وقد أصاب بعض العلماء عندما ذكروا في حكمة النَّهي عن الخروج فراراً من الطاعون: أنَّ النَّاس لو تواردوا على الخروج،  لكان في ذلك كسر قلوب الضُّعفاء.  وقد قالوا: إِنَّ حكمة الوعيد من الفرار من الزَّحف؛ وفي رواية أن الوباء لم يرتفع إِلا بعد أن ولي عمرو بن العاص رضي الله عنه الشام،  فبلغ عمر ما فعله عمرو، وهنا نجد أنه نصح القوم المصابين بأن يتفرقوا عن بعضهم ولا يتجمعوا،  حتى يقلل من نسبة انتقال العدوى،  بل يهلك من كان مصاباً به من الأفراد فيبقى الآخرون في معزل عن الإصابة به (الصلابي،  ففي العهد المملوكي ولمواجهة الأوبئة المنتشرة،  عمد بعض السلاطين والميسورين من الناس بقصد الثواب والتقرب إلى الله،  إلى بناء “البيمارستانات” في مدن الشام جميعها،  لمداواة ورعاية المطعونين والمصابين بالأوبئة كالحمى وغيرها.  ولأن الناس كانت تموت بأعداد كبيرة في فترة الوباء فإن الجثث كانت تترك ثلاثة أيام أحياناً على الأرض ولا يوجد من يواريها خوفاً من العدوى،  ولذلك فقد عمد بعض الحكام والأثرياء استجابة لتعاليم الدين الإسلامي والتي تحض على دفن الميت بأسرع وقت ممكن حفاظاً على حرمته وكرامته،  إلى إنشاء ما سمي بحوانيت أو مغاسل الموتى، ولم ينس الناس أهمية التقرب من الله والدعاء إليه والرجاء منه في تلك الأوقات العصيبة،  فأخذ أهل الصلاح والعباد من الناس يتوبون إلى الله ويستغفرون ويزيدون من العبادات،  ومن أجل التقرب إليه فقد شرع بعضهم في إغلاق حوانيت الخمر،