لم يكن يمكن لأحد أن يصدق لو علم، أن بلالاً الذي يصرخ بكل هذه القوة والحماس والمتعة يوشك أن يموت بالسرطان، وأن احتمالية نجاته هي صفر بالمائة. فقط خلو وجهه ورأسه من الشعر كان يمكن أن يجعلهم يشكون. أم لعله كان يصرخ ويفرح ويتحمس نيابة عن عمر قادم لن يعيشه. بعد أن أرضى بلال المراهق في داخله، وأنجز كل تحديات الجبال والمغامرات الخطرة بنجاح تقيأ مرتين فقط في اليومين اللذين قضيناهما، ولم يشك من صداع أو دوار على الأقل لم يقل ذلك)، بعد أن أنجز كل ذلك بدا بلال أكثر تصالحاً مع الطفل في داخله، لم تكن للصغار وكانت ممتعة جداً لي ولكنه كان يرفض قبلها مجرد التفكير في ذلك. رجلي الكبير الذي لن أتمكن من رؤيته عندما يصبح رجلاً. هو بنفسه أن يحضر مسرحية علاء الدين)، بينما كان قد قال قبلها إنها للصف الخامس كحد أعلى. وأعتقد أن المسرحية نفسها كانت قد تصالحت مع المراهقين أكثر مما تصالح بلال مع الطفل في نفسه. كنت التقط الصور كالمجنونة كالمجنونة لو كنا لا نزال في عصر الصور ما قبل الديجيتال لكلفني ذلك ثروة أكثر من كلفة الرحلة بكل ما فيها. كنت أعرف أن الفرح على وجه بلال عابر كضيف لن يطول بقاؤه. كنت أعرف أيضاً أن بلالاً نفسه، كانت الصور الآلاف منها محاولتي البائسة اليائسة للتشبث بهما معا. وببلال فاجأني بلال عندما طلب أن نذهب في آخر يوم، تقريباً في ساعاتنا الأخيرة في ديزني لاند إلى اللحظات العظيمة مع السيد لينكولن). لم أتخيل أن هذا العرض سيكون جذاباً جداً لبلال، وعندما يطلب صبي في الرابعة عشرة حضوره دون حث أو تحفيز خارجي، كان العرض جميلاً، وقصيراً بحيث لا يثير أي ملل، كنت أحب الأغنية، سفينة للمهاجرين تذكرت سفناً أخرى لا بد أن إلى أمريكا. لا يمكن لتلك السفينة ولكل العذابات التي حوتها أن تكون مصاحبة لهذه الأغنية شعرت بالغين. شعرت بأن هذا جزء صغير من جدي كان في واحدة منها، وأننا لكي نفهم حقاً جمال أمريكا علينا أن نعرض الصورة كلها، خاصة عندما نكون في عرض عن الرجل الذي ساهم في تصليح الخطأ الذي لحق بكونتا كنتي وجدي والملايين الآخرين. ثم دخل المعلق: كان هذا هو الحلم الأمريكي الصلاة من أجل المستقبل. لكن هذا الهدف الذهبي لم يكن بلا ثمن نمط الحياة الأمريكية لم نحصل عليه في يوم، في كل تاريخها، إبراهام لينكولن". فبالتأكيد، لم يكن هناك أي رجل أكثر إخلاصاً من لينكولن أو على الأقل لم يكن هناك من هو أكثر إنجازاً لأجل ذلك. ليس هذا مهماً بالنسبة لي. فأنا جاهز لأداء مهمتي. كما لو أن لينكولن يتحدث فعلاً من عمق التاريخ. خيل لي أن ثمة دمعة في عينيه. إلى أن قرأت ما كتبه لاحقاً، في الأيباد الخاص به. لكنه واجبك. كان عبداً كأجدادي، ولكنه آمن بالله الواحد، بدلاً عن الأوثان التي كان أسياده يؤمنون بها، لكن البعض يحاول أن يتجاهل ذلك. ولكني لم أجد دوري فيها بعد. وقد أشرفت على الانتهاء أو تكاد. لا أكثر. أتمنى أن أجد الدور والمكان الذي وضعه الله لي في هذه العاصفة التي ستشرق بعدها الشمس حتى لو لم أكن موجوداً. لقد ساهمت في تحرير العبيد عمل عظيم. دعنا نتكلم رجلاً لرجل" هكذا قالت لي أمي. رجلاً لرجل. كان الأمر مضحكاً. قالت هذا دون حزن. فكرت أنها نجحت كأب أكثر مما تتخيل، كنت جيدة، كرجل أريد أن أتكلم معك رجلاً لرجل كلام رجال لا عواطف. ratemyproffessors. com بالتأكيد، لم أر الدمعة المعتادة. سنطوي الصفحة، لا أعرف حتى إن كان سيوافق على مقابلتك، مهما كان سيئاً أو جيداً. عليك أن تتجاوز الأمر برمته، وماذا بعد أن أنتهي من هذا الأمر؟ ماذا سأفعل ؟ "هذا ما أريد أن أحدثك عنه". نظرت للورقة. كانت رسالتي إلى السيد لينكولن. بعد أن أذهب. قالت: ستكون هذه فكرة جيدة لما ستعمله لاحقاً. لكن الآن. لدينا ما هو عاجل. هل للسيد لينكولن بريد إلكتروني في الآخرة يمكن التواصل معه عبره ؟" قلت وأنا أتصنع الجد. قطبت جبينها وقالت: أتحدث على نحو جدي رجلاً لرجل. تضعها في موقع خاص على النت. امتلأت عيناها بالدموع وهي تكمل: يترك أثراً لك في هذا العالم. فكرت بالأمر. رسائل إلى الجميع. قلت لها: ماذا سنسمي الموقع ؟ قالت: سنجد اسما ملائماً علينا أن نحضر المواد أولاً، كنت أفكر فوراً برسالتي الأولى ابي العزيز لم أناديك من قبل بهذه الكلمة أبي. لم أقلها من قبل لأي أحد. لم تمر على لساني. أذكر أني عندما كنت في الخامسة وأدركت أن الأغلب الأولاد آباء، كيف تبدو كيف أبدو أنا عندما أقولها. كنت أفعل ذلك في الحمام، أمام المرأة، وكنت أعرف أن لا أحد سيرد. كففت عن ذلك عندما كبرت قليلاً. لكني كنت أشعر بغصة كلما سمعت الكلمة تأقلمت مع الأمر مع الوقت لم أعد شديد الحساسية تجاهه. لا أعرف لماذا أكتب لك الآن. ربما لأسألك سؤالاً طالما خطر في بالي دون جواب لم رحلت وتركتني ؟. تركتنا ؟ ربما كانت أمي هي التي جعلتك ترحل. هكذا كانت تقول لي دائماً. كانت أباً جيداً أيضاً لكن حتى لو كانت قد جعلتك ترحل، كل الأطفال يبكون. لكن أغلب الآباء لا يهربون من ذلك. لا أعرف أصلاً ماذا يجب أن يكون موقفي منك. لكني لست متأكداً من أني أحبك. لدي حيرة تجاهك. ثم تركت لها الباقي. وإن علي أن أراك كي أتمكن من التنفس معها حق. سأموت قريباً. على لا شيء ها أنا مع بلال ولاتيشا في انتظار الطائرة المتجهة إلى دالاس المحطة الأولى في رحلتنا إلى أوكيديل لويزيانا. كانت هذه أول مرة أرى فيها بلالاً. جاءت لاتيشا معه إلى المطار. كان بلال يبدو متبرماً بهذا ويؤشر لها أن تذهب بلال لم يكن يبدو طفلاً اقترب موعد موته بالنسبة لي. ربما لم أره قبلها، لذا لا يمكنني أن أقارن. لكني لم أكن لأقول عنه إنه مريض بالسرطان لولا أنه كان بلا شعر تماماً وكذلك التقارير الطبية التي وضعتها أمه في الحقيبة، بالإضافة إلى كوم من الأدوية التي قضت مدة طويلة في شرح وظيفة كل منها. كنت سعيداً بالشرح وأحاول التظاهر بالفهم والتركيز، كان ذلك الشعور غريباً جداً، لكنه كان يبدو أفضل ما حدث لي منذ زمن طويل. أنا ولاتيشا وبلال. كما لو أننا اجتمعنا بعد فراق طويل. ومنذ أول مرة أراها فيها ؟ لكني لم أشعر أبداً أن أول لقاء بيننا كان يمثل المرة الأولى التي رأيتها فيها. هل يحدث هذا في عمري ؟! ألا يجب أن يكون ذلك حصرياً على المراهقين ؟ لعلي مراهق في السادسة والثلاثين لعلي طفل توقف نموه عند مرحلة ما كما كانت كريستين تقول لي كريستين. الحمد لله. كنت مع كريستين أشعر بالضعف أشعر أني مثل طفل ينتظر أن تعاقبه أمه ويحاول استرضاءها كي لا تفعل. يريد أن يريها أنه صار رجلاً. وإن يكن هل الحب إلا هذا النوع من المرض أو ذاك. لكنه مرض. ليس مثلي من يحب بهذه السرعة. هذا غير ناضج. سمعت صوتاً يضحك في داخلي وأنت غير ناضج ما الجديد؟ للأسف لم تهب عاصفة ولم تتأثر حركة الملاحة. في يناير كثيراً ما يحدث ذلك. أراقب لا تيشا وهي تعطي حناناً ( مدروساً) لبلال. كان من الواضح أنها تخشى المبالغة في ذلك أمامي أو أمام أي أحد ربما كانت تعطي النصائح والإرشادات كما لو أنها تتحدث مع رجل بالغ وفقط تريد تذكيره بها وأنه هو (أعلم) بها. أعجبني ذلك كثيراً. لكن وتتحدث في تفاصيل أدوية بلال والطوارئ المحتملة بصبر، كما لو أنها تتحدث مع أحد طلابها. لم أكن أعرف شيئاً عن هذه الأدوية. وكانت قد طلبت مني قبلها أن أراجع موقعاً يعطيني معلومات عن الحالة وعن المخاطر المحتملة في السفر. قالت لي أيضاً إن ثمة مخاطر ولكنها لن تكون أكثر من مخاطر ديزني لاند وإنها تعتقد أن تحقيق أمنية بلال في رؤية والده سيكون له أثر إيجابي كبير على كل شيء. لكنها في الحقيقة - وكما يجب أن يكون متوقعاً - كانت تريد أن تحدثني عن سعيد. طلبت مني ألا أتوقع الكثير منه موافقته على المقابلة لا تعني الكثير هو شخص متقلب جداً، لمحت في عينيها بعض بقايا الحب لسعيد لمحت حباً يائساً. حباً امتلأ بالعضات والجروح حتى فضل أن ينسحب شعرت بشيء من الغيرة. وقال لي الصوت الآخر: ما الجديد في الأمر؟ قالت لي بعد ابتسامة مشجعة سيد حلواني. قاطعتها: أمجد من فضلك. أكملت بعد ابتسامة سريعة أمجد أنت تملك مقدرة لغوية فائقة. خبرتها فيما تكتب وما أرسلت من رسائل عن بلال الحبشي وسيناريو الفيلم. تخيلت أني بدوت مثل كوبر عندما يهز ذيله فرحاً بجائزة مرتقبة. ربما أكثر مني بلال يحتاج إلى ظل أب إلى رجل في هذه المرحلة كنت سأثق بشخص آخر بسهولة. رجل ويستطيع الدعم وليس أي رجل حاولت كثيراً أن أعوضه، كنت أرفضها وأصر على أني قادرة على أداء دور الرجل الخارق والمرأة الخارقة في آن واحد. للأسف، قلت لها مقاطعاً هوني عليك أنت تقومين بدور جيد. أكملت هي فوراً: لا أقصد التشكي، أريد منك فقط أن تدعم بلالاً بكل مفرداتك وقدراتك فيما لو تصرف سعيد على نحو سيئ. لا أريد لهذه الرحلة أن تترك أثراً سلبياً على بلال في هذه المرحلة من حياته. لديه أشهر فقط ولا أريده أن ينتكس فيها. بدا صوتها متأثراً جداً هنا. كما لو أنها فقدت السيطرة على قناع تماسكها. فلتكن رائعة إذن. مثل حياة الفراشة. أعتقد أني قلت الكلمات كما لو كنت أؤديها. كما لو كنت أوجهها للاتيشا. كنت درامياً جداً. مثل ممثل يؤدي أداء الاختبار لدور شكسبيري. لمحت المفاجأة في عينيها. كما لو كانت قد شعرت أني أقول الكلمات لها. نظرت هي إلى بلال بعجلة وتأكدت أنه لا يزال بعيداً وقالت: "هناك شيء آخر يجب أن تعرفه وتنتبه له شيء مهم جداً لم أرغب في الحديث عنه