نشأ رجل آمن بأن العطاء رسالة إنسانية تتجاوز حدود الزمان والمكان. ولد عبد الله المطوع عام 1926 في الكويت، ونشأ في أسرة متدينة. لم تلوثه الموجة المادية الجارفة التي أذهبت كثيراً من صفائه في أيامنا هذه، وقد حرص الوالد علي عبد الوهاب المطوع يرحمه الله على تربيته وإخوته تربية صالحة قويمة. نسبة إلى عثمان عبداللطيف العثمان. وكان من زملائه فيها سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح يرحمه الله. وتخرج يرحمه الله من هذه المدرسة عام 1940م ليمارس حياته العملية في مدرسة الحياة الكبيرة ليحببها إليه ويعينه على أدائها حتى صارت سجية عنده، كما غرس والده في نفسه التعود على مجالس الرجال والتعلم من أخلاقهم وتحمل المسؤولية، فكان يستعين به في استقبال رواد ديوانيته وتقديم القهوة لهم؛ فالتقى بتجار الهند وإفريقيا والجزيرة العربية والعراق والشام وغيرها من البلاد، خاض العم أبو بدر يرحمه الله تجربة الزواج مبكرا لكي ينعم بالاستقرار الأسري وينش أسرة صالحة، غير أن العم أبو بدر كان يعي جيداً أهمية وجود زوجة صالحة تعينه على العفاف وسط معترك الحياة فألّح على والده في الطلب قائلاً:" يا أبي أريد أن أحافظ على نفسي بالزواج المبكر" فوافق الوالد وأثمر زواجه ورزقه الله بالبنين والبنات والذرية الصالحة، فله تسعة أولاد وتسع بنات رباهم جميعهم على الفضائل والالتزام بالمنج الإسلامي. فوالده التاجر المعروف علي عبدالوهاب المطوع كان يعمل في تجهيز السفن المسافرة إلى الهند وإفريقيا للتجارة، ثم اتسعت تجارته بعد ذلك فأنشأ شركة علي عبدالوهاب ذات السمعة المعروفة في السوق الكويتي والخليجي. وكان ابنه الأكبر عبدالعزيز العلي صاحب تجارة واسعة في المملكة العربية السعودية والكويت والعراق. بدأ عبدالله العلي المطوع يرحمه الله حياته العملية كتاجر تحت رعاية والده في سن الرابعة عشرة، حيث كان يسلمه مسؤولية أمانة تجارته أوقات سفره خارج البلاد. فتولى رحمه الله إدارة أموال والده، الذي اعتمد عليه في عقد صفقات كبرى وحمله ذات مرة مائة ألف روبية وكانت مبلغا كبيراً جداً آنذاك بهدف تدريبه وتنمية قدراته ليتولى فيما بعد مهام العمل التجاري وحده. فتربى على الفرح بخدمة الناس وسماع شكاواهم والسعي في حلها بقدر استطاعته. ولذا كان يرحمه الله جواداً سخياً كريما يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. ولما توفي والده يرحمه الله في 28 فبراير عام 1946م، أدار أبو بدر يرحمه الله تجارة أخيه عبدالعزيز وتجارة والده معا - وكان عمره حينئذ 20 ا عاما - ثم تفرغ ا لتجارة والده، فتولى إدارة شركة علي عبدالوهاب وأولاده من وقتها وحتى وفاته يرحمه هللا رغم تعدد شركاء هذه الشركة من جهة، إلا أنهم اجتمعوا على ا من ثالث زوجات، فأدار هذه الشركة وانتقل بها من نجاح إلى نجاح، إذ كانت لديه يرحمه هللا قناعة تامة وجازمة بحرمة الربا، لذلك كان من أوائل المشجعين لتأسيس بنك إسلامي يتعامل وفق الشريعة السمحاء، كان أول من وضح نظامه الأساسي وفكرته حيث كان الاجتماع الأول لفكرة إنشاء بيت التمويل الكويتي في مكتب المرحوم عبد الله العلي المطوع في شارع سالم المبارك بالمرقاب . وقد كانت حينها مغامرة حقيقية في تجربة ناشئة فردية غريبة على الوسط الاقتصادي آنذاك. وفي عام 1952م سافر العم أبو بدر يرحمه الله إلى بريطانيا لأول مرة في حياته، وصار وكيلا اشترى17000 ( سبعة عشر ألف ) لهذه الغسالات في الكويت، وكان ربح هذه الصفقة %100 بحمد الله وتوفيقه. وبعدها سافر إلى الصين واليابان عام 1954م، حيث عقد صفقة أقمشة بمليون روبية لصالح وزارة التربية، «الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ» (سورة البقرة: الآية 262) كان العمل الخيري معلماً بارزاً وركيزة أساسية في حياة عبدالله المطوع يرحمه الله، فقد اتجه إليه على أنه واجب شرعي على كل من ملك ما ينفقه في سبيل الله، وجاره جائع وهو يعلم» رواه الطبراني. ويسعى جاهدا إلى تلبية احتياجاتهم، حتى وصف بأنه أبو المساكين والأيتام، لأياديه البيض التي امتدّتْ بالعمل الخيري في كلّ مكان، ولقب رحمه الله في يوم وفاته بلقب «أمير العمل الخيري». وقد تعددت وتنوعت أوجه الإحسان في حياته يرحمه الله فشملت ما يلي: عمارة المساجد وقد صدق فيه وعد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا يُذْكَرُ فِيهِ اسْمُ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ» رواه ابن ماجه، نذكر منها هنا بعض ما توافرت مادته التوثيقية فقط. بإشراف مكتب جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط بجمعية الإصلاح الاجتماعي. كما قام يرحمه الله بتشييد 17 مسجداً في إندونيسيا بواسطة بيت الزكاة في الكويت. من دول جنوب شرق آسيا تأسس في 20/4/1999م تأسس في 25/4/2001م، ويتسع لعدد 250 مصلياً، بإشراف جمعية الإصلاح الاجتماعي تأسس في 5/2/1999م ، ونفذه مكتب شبه القارة الهندية. وما كان ليخفى على أبي بدر يرحمه الله الثواب العظيم لكافل اليتيم، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «َأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا» رواه البخاري. ولذا أراد يرحمه الله أن يحظى بهذا الثواب العظيم وبصحبة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم في الجنة فكان يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في المسح على رأس اليتيم، وحرص على أن يكفل أكبر عدد ممكن من الأيتام فكفل يرحمه الله 485 يتيم بواسطة بيت الزكاة في الكويت في 18 دولة عربية وإفريقية وآسيوية وأوربية، وقد بلغ إجمالي ما قدمه يرحمه الله من كفالة لهؤلاء الأيتام 173 ألف ومائة دينار في الفترة من ديسمبر عام 2000م وحتى سبتمبر عام 2005م. كذلك وقد أنشأ عدة مدارس في إندونيسيا بواسطة جمعية الإصلاح الاجتماعي. فقال الشيخ المطوع: بأربع فأبى البائع. هكذا تكون التجارة وهكذا تكون المروءة في البيع والشراء. ثم ركبت معه السيارة وذهبت أصلي صلاة الظهر في المسجد، فقال: اجلس معي يا شيخ أحمد حتى تشهد أنني أوقفت الآن سبع عمارات في منطقة خيطان وهي أكبر ثروة عندي في البلد تقدر بالملايين، كيف أنه أخذ يراجع البائع على ريال، وهذا مشهد واحد رأيته والذي لا أعلمه منه لا يحصيه إلا الله، فهو رئيس جمعية الإصلاح الاجتماعي، وهو الذي أسس مع أخيه عبد العزيز عليه رحمة الله جمعية الإرشاد في الكويت التي تحولت بمرسوم أميري إلى جمعية الإصلاح، ويشرف بنفسه على مجلة المجتمع. وكنت أجلس بجانبه الساعات يراجعها كلمة كلمة وحرفا حرفا لا يمل ولا يكل، وهي تتبنى قضايا الأمة من مشرقها إلى مغربها وعلى رأسها قضية الأقصى والإسراء والمعراج. لسنا نحن الدعاة في الكويت وحدنا الذين فقدناه، وأطفالا وصبايا صغارا ويأتي بهم إلى أهله وأم عياله لتحفيظ القرآن كل يوم طول الأسبوع، وأضاف: رأيته أيضا عن قرب وهو يحيط به الفقراء والمساكين في كل فرض صلاة، وهذا يقدم مشروعا للأيتام، يتلقاهم بالترحاب والابتسام. يتحرك الناس خلفه رحمة الله عليه. وطلبت من الحضور أن يكونوا أول المساهمين في إنشاء هذا الكيان المنشود. الذي أقبل علي وهمس في أذني قائلا: إني أتبرع لهذا المشروع بمليون دولار، ولقد ُوفق َت كل التوفيق في اختيار يوسف الحجي لهذا الأمر، ويواصل الشيخ القرضاوي قائلا: »كانت هذه الخطوة بشرى بنجاح دعوتي، يرق لحال المحتاجين ويبغض استغلال حاجاتهم أو المتاجرة بمعاناتهم. وعندما ذهب لاستلامه سمع بكاء أهل البيت، فسأل عن سبب بكائهم، وعلم أنهم اضطروا إلى بيع البيت لسداد ديونهم التي حل أجلها، فقام يرحمه الله بشراء البيت وسجله مرة أخرى باسمهم بعد أن سدد عنهم ديونهم. وإنما ألحق اسم هذه الأسرة بسجل الزكاة عنده، فكانت تتقاضى نصيبها من زكاته إلى أن توفاه الله تعالى. والأهم من ذلك أن هذه الواقعة ظلت طي الكتمان بينه وبين أهل البيت ولم تُعرف إلا بعد وفاته رحمه الله أبو بدر لم يكن مشهوراً بالإنفاق فحسب بل كان من أبرز الدعاة لوحدة العمل الإسلامي وكان دائما يجمع بين الدعاة على اختلاف مشاربهم في بيته، وكان يحارب التغريب، والانخلاع عن شخصية الأمة. ويسأل عن أحوالهم، ومع صغار الدعاة وكبارهم، وبعد مرور ثلاثين عاما من معرفته والاحتكاك به تأكد لي الجواب الذي كنت أبحث عنه، د. دمعت عين العمل الخيري بفقدان العم عبد الله العلي المطوع، يرحمه الله، ومعلماً، في مسيرة عطاء متصل تجاوزت نصف القرن، وفي مجلة المجتمع، ورأيت وسمعت ما لا تحيط به هذه المساحة من الكتابة. لقد كان سور العمل الخيري هو الأشد منعة، النصيب الأوفر من الأجر والمثوبة ما دامت السماوات والأرض، آمين. [فيصل الزامل، وخيره امتد إلى كثير من جمعيات النفع العام التي تقدم خدمات جليلة للأسرة والمجتمع والصحة. وكذلك في مجال الفئات الخاصة بدور الرعاية الاجتماعية، حيث كان يتبرع بالمبالغ الكبيرة للمسنين وغيرهم. حيث كان مدافعاً بلا هوادة ضد الشبهات التي يثيرها أعداء الدين والمتربصون بالعمل الخيري حقداً وكمداً لما صار لهذه الجمعيات الخيرية من قبول في البلد وخارجها بما حققته من إنجازات كان دائماً يفتخر بها كبناء المساجد وكفالة الأيتام ومساعدة الأسر المحتاجة في الكويت. وقد سمعته بنفسي على إذاعة البي بي سي قبل وفاته بساعة ونصف وهو يتحدى وجود أي دليل على وجود شبهات تدين العمل الخيري. والحمد لله على ما قضي وقدر. الوطن الكويتية] تغمده الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جناته إنه سميع الدعاء قلمي توقف حائرا لم يستطع *** حار المداد فلن يخط قوافيا غاب البيان تعثرت كلماته *** فبدا عسيرا وصفه متناهيا ماذا يقول وما تراني كاتب *** عن فاضل بلغ السها متعاليا عن سيد قد كان طودا شامخا *** من كان للدين الحنيف محاميا والمسلمون لفقده فقدوا به *** بدرا به نور الحقيقة زاهيا فلنوره الوضاء فيه هداية *** للدين للإسلام ضوءا هاديا يبدي النصائح مرشدا إخوانه *** فترى الجميع الكل عنه راضيا رجل بسيماه البشاشة والهدى *** وجه يشع النور منه باديا عثرت بي الألفاظ عني باعدت *** من بعد أن كانت تجيء طواعيا غاب القريض فلن يعود مؤانسي *** ويقول لي لن تحتويه معانيا رجل بليغ نادر بلغ السها *** بالمكرمات فصار فيها عاليا لله درك من كريم مصلح *** يعطي الجزيل ولن يكون مباهيا فقدوا بفقدك من يمد لهم يدا *** بيضا لتنقذ هالكا متداعيا