح «ذهن»، ولنتأمل كيف نستعمل مصطلحات مثل «كيميائي» أو «بصري» أو «كهربائي». كل ما في الأمر أن ثمة سمات متنوعة للعالم نختارها لتكون بؤرة اهتمامنا بغية استقصائها وتفسيرها. وسوف أتعامل مع مصطلح «ذهني بالطريقة عينها، مستنداً إلى مضمونه التقليدي، ومتجنباً مضمونه الماورائي، ومن غير الماح إلى أنه من المثمر تحديد المعيار الحقيقي أو السمة الحقيقية للذهني. من غير أن يقع في روعنا تحديد الفكرة بدقة، ومن غير أن نتوقع العثور على وحدة أو حدود ذات بال، سواء تعلق الأمر بهذا المصطلح أو غيره؛ فإن الفرضية التي يعزوها مقن McGinn إلى تشومسكي يمكن اختصارها كما يلي: اللغة الداخلية، على نحو أعم، ملكة اللغة مكون من مكونات الذهن / الدماغ. فمن الممكن على سبيل المثال، وليست في الواقع، أو الأصبع الكبير للقدم، إذ يفترض جمهورهم ذلك، بناءً على الكثير من البراهين الأخرى (1996 , تنظر المراجعة الواردة في كارامازا ( وعليه فإنه يمكن افتراض أن مقن McGinn يعتقد بفرضية أخرى أكثر اختلافاً - بل إنه يورد كلمة ذهني مكتوبة بخط مائل. بيد أننا الآن نعالج مصطلحاً فنياً، ألا وهو مصطلح ذهني، فقد كان بالإمكان كتابة الكلمة بالحروف الكبيرة MENTAL، أو كتابة جزء من الكلمة بالحروف الكبيرة وكتابة الجزء الآخر بالحروف الصغيرة mEntAL، أو باستعمال رموز مختلفة تماماً، ونحتاج من أجل تقييم هذه الفرضية إلى أمرين: نحتاج أولاً إلى وصف للذهني» و«اللواقعي ذهنياً»، ونحتاج ثانياً إلى من يطلعنا على السبب الذي يجعلنا نحفل لذلك الوصف؛ فقد قدم هو ورفيقاه بودولسكي Podolsky وروزن (Rosen) ما يلي: ۱) وصفاً للواقعية الموضوعية». وكان الوصف المعطى يقوم على تحديد قيم دقيقة لخصائص الجسيمات (كالإلكترونات) كالموضع والزخم momentum. وتمثلت الإشكالية المطروحة في تجربة محكمة تمخضت عما زُعم بأنها معضلة لديناميكا الكم، فقد شعر آينشتاين بأن تجربته المحكمة أظهرت بأن نظرية ديناميكا الكم ناقصة)). وحين أمكن لاحقاً بعد وفاة آينشتاين إجراء تجربة آينشتاين - بودولسكي - روزن)، أثبتت التجربة التي تنبأت ديناميكا الكم تنبؤ دقيقاً بنتائجها، ونحن بعيدون كل البعد عن تلك الحالة في ما يتعلق بمفهوم الواقعية الذهنية المشابه. فنحن لا نعرف بادئ ذي بدء، معنى المصطلح الفني ذهني»، كما ورد عند مقين McGinn. وما لم نعرف معنى هذا المصطلح فإنه لا يمكننا تقييم الفرضية التي مفادها أن اللغة واقعية ذهنياً». وأنه لا يمكن أن نجري تجارب محكمة عليها - فلابد أن يخبرنا أحد بما تعنيه تلك المصطلحات. ويتوقف الأمر على مقين McGinn ليخبرنا بماهية الواقعية الذهنية، ويتوقف كذلك على مقن MeGinn، فهو يزعم بأن الفرضية الثانية (٢)، بيد أن ذلك كان قبل أن يطرح جون بل Bell تحليله المفارقة أينشتاين بودولسكي -روزن)، وبذا يرهن بل Bell على أنه كانت ثمة، وأنه لو صحت كمياً الاستنتاجات التي طرحها علماء ميكانيكا الكم، أنه لا يوجد ذهن المتكلم)، ويزعم أن إحدى الإشكاليات تتمثل في أن الفرضية الثانية (۲) لا تقتضيها الفرضية الأولى (۱)، وينتهي مقن McGinn إلى أن: «ما نحن في حاجة إليه هو معيار نهتدي به لتحديد ما إذا كان نسق تمثيل وحوسبة ما جزءاً واقعياً ( حقيقياً) من الذهن أم لم يكن» (1981:290 , لكن تذكر بداية أن تشومسكي لم يكن هو من طرح الفرضية الثانية (٢). فإن عليه، ولا أحد سواه، أما تشومسكي، كما أشرنا آنفاً، ويزعم مقن McGinn، فضلاً عن ذلك، بأن «وصفاً فلسفياً أو بدهياً في واقع الأمر لحدود الذهن لابد أن يحترم الفروقات غير ذات الأهمية لعالم النفس المعرفي» (ص ۲۹۰). وصف فلسفي لحدود الذهن، فإنه يتساوى السبب الذي يجعل معنى المصطلح الفني ذهني» يعكس بدهيات جلية مع ذلك الذي يسمح لنظرية الديناميكا الحرارية بأن تجعل المصطلح الفني ((الاعتلاج) يعكس بدهيات جلية حول العمل والطاقة، يتبادر إلى الذهن مباشرة تساؤل حول السبب الذي يجعل المرء في حاجة إلى وصف فلسفي لحدود الذهن أو إلى معيار لتحديد ما إذا كانت س جزءاً واقعياً (حقيقيا) من الذهن أكثر من حاجته إلى وصف فلسفى الحدود الميكانيكي أو البصري». إذا ما قارن المرء بين الديناميكا النيوتنية Newtonian وبين علم البصريات الكلاسيكي، فسيجد أن الديناميكا تقدم صورة جزئية إذا ما قورنت بالبصريات وفي حين أن تلك الأخيرة (أي البصريات ظهرت في صيغتين، إلا أن تلك الأخيرة (أي صيغة الموجات) [كذا ] لا تتضمن مطلقاً أي جوانب ذات علاقة بالموجات. وعد ذلك هاملتن، والذي اعتقد بوحدة الطبيعة اعتقاداً اتسم بالحماس، خللاً في فيزياء نيوتن ينبغي التخلص منه، وخطى الخطوة الأولى في ذلك الاتجاه من خلال توسيع مفهوم البصريات الجسيمات البصريات الهندسية البصريات الفيزيائية الديناميكا الميكانيكية وعَمِدَ هاملتن، وتمثل المسوغ لذلك لدى هاملتن في أنه آمن إيماناً عميقاً بوحدة الطبيعة». ولكنه أثر تجاهل كافة الحدود المزعومة بين الميكانيكي والبصري، ولو أعدنا النظر في الجدول أعلاه لتكشف لنا جانب مضمر يتمثل في أن الكينونات الفيزيائية في الحقل الميكانيكي قد تتكشف عن سلوك جسيمي وموجي. وقد تنبأ في ما بعد بذلك لويس دي بروقلي Broglie تنبؤاً نظرياً في عام ۱۹۲۳م، وبرهن عليه كل من دافيسن Davisson وجير مر Germer، وتمثلت إحدى أهم الإضاءات التي قدمها إرون شرود نقر Schrödinger في أنه وببساطه تبنى صيغ هاملتن ففي مسح حديث لنظرية الأوتار كتب عالم الفيزياء إدوارد وتن Witten عن الأخبار غير السارة لنظرية الأوتار يقول: بيد أن الحقيقة هي أن كل شيء ينبثق من الوصف القائم على الموجات،