أمام بلال. أرسلت لك التفاصيل على بريدك الإلكتروني، هززت رأسي أن نعم. بلال يتعرض بين الحين والآخر لنوبات صرع. نتيجة لضغط الورم اللعين على دماغه الأدوية تسيطر على ذلك إلى حد كبير، ولكنها تحدث. وقد لاحظت أنها تحدث عندما يكون بلال تحت ضغط نفسي أو شد عاطفي كبير". حاولت أن أستوعب ما تقول. قالت لاتيشا بسرعة وهناك شيء آخر. بلال يملك موهبة كتابة. أنا قاصر يسافر وحيداً ولدي موافقة من والدتي على الأمر، علماً أن خطوطكم الجوية، حسب موقعها الرسمي، تبيح لمن هو فوق سن ۱۲، أن يسافر منفرداً مع تحويل الطائرة دون حاجة إلى موافقة من ولي أمره. وأنا فوق سن الـ ۱۲ بعام وبضعة أشهر. بدت مصدومة بجوابه. أكمل بلال: أما إن كنت تقصدين السيد أمجد هذا - وأشار إلى فهو يصطحبني لزيارة والدي المحكوم بالسجن لسبع سنوات بتهمة تتعلق بتهريب المخدرات، ولدينا ما يثبت موافقة ولي أمري على أن يصاحبني إلى السجن كما أن لديه - مثلي - تصريحاً لزيارة والدي الذي لم يره من قبل ولا أنا. لأن هناك سيدة تريد أن تجلس بجانب الممر وليس بجانب النافذة. قال لي: هل ترغب في الانتقال إلى جانب النافذة، 000 قبل أن أبدأ بمحاولة استدراج بلال في أي موضوع يخص والده أو يخص ما سيكتبه، وقال اقرأ. كانت هذه هي الرسائل التي تحدثت عنها لاتيشا. قرأت الأولى أرسلها إلى لينكولن أحببتها جداً. وأحببت أنه تحدث عن بلال الحبشي. ثم قرأت رسالته إلى والده كانت صادقة وتلقائية. قال لي: هل هو عظيم إلى درجة أنه يقهر الموت؟ ارتبكت بدوت متردداً في الخوض في هذا الموضوع معه على هذا النحو. أكمل هو بلا مبالاة : أمي تقول إنها لو وضعت هذه الرسائل وغيرها في موقع على النت وقرأها الناس، فربما يمكنني أن أقهر السرطان. أن يبقى هناك من يتذكرني. قال بلال: هل كانت مصابة مثلي بسرطان الدماغ؟ أجبته الحقيقة لا. لقد ماتت في معسكرات الاعتقال النازية. وكانت قد عاشت وأسرتها مختفية في منزل خوفاً من الاعتقال، ثم اعتقلوا، وماتوا جميعاً إلا شقيقاً لها عاد لاحقاً إلى المنزل الذي كانوا مختبئين فيه، ووجد يوميات شقيقته. قال بلال كما لو كان يتحدث مع نفسه: أعتقد أني رأيت شيئاً كهذا في فيلم ما. ثم استدرك: لكنها لم تكن تعرف أنها ستموت يوم كتبت هذه اليوميات صحيح ؟ قلت: كانت تعيش في خطر حتمي للموت لكن ربما كان لديها أمل بالنجاة. مثلي ؟ قلت: لا. غمغم بلال وهو ينظر من خلال نافذة الطائرة: إذن الأمر مختلف. قلت له: الأمر مع نسبة الصفر في المائة أفضل للكتابة. التفت لي متعجباً: كيف ؟ قلت له: مع نسبة الصفر لا خيار هناك عليك أن تترك شيئاً لأنك راحل بالتأكيد بسرعة. مع نسبة أمل أعلى ثمة مجال للتأجيل. تنتظر لكي تعيش حياتك أكثر. وقد تلهيك هذه الحياة عن ترك أثر في الحياة. ثم التفت فجأة وأنت هل ستترك شيئاً ؟ أم أن مرضى السرطان وحدهم عليهم أن يفكروا هكذا ؟ فاجأني سؤاله هل سأترك شيئاً؟ لم أستطع أن أخفي ارتباكي، قلت شيئاً عن رسالة الماجستير التي تلتها والدكتوراه التي أعمل عليها وقلت إني أطمح أن تترك أثراً في طريق الأكاديميين الذين يدرسون تاريخ الشرق الأوسط من بعدي. كان ما قلته سخيفاً جداً وبلا معنى لم أفكر أبداً أن آخذ الماجستير أو الدكتوراه من أجل أن أترك أثراً من بعدي أو أي شيء من هذا القبيل، قلت بصوت يحاول أن يبدو أكثر ثقة عملي في فيلم بلال أريد أن أساهم به في ترك بصمة مختلفة عبر هذا الفيلم. لكن هذا لم يكن إلا من خلال تفاعلي مع بلال بلال الذي يجلس بجانبي في الطائرة المتجهة إلى دالاس ومن ثم إلى أوكيديل ليرى والده المسجون. كان هذا هو الشيء الذي أفعله مع بلال. ولم يبد مهتما جداً على أي حال. فتح الأيباد مجدداً وأخذ يلعب لعبة العصافير الغاضبة Angry Birds) دونما اهتمام. سألته: لمن ستوجه رسالتك القادمة، بلال ؟ قال دون أن يرفع عينيه عن اللعبة: لا أعرف. ربما إلى خلايا السرطان. وأعلنت اللعبة وصوله إلى مرحلة أخرى في دالاس بينما نحن ننتظر الطائرة بدا بلال مضطرباً، سأذهب للمرة الأولى في حياتي إلى سجن لأرى شخصاً لم أعرفه في حياتي لكي يراه ابنه الذي يراه للمرة الأولى أيضاً في حياته. بالتأكيد مضطرب أنا. وبالتأكيد مضطرب هو. ارتبكت وأنا أخرج الأدوية وقد نسيت أيها يكون للصداع وأيها للقيء وأيها للصرع. كنت أريد أن أقول لها إن الأمور بخير، لكني في الحقيقة كنت أريد أن أستمد منها القوة بدت قلقة هي الأخرى وكان صوتها قلت لبلال أن يتصل عندما تصلون دالاس أعرف أنه يتضايق عندما أتصل أنا كي لا يبدو أني أعامله كطفل أمامك. ثم قالت بصوت حاولت أن يكون هادئاً: كيف هو ؟ قلت لها: بخير، لكنه تقيأ مرة، قاطعتني بسرعة حبة واحدة فقط ؟ أعطه ثانية بسرعة. قلت لها إني سأفعل بالتأكيد. سألتني بصوت قلق هل تشعر أن عينيه فيهما شيء غريب؟ ليستا ثابتتين ؟ نظرت لبلال نعم شعرت بشيء كهذا. قلت لها بصوت قلق وأنا أبتلع ريقي: نعم يبدو ثمة شيء غريب فيهما. ماذا يعني هذا ؟ قالت بصوت حاسم: أعطه دواء الصرع بسرعة. علبة بيضاء بشريط أزرق من تحت. قلت بهلع هل سيصاب بنوية صرع الآن ؟ قالت وكأنها انتبهت إلى أن هلعي ليس في مصلحة الموضوع: ليس بالضرورة الدواء قد ينهي المسألة. أرجو أن تهدأ وتتماسك. قلت لها مثل ممثل سيئ يقف أمام الجمهور لأول مرة ليؤدي دور يوليوس قيصر اطمئني الأمور تحت السيطرة. كل شيء سيكون على ما يرام. سكتت هي وتخيلتها تلعن الساعة التي قبلت فيها بمرافقتي لبلال في هذه الرحلة. قلت بصوت طبيعي تقريباً اطمئني ساكون قريباً من الوحدة الطبية. أن أبلغك بالأمر قبل هذا. لكن مضت مدة طويلة منذ آخر نوبة. لقد كان تخصصي الثانوي في البكالوريوس هو التمريض. شكراً الله. لكن الكذبة كانت فعالة. لم تأت النوبة. لكن بلالاً زاد اضطراباً واصفراراً. وتقيأ مرة أخرى في الطائرة. قلت له: كيف أنت يا رجل ؟ لقد اقتربنا. سترى أخيراً رجلك العجوز. هل هو بخير لأنه سيرى والده للمرة الأولى في حياته ؟ قال: أفضل من جلسات العلاج الكيمياوي بالتأكيد. لمحت دمعة في عينيه، لكنه التفت لي وابتسم. لقد ابتسم! في وجهه ثمة مزيج من كل شيء. الأمل والألم والخوف والقوة والحزن والسعادة والترقب. فكرت كيف يحتمل قلبك يا بلال كل هذا ؟ هبطنا في مطار ليك تشارلز الأقرب لأوكيديل،