ومن أجمل شعره رائيته المعروفة ومطلعها :أن كنت عاذلتي فسيري نحو العراق ولا تحوري . وبلغ خبرها عمرا ، فأخذ المنخل فقتله ، وكان المنخل يتهم بالمتجردة ، امرأة النعمان بن المنذر وكان للنعمان منها ولدان الناس يقولون أنهما من المنخل ، وهو۱) القائل في النابغة حين وصف المتجردة في قوله : " ما يعرف هذا إلا من جرب . ويبدو أن التعبير عن لواعج الذات تعبير صادم في صدر الإسلام مراقبة السلطة الشديدة للأخلاق والسلوك ، فاتخذ عمر بن الخطاب موقفا حازما من الغزل الذي لا يتحرج في الإعلان عنرغبات النفوس في الجنس الآخر ، وان كان غير بذيء النبرة والغرض ومسارعته إلى معاقبة إحدي النساء المتغزلات أوضحت اتجاه السلطة وموقفها (۲) والمرأة المتغزلة هي الزلفاء " . وكانت شاعرة تحسن الغناء ، فانطلقت ذات يوم تفصح عن ذاتها تتغزل بفارس ذائع الصيت بطولة وجمالا باهراً ، نزل المدينة فأصبح حديث نساء ورجل أحلام ، وكان شعرها بلا شك يجسد الرغبة . قال الواقدي: سمع عمر نشيد شعر في دار ، فوقف فإذا الذلفاء تنشد وتقول : (۳)هل من سبيل إلأي خمر فأشربها أم هل سبيل إلي نصر بن حجاج إلي فتي ما جد الأعراق مقتبل تضيء صورته في الحالك الداجي نعم الفتي في ظلام الليل صورته لبائس أو الملهوف ومحتاج اما الذلفاء فاعتذرت وتاولت غزلها فقبل عمر علانيتها وأطلق سراحها (4) .ويقول صاحب عيون الأخبار (٥) وهذا نصر بن حجاج بن علاط البهزي ، وكان من أجمل الناس فدعابه عمر فسيره إلى البصرة - فأتي مجاشع بن مسعود السكي فدخل عليه يوماً وعنده امراته شميلة (1) وكان مجاشع أميا ، فكتب نصر علي الأرض : أحبك حبا لو كان فوقك لأظلك ، أو تحتك لأقلك ، فكتبت هي : وأنا والله كذلك ، فكب مجاشع علي الكتابة إناء ثمأدخل كاتبا فقرأة ، فأخرج نصراً وطلقها . فقال نصر بن حجاج : ومالي ذنب غير ظن ظننته وفي بعض تصديق الظنون آثام لعمري إسيرتني أو حرمتني وما نلت ذنبا إن ذ الحراموعلق على هذا الشعر محقق عيون الأخبار بقوله : وانا أحسب هذا الشعر مصنوعاً (4) وسمع عمر أعوذ برب الناس من شر معقل إذا معقل راح البقيع مرجلا فقال له عمر : الحق بباديتك (٥) وسواء أكانهذا الشعر مصنوعا أو أصيلاً ، فإنه يؤكد مراقبة السلطة الشديدة للأخلاق والسلوك وأن التعبيرعن لواعج الذات يصادم تلك المراقبة في عصر صدر الأسلام كما يؤكد علي موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - الحازم من الغزل الذي لا يتحرج في الإعلان عن رغبات النفوس فيالجنس الآخر ، وإن كان غير بذيء النبرة والغرض ومسارعته إلى معاقبة قائله :- بالقلب إطلاقاً ، بل هو هجاء استعار رداء الغزل وهنا أطلق عليه بعض الدراسين الغزل المستعاد ،الرغبة في التشهير بأهل المرأة وذويها : من الواضح أن الغزل الكيدي لاصلة لهغرضه التشهير بالخصوم وفضحهم لتلوك الألسنة أعراضهم ، وتتغني بها في المجالس ، والتشهيربأهل المرأة وذويها وان يفضحهم بها . وكان أهل البادية يتأذون عن الغزل ، ولو كان عذريا ،وقد ينتهي التعريض بين أهل البادية في التشبيب إلي فتن وجرائم قاتلة ، وقيل