ولو عددت لك الفروق بيني وبينك، ولكن برغم كل هذا فالفروق مهما كانت فروق جزئية، ولا يزال بيني وبينك وجوه فالتغريات بني الناس مهما اختلفت الأزمنة والأمكنة تغريات أما الإنسان في جوهره والجمعيات البشرية في نزعاتها الأصيلة ومن أجل هذا كانت تجارب السلف تفيد الخلف. مهما اختلفت بيئاتنا ومدارسنا وثقافتنا. أهم ما جربت في حياتي أني رأيت قول الحق والتزامه، لقد احتملت في سبيل ذلك بعض الآلام، الأنام، وضاعت عليَّ من أجله بعض املصالح، لقد استفدت منه راحة الضمري، واستفدت منه ثقة الناس بما أقول وما أعمل، ومع هذا فقد استفدت ً منه أيضا ماديٍّا أكثر مما استفاد غريي، ممن لم يلتزموا الحق ولم يراعوا الصدق والعدل. ضمائرهم، ً للجاه أو العلو في املنصب، وخسروا الضمري، فلو حسبت حظا. تكن النتيجة. ً ا وفشلوا فشلا ً ذريعا، بل عيبهم أنهم التزموا هذه وتحروا العدل ولكن الذنب ذنب السماجة. فتعلَّم من هذا أن تقول الحق في أدب وتتحرى العدل والصدق في لباقة ولياقة. فمن غضب بعد ذلك كان ويهب عليك من ً واللفحة الحارة نسيم ً ا عليلا. ً ومن أهم تجاربي أيضا أني رأيت كثريًا من الناس يخطئون فيظنون أن املال هو كل شيء في الحياة. للمال، وبشرط ألا يكون ما تحصله كثريً ٍّ ا جم ً ا، فتنقلب عبد ً ا له، فإن فمنهم من بدأ حياته يطلب املال على أنه وسيلة ثم استمر في طلبه بعد أن استوفى وقد دلتني التجارب على أن أسعد الناس من وضع ونظر إلى املال على ٍّ ٍّ ً املال في موضعه اللائق به، أنه وسيلة من وسائل السعادة لا كل السعادة، ولم يطلبه إلا مع الشرف والعزة والإباء. أنه لم يعجبني موقف زماننا من الدين ولا موقف زمانك، ً لا سماحة فيه، متشددا لا لني فيه، مغلقً ا لا عقل فيه، والدين في زمانكم متضائل لا حياة منسي لا ذكر له، والحياة السعيدة كما دلتني التجربة حياة ترتكز على الاعتقاد بإله يركن إليه ويعتمد عليه، ويملأ القلب رحمة وعطفً ا وحبٍّا لخري الإنسانية. وألا يكون ضيق الأفق فيناهض العلم، له مجاله وللعلم مجاله، وأن الدين الصحيح لا يناقض العلم الصحيح، ً جميعا للإنسانية، هذه، يا بني، بعض تجاربي في الحياة وما أكثرها! ولكني أخشى أن أطيل عليك فتمل،