رواد الحداثة والانكفاء على الذات: يمكن القول تقريبًا، ان الاعمال الحداثية التي صدرت خلال الاربعينات لم تكن سوى تمهيد لاعمال يوسف الشاورني وادوار الخراط في مصر وفؤاد التكرلي في العراق وزكريا تامر في سوريا التي تمثل جوهر الكتابة الحداثية في الخمسينيات والستينيات لقد شكلت من خلال اعمالهم الحاسة الحيثة جنبًا الى جنب مع انتصار الحاسة القديمة وكانت في نفس الوقت تعارضها لقد اسس هؤلاء ارضية جديدة وطوروا قصة قصيرة مختلفة جذريًا سبقت زمنها الى حد كبير بدأ الشاورني النشر في مجلة لبنانية شهيرة في الوقت الذي كان بعيش في مصر لقد استفاد من النمو السريع للنشاطات الثقافية في القاهرة في بداية الخمسينيات ونشرت مجموعته الاولى العشاق الخمسة على نطاق كبير سنة 1954 في نفس العام والسلسلة التي نشر بها يوسف ادريس غير انه لم يوفق في جذب حماسة مماثلة للحماسة التي استقبلت به اعمال ادريس وفشلت مجموعته في التأثير في الوسط الثقافي بطريقة مشابهه لتاثير مجموعة ادريس ارخص ليالي لم يكن الشاروني غزير الانتاج ولم ينهل من خبرات عميقة متنوعة غير انه اعتمد عبى بناء ضخم متوازن وهادئ واثرت دراسته للفلسفة على طريقه تناوله للموضوع وعلى طابع الحاسة الحديثة التي تستشف منه تركز اعمال الشاروني على موضوعين رئيسين: الرغبة الملحة للاتصال والتعلق بالوحدة وهما موضوعان متناقضان لكنهما متكاملان فالصراع بينهما يعبر عن صراع اوسع واعمق بين الفرد والمجتمع بين الذاتي والموضوعي بين الواقع الداخلي وواقع المحيط الخارجي فبطله المفضل او بلغة ادق الوهمي رجل تعذبه رؤيته للأمور ومعرفته وحساسيته تخذلانه لانه يفشل في حماية نفسه او تخلصها من واقعه المرير انه يدرك ان قدره بحتم عليه العيش في عالم وجد واكتمل قبله فعليه التأقلم مع حقائق لا يفهمها ولا يستطيع السيطرة عليها فكابوسه ونقطة الضعف التي تسيطر عليه من خلال الخوف يتمثل في الشك الذي يتحول الى علامة استسلام للخوف فالتعابير الانجليزية التي يستهل بها الشاروني احد اكثر اعماله شهره في البلد كان الخوف،