أن الشاعر ابنالدمينة قتل رجلاً من قومه شبب بامرأته ثم قتل به (۲) . وأبي المسور زيادة بين زيد ، وهما مقبلان في ركب منقومهما ، فكانا يتعاقبان السوق بالإبل ، ومع هدية أخته فاطمة ، فنزل زيادة فارتجز وقال : عوجي علينا واربعي يا فاطما مادون مايري البعير قائماً:الاترين الدمع مني ساجما حذار دار منك أن تلائمافاطردت مطر دا عراهما. فعما تبذ القطف الرواسما (1)فغضب هدية حين سمع زيادة يرتجز بأخته ، فتزل فرجز بأخت زيادة وكانت تدعي أم حازم .متي تظن القلص الرواسما والجلة الناجية العياهما (۳)فتشاتما فلما وصلا إلى ديارها جمع زيادة رهطا من أهل بيته فبيت هدية فضر به علي ساعده وشج أباه خشرما وقال زيادة في ذلك (٥)شججنا خشرما في الرأس عشرا ووقفنا هديبة إذ هجانا تركنا بالعويند من حسين نساء يلتقطن به الجماناوقال هدية : (٦). فإن الدهر مؤتنف جديد وشر الخيل أقصرها عذاباوشر الناس كل فتي إذا ما مرته الحرب بعد العصب لاناالشعراء الذين يستغلون سلاح الغزل الكيدي للتشهير بأهل المرأة وذويها.ه - الاعتداد بالنظام الطبقي في المجتمع الأموي : كان تركيب المجتمع الطبقي عندالعرب من أحرار وأموال وعبيد ، يعد الخلاف بين الطبقات والحقد الدنيا على العليا وقد عقد ابن عبد ربه فصلافي العقد الفريد ، صور فيه العرب يسيئون في المعاملة إليالموالي لعصر بني أمية إساءة بالغة "(1) وتمثل هذا الحقد الجارح في غزل سحيم عبد بني الحسماس الذي سجن وعذب ثم قتلإلى 2)قال "الثعالبي " قال الجاحظ : ثلاثة من العبيد قتلوا بسبب العشـق : منهم يسار الكواعب ، ومنهم عيد بني الحسماس ، ومنهم وضاح اليمنوكان سبب قتله تشبيبه الفاضح ، الذي يزعم فيه تمكنه من الشريفات ، لا يقول ذلك إلا انتقاما من أسياده ، وكانت اشعاره تستيركوا من سخطهم عليه علي علمهم بتكذيبه وبراءة ومن ذلك قوله وقد أكثروا ضربه .أن تقتلوني فقد أسخنت أعينكم وقد أتيت حراما وما تظنونا وقد ضممت إلى الأحشاء جارية عذب مقبلها مما تصونوناوقوله : (٥) شدوا وثاق العبد لا يفلتكم إن الحياة في الممات قريب٤)وأبعد في هذا الأسلوب سحيم عيد بني الحسماس في الهجوم علي أعراض القوم الذين كان فيهم ، فكان يصور الموافق ليغيظ المجتمع الذي ازدري لونه واسترقه وحرمه حريته وسخره لأغراضه ،فانبري يمزق بلسانه الأعراض في صور الفحشاء الفاضحة حتي قتل : (٦) " وقال إن : " عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – أمر بقتله لأبيات فاحشة نظمها ،وقال : أن بني الحسماس قتلوه لتغزله بنسائهم ، وذكر بعض الرواة أنهم حفروا له أخدودا ووضع فيه ، وألقي عليه الحطب ثم أحرق (۷)وهكذا كانت هذه الدواعي وراء الغزل الكيدي منذ بدأت بوادر ظهوره في العصر الجاهلي ، ثم ذاع وانتشر في العصر الأموي ، وأسهم في بنائه عدد كبير من الشعراء في الجاهلية ،والإسلام ، ونقلته إلينا كتب الأدب والسير والأخبار .ثالثا : الغزل الكيدي قبل العصر الأموي:أوضح العرض المتقدم عن بوادر ظهور الغزل الكيدي وبواعثه ، أن هذا الضـرب مـــن الغزل ظهر في أخريات العصر الجاهلي ، حيث كانت تقدم به بعض قصائد الفخر والهجاء ، وهو غزل تمهيدي يصطنعه الشاعر في شريفة من شريفات خصومه وخصوم قومه ، ولم يكن يصدر عن حب وعاطفة ، بل عن تصنع وتكلفوا وادعاء ، يريد به قائله أن يغيظ ويشهر بالخصوم وفي بعضالأحيان يكون الباعث عليه التعبير عن اللوائح الذاتية ، أو أن يحس الشاعر بوضاعة حاله وعبوديته وازدراء المجتمع له .ويعد الشاعر المنخل اليشكري (1) من أوائل الشعراء الجاهليين الذين بادروا إلي هذا اللون حيث كان يشبب بهند بنت عمرو بن هند ولها يقول (٢) : ياهند هل من نائل ياهند للعاني الأسيروبلغ خبرها " عمرا" فاخذ المنخل فقتله ، وكان المنخل يتهم بالمتجردة زوج النعمان بن المنذر وكان للنعمان منها ولدان كان الناس يقولون إنهما من المنتخل .هند ، وكان جميلاً كما يقول ابن قتيبة . وقال قبيل قتله يستثير قومه لأخذ بتاره (۳) .طل وسط العبادة قتلى بلاجر م وقومي ينتجون السخالا لا رعيتم بطنا خصيبا ولا زر تم عدوا ، ولا رزاتم قبالا (4)وتعزو بعض الروايات فقتل طرفه بن العبد إلي تغزله يوما بأخت عمرو بن هند ، وقد يرزت لـه وهو ينادمه علي شراب ،ألا يأبي الظبي ال ذي يبرق شـــــــــــفاه ولولا الملك القا عد قد الثمني فاهفحقد عليه وقد حبس طرفة بن العبد في حصن في البحرين وفيه قتل.ومن قبيل الغزل الكيدي ما قاله النابغة الذبياني في " المتجردة " امرأة النعمان ابن المنذرفي قصيدته التي أولها : من آل مية رائح أو معتد . الخ (1) . فوصف فيها ما يجوز ما لا يجوز . فلما سمع المنخل اليشكري هذا الشعر قال للنعمان . ما يستطيع أن يقول مثل هذا الشعر إلا من قد جرب فوقر ذلك في نفسه ، وبلغ النعمان ذلك فخافه فهرب إلي عسان . (٢). 57 وكانت أيام العرب وحروبهم نافذة أطل من خلالها الغزل الكيدي واتخذه الشعراء في مقدمه قصائد الفخر والهجاء جسرا ومن قبيل هذا الغزل ما صدر عن كل من قيس بن الخطيم أتعرف رسما خاطرا والمذاهب - لعمرة وحشا غير موقف راكب .وعبد الله بن رواحة في الحروب التي درات بين الأوس والخزرج قال قيس بن الخطيم شاعر الأوس في يوم بعاث (۳) يتغزل بعمرة أخت عبد الله بن رواحة.وقد بدأ قيس قصيدته التي يفتخر فيها بقومه بهذه المقدمه الغزلية الذي يتغزل فيها بعمــرة أخـــــتعبد الله بن رواحه وأم النعمان بن بشير ، وقد ورد ذكرها في شعره أكثر من مرة لإغاظة عبـــد الله بن رواحة والتشهير بأخته ، وكعادته بدأ في غزله معتدا بشخصيته يدل علي من يعشق ، فأجابه عبد الله بن رواحة بالرد عليه ومعاملته بالمثــــل يتغزل في أخت قيس بن الخطيم ليلي - كما شبب ابن الخطيم بعمره أخت عبد الله بن رواحــــةفيقول : (1)وإذا كانت أيام العرب وحروبهم قبل الإسلام نافذة أطل من خلالها الغزل الكيدي في الشعر الجاهلي ، ولم يقف التعبير عن لواعج الذات عند الشعراء الرجال فحسب وقد سبقت الإشادة إلي ذلك وإنما بدا ذلك في شعر النساء في العصر الجاهلي ، ومن ذلك ما قالته ضاحية الهلالية ، وقد أحبت رجلا اسمهالهلال (1):وإني لأنوي القصــد ثم يردني عن القصد ميلات الهوي فأميـــلوما وجد مسجون بصنعاء موثق لساقيه من حبس الأمير كبول وما ليل مولي مسلم بجديرة بعد ما نام العيون عوبل هذا قليل من كثير مما جاءت به قرائح الشعراء من الغزل الكيدي في العصر الجاهلي أما في عصر صدر الإسلام ، فقد تواري هذا الغزل ، لأنه يتنافي مع تعاليم الإسلام وعندما بدأ شيء من ذلك الغزل تصدي له الرسول ﷺ وعاقب عليه بالقتل كما حدث لكعب بنالأشرف" وكان هذا الغزل الانتقامي سببا في هلاك الشاعر أحيانا كما حدث لكعب بن الأشرف فإنه بكي قتلي بدر شبب بنساء الرسول ﷺ ونساء المسلمين فأمر رسول الله ﷺ محمد بن مسلمة ورهطا معه من الأنصار بقتله فقتلوه "(۲)كما تصدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه - واتخذ موقفا حازما من الغزل الذي لا يتحرج في الإعلان عن رغبات النفوس في الجنس الآخر ، وموقفه من الشاعرة الذلفاء ومعقل بنسنان الأشجعي قد سبقت الإشارة إليهومن هؤلاء الشعراء الذين جري علي السنتهم هذا الضرب من الغزل عبد سحيم بني الحمساس ، وكان يكثر من ذكر نساء بني الحمساس في شعره ، ويصرح ياتيانهن فتهدود وحملوه إلي أمير المدينة فسجنه وجلده ، ولما عادوا به عاود ما كان منه التشبيب الفاضح ، فحبسوه عندهم وعالجوه بالعقوبة ، فلم يرعو فقتلوه أو قذفوة بالنار (۳)وفي شعره وأخباره ما يدل علي انه كان ماجنا يتغزل بالنساء ويعايشهن ، ولأنـــه عبـــد أسود فقد كان النساء يتجرأن علي معاينته ، ولا يجدن في ذلك حرجا - وفي شعره ضروب مـــنوالشاعر عبد الله بن رواحه في هذه المقدمه الغزلية مفتون بصاحبته ، ويؤلمه رحيلها حتي تتردد ودموعه في صدره ، ويظل يبكي خلفها وهي راحلة مبتعدة . ولقد ظل يبكي طوال اليوم من غدوة الشمس حتي رواحها ، وتجمعت فوق صدره جميع همومه البعيدة ، ولكن سرعان ما يكف عن هذا الذي هو فيه ، فيدعو نفسه إلي التنبه والتيقظ – فالحب يدبر إذا لميجد حبيبا مصافيا وخليلا مصاقبا قريباوكثيراً ما اتخذ الشاعر الجاهلي هذا اللون من الغزل الكيدي في مقدمة قصائده جسرا يعبر به إلي موضوع آخر أو غرض آخر كالفخر والهجاء ، فيتسني له ذكر القوة وتحدي الأعداء والخصوم ، واستباحة الحريم ، كما في قول بشر بن أبي خازم الأسدي في الفخر بانتصار بني أسد وحليفتها بني حنبة علي بني عامر وحليفتها بني غيم في يوم الفساد (1)وفيها يقول : عفت من سليمي رامة فكثيبها وشطت بها عنك النوي وشعوبها . هيجتها جنوبهاثم يقول : بني عامر ، فيري النساء اللاتي تصحين القوم ،ويبدو التشنيع هنا تشنيعا عنيفا لإغاظة القوم ، ففيه ذكر للسبي واستباحة للحريم ، وقد تكررت الإشارة إلى نساء عامر وغيم في موضع آخره في شعره (۳) وكم من موضع قد غادروها لهيف القلب كاشفة القناع .والشاعر يتمادي في التشنيع علي نساء أعدائه ويبالغ فلنساء المرضعات المفجوعات حسرن عن : وجوههن من الذعر ، وهن ينادين رجال قومهم بالحاح للعودة إلى القتال ، لأنهم تركوهم للضياعالغزل الماجن المكشوف . ويكثر في شعره من تصوير المغامرات الغرامية ، وأن المرأة علي الرغم من خوفها وتحفظها ، فهي تطيعه وتستجيب له ، وهي تحذره همما يضره أهلها له لو عرفوا سرهما (1) .وماشية مشي القطاه اتبعتها من الستر تخشي أهلها أن تكلما فقالت : صه يا وبح غيرك إنني سمعت حديثا بينهم يقطر الدما فنفضت ثوبيها ونظرت حولها ولم أخش هذا الليل أن يتصرما أعفني بآثار الثياب مبيتها والقط رضا من وقوف تحطما ولاشك أن مغامرات الشاعر هذه - وهو - العبد الأسود - لا يمكن أن يمكن أن تكون حقيقية ، بل هي أحلام من أحلام اليقظة ، وتخيلات وتمنيات . بدليل أنه يحس بوضاعة حاله ، وقبح وجهه ودمامة خلقه ، وعبوديته ، فقد كان سحيم أسود قبيح الوجه معلطاً (۲) ويقر أنه شخص مزدري في مجتمعه ، يقول (۳):أشارت بمدراها وقالت لتربها أعبد بني الحسماس يزجي القوافيا رأت قتبارنا وسحق عباءة وأسود ما يملك الناس عاريايرجلن أقواما ويتركن لمتي وذاك هوان ظاهر قد بدالياوكانت نهايته في حدود سنة أربعين من الهجرة ، وقيل : بل قتل في خلافة عثمان بن عفان ، وكانولاشك أن الحافظ على الأخلاق والمحاماة عن الأعراض إخلاصا أو نزولا لصوت الشرع كان الداعي لما أصاب سحيم من العقاب من جراء غزله .رابعا : الغزل الكيدي في العصر الأموي :ترسم شعراء الغزل الكيدي في العصر الأموي خطا ونهج شعراؤه قبل هذا العصر . ولعل هذا مما حدا بالدكتور / طه حسين إلى القول : " هذا الغزل الهجائي الذي يكاد ابن قيس الرقيات يكون مبتدعه خليق بالعناية ، ويصف الدكتور / الحوفي عبارة طه حسين السابقة بالدقة ، نظراً لأنه لم يحدث تطور في هذا اللون من الغزل منذ ظهورة في العصر الجاهلي . فإنني أعي ما تحمتمله هذه الكلمة من معني ، لأن ابن قيس الرقيات لم يكن مبتدع هذا الغزل ، ولكنه يوشك أن يكون مبتدعه ، إذا نظرنا إلي أنه اصطنعه مقدمة لقصائد المدح وقد كان سابقوه يصطنعونه مقدمة قصائد الفخر والهجاء ، ثم إذا راعينا أنه صور في غزله ما زعم أنه حدث في أحلامه ورؤاه ،من الأحلام في شيء (1)وهؤلاء الشعراء السابقون الذين جدو ابن قيس الرقيات الذي يتمثل في الخصومه السياسية خلاف ما كان عليه عند من سبقوه فكان الباعث عليه الحروب والأيام والعصبية القبلية فهما إلى الفخر و الهجاء أحوج . وفي العصر الأموي اتخذ هذا اللون من الغزل طابعا سياسيا ، فقد حدث أول ماحدث في خلافة معاوية بن أبي سفيان ، وكانت الخصومات السياسية والعداوات القبلية من وراء ذلك ، وكان غرض الشاعر أن يشيب بنساء السلطان أو الأشراف ليفتتضحهم ، وتلوك ألسنة المنشدين والمغنيين أغراضهم ، وكان هذا التشبيب سبة مغيظة تحمل أولي الأمر علي معاقبة الشعراء الخصوم من العقاب . ولم يكن للحب أو الوجد أدني حظ في هذا الغزل ، بل هو غزل كيدي ، وهو أدخل في باب الهجاء منه في بـــاب الصبابة والنسيب . ودعت الخصومة بين الأنصار والأمويين عندما آلت الخلافة إليهم إلى بعث الغزل الكيدي وإحيائه ، فتغزل عبد الرحمن بن حسان بن ثابت بابنة معاوية وأحنق أخاها يزيد فيعهد أبيه إذ يقول ):صاح حيا إلا له أهلاو دارا عند أصل القناة من جيرون أم هل طمعت يابن حسان في ذا ك كما قد أراك قد أطعمت مني" وكان معاوية واسع الحلم أغضي عن شاعر الأنصار لمكانتهم والحرمتهم